مستوطنون يحرقون مسجدا في الضفة والفلسطينيون يحذرون من حرب دينية

حكومة نتنياهو تدين والرئاسة الفلسطينية تحمّلها المسؤولية وتطالب باعتقال الفاعلين

صبي فلسطيني ينظر إلى الأضرار التي خلفها حريق أشعله مستوطنون داخل مسجد جبع الكبير (رويترز)
TT

حمّلت السلطة الفلسطينية وحركة حماس، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة، عما وصفته «المسلسل الشيطاني والمجرم»، المستمر في استهداف مساجد ودور عبادة في الضفة الغربية، على يد مستوطنين متطرفين. وطالبت بوقف هذه الاعتداءات واعتقال القائمين عليها، قبل أن يجروا المنطقة إلى «حرب دينية».

وأحرق مستوطنون، أمس، مسجد «جبع» الكبير في قرية جبع القريبة من رام الله والقدس، وهذا سادس اعتداء من نوعه على المساجد في غضون عام واحد.

وتنتهج جماعة من المستوطنين تطلق على نفسها جماعة «تدفيع الثمن» هذا الطريق، وتهاجم بين الفينة والأخرى مساجد ومنازل فلسطينيين في قرى قريبة من المستوطنات والقدس، ردا على إخلاء الحكومة الإسرائيلية، منازل مستوطنين في الضفة. وكتب مهاجمو المسجد على جدرانه بعد إحراقه، عبارة «انتقام» و«دفع الثمن» و«الحرب بدأت»، بينما يعتقد أنه رد على نية الحكومة الإسرائيلية، إخلاء وهدم خمسة بيوت في البؤرة الاستيطانية «غفعات أولبنا» القريبة من مستوطنة «بيت أيل» شرق مدينة رام الله، وفقا لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية.

وكان ممثلون عن المستوطنين والحكومة الإسرائيلية قد توصلوا إلى صفقة، الليلة قبل الماضية، حول تنفيذ قرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية يقوم بموجبها المستوطنون بإخلاء بيوتهم بإرادتهم من دون تدخل الشرطة. وبالمقابل، تبني لهم الحكومة أبراجا سكنية عالية من الفيللات في بيت أيل تتضمن 300 وحدة سكنية، إضافة إلى المصادقة على مشاريع استيطان أخرى تشمل مئات البيوت في مستوطنات أخرى.

وتقول جماعة «دفع الثمن» إنها تحاسب الفلسطينيين على ذلك.

وأدان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إحراق المسجد، وحمّل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، مشددا على أن استمرار هذا المسلسل العدواني الذي يحمل أهدافا شيطانية، ويظهر مدى عدم جدية الحكومة الإسرائيلية في الحفاظ على الأمن، ناهيك بأنه لا يخلق أجواء استقرار في المنطقة.

كما حمّل محمود الهباش، وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن إحراق مسجد قرية جبع. وقال الهباش وهو يتفقد المكان، إن دعم وحماية حكومة نتنياهو للمستوطنين، هو الذي يشجعهم على اقتراف مثل هذه الجرائم التي تتم تحت حماية الجيش الإسرائيلي.

وأضاف الهباش، أن «استمرار إسرائيل في هدم وحرق المساجد يعد عدوانا على العقيدة والأمة الإسلامية كافة، وأن السلطة الوطنية الفلسطينية قررت سلك كافة السبل على المستوى السياسي، لمواجهة هذه الهجمة الشرسة انطلاقا من مبدأ أن واجب الدفاع عن فلسطين هو تكريس لشرعية الفلسطينيين، وأنه يجب محاربة منطق القوة التي تعتمد عليه إسرائيل». وتابع، «الصمت على هذه الجرائم يشجع المعتدين على الاستمرار في عدوانهم ومخالفتهم للأنظمة الدولية التي تحمي دور العبادة».

وأصدرت الخارجية الفلسطينية، بيانا، قالت فيه «إن استهداف دور العبادة الفلسطينية، المسيحية والإسلامية، يشكل تصعيدا خطيرا في الأوضاع، ودعوة للحرب الدينية في المنطقة، ولتدمير فرص المفاوضات والسلام، وهي ترجمة فعلية لمفهوم الدولة اليهودية التي تروج لها الحكومة الإسرائيلية».

ودعت الخارجية، المجتمع الدولي، والأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة، «للتصدي لهذا العدوان وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وضمان حرية العبادة، والحصانة لأماكنها وقدسيتها». كما دعت الرباعية الدولية «للتحرك الفوري من أجل وقف وإنهاء الاحتلال والاستيطان، وحماية حل الدولتين قبل فوات الأوان، والعمل على إلزام الحكومة الإسرائيلية بمرجعيات عملية السلام ومبادئها الدولية».

أما حركة حماس، فدعت الشعب الفلسطيني «إلى التكاتف والوقوف في وجه جرائم الاحتلال ومستوطنيه»، كما وجهت دعوة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والمنظمات الحقوقية كافة إلى العمل من أجل وقف جرائم الاحتلال العنصرية».

ولم يكتف الفلسطينيون بالإدانة، وأمر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإعادة إعمار المسجد، قبل يوم الجمعة، كما رفض الفلسطينيون الإدانة الإسرائيلية للحادثة، وقالوا إن المطلوب هو وقف هذه الجرائم واعتقال العصابات التي تقف خلفها.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أدان إحراق مسجد قرية جبع. وقال في بيان صدر عن ديوانه، «إن هذا العمل قام به أشخاص خارجون على القانون ويفتقرون إلى التسامح والمسؤولية»، مؤكدا «إنه سيجري العمل على تقديمهم للمحاكمة على وجه السرعة». كما استنكر وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك ووزير الأمن الداخلي، يتسحاق أهارونوفيتش، الاعتداء، وأصدر باراك تعليماته إلى الجهات الأمنية المختصة لإلقاء القبض على الفاعلين ومعاقبتهم، بينما وصف أهارونوفيتش الاعتداء على المسجد بأنه عمل آثم وحقير.

وانسحب هذا على موقف الأجهزة الأمنية في إسرائيل. وقال الجيش الإسرائيلي إن إحراق المسجد يعتبر توتيرا للوضع الأمني في المنطقة وباقي مناطق الضفة الغربية. وقال المفتش العام للشرطة الجنرال يوحنان دانينو، إن الأعمال المسماة أعمال تدفيع الثمن خطيرة ويجب القضاء عليها.

أما وزير الشؤون الدينية، يعقوب مرغي، فاستنكر بشدة إضرام النار في المسجد، واصفا هذه العملية بغير اليهودية وطالب بتقديم الواقفين وراءها إلى المحاكمة.

وعقب أبو ردينة على هذه التصريحات الإسرائيلية قائلا «إن هذه الإدانة لا تكفي، عليهم وقف هذه الاعتداءات على دور العبادة والمواطنين ومحاسبة الذين يقومون بهذه الأعمال».