المواجهات بين الجيش اللبناني والفلسطينيين تتوسع لتطال عددا من المخيمات

غصن: الاعتداء على مراكز الجيش عمل خطير لا يصب في مصلحة الأشقاء الفلسطينيين

TT

من شمال لبنان إلى جنوبه، تنقلت الأحداث الأمنية خلال اليومين الماضيين، وبالتحديد من مخيمات نهر البارد والبداوي إلى عين الحلوة والرشيدية، حيث كان الجيش اللبناني ومراكزه في مرمى حجارة عدد من اللاجئين الفلسطينيين المحتجين على الإجراءات الأمنية المشددة المتخذة في نهر البارد منذ 5 سنوات لتنتقل بعدها لاحتجاجات على مقتل فلسطينيين نتيجة الاشتباكات التي تطورت إلى حرق دواليب وإطلاق نار.

وكان مخيم عين الحلوة ليل أول من أمس شهد على مسيرات، بدأت سلمية، احتجاجا على الأوضاع في نهر البارد، ما لبث أن انتقل المشاركون فيها إلى العنف فرشقوا عناصر الجيش اللبناني المتمركزين عند مدخل المخيم بالحجارة، ومن ثم حطموا الحاجز بعد انسحاب العناصر منه.

وتوضح مصادر ميدانية فلسطينية تفاصيل ما حصل، لافتة إلى أن «المسيرات الاحتجاجية كان من المفترض أن تجوب داخل المخيم فقط إلا أنها توجهت من منطقة التعمير باتجاه حاجز الجيش الذي قابلها بكثير من التفهم فتراجعت عناصره باتجاه الحاجز الرئيسي، لكن عددا من الشبان حطموا الحاجز وحاولوا إضرام النيران فيه.. وقد تطور الأمر لإطلاق نار داخل المخيم أدى إلى مقتل أحد الشبان ولاعتداء على حاجز آخر للجيش اللبناني في الحسبة التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي للمخيم».

وتتحدث المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أجواء حذر تسود «عين الحلوة» بعد الإضراب العام الذي شل المخيم يوم أمس، مؤكدة أن الفصائل الفلسطينية كافة تبذل جهودا جبارة لتهدئة النفوس وضبط الأوضاع.

وبينما رد قائد الجيش العماد جان قهوجي ما حصل مؤخرا في المخيمات إلى «أطراف تحرك الحوادث المتنقلة من منطقة إلى أخرى»، محذرا من التوترات المفتعلة، ومؤكدا عدم السماح بإشغال الجيش وحرفه عن مهمته، أكد وزير الدفاع فايز غصن، أن «ما حصل في مخيمي نهر البارد وعين الحلوة، هو محاولة من قبل البعض، للاستفادة من الواقع السياسي المأزوم والانقضاض على الأمن في المخيمات والعبث بالاستقرار السائد»، مشددا على أن «الاعتداء على مراكز الجيش اللبناني، هو عمل خطير، لا يصب إطلاقا في مصلحة الأشقاء الفلسطينيين».

فلسطينيا، أعرب أمين سر الساحة اللبنانية لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، اللواء فتحي أبو العردات، عن خشيته من أن يكون ما حصل في اليومين الماضيين محاولة من قبل البعض لقطع الطريق على ما تم التفاهم عليه مع الجيش اللبناني حول إرساء تفاهمات أساسية لترتيب الأمور وتخفيف الإجراءات حول مخيم نهر البارد، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك من يسعى إلى زج الفلسطينيين في آتون المشكلات اللبنانية والإقليمية، إلا أننا نعمل على معالجات جذرية للتطورات سياسيا وميدانيا»، مؤكدا أن الوضع في المخيمات كافة تحت السيطرة، على أن يتم إنهاء الحالة العسكرية حول «نهر البارد» تدريجيا.

بدوره، رد مسؤول الجبهة الشعبية – القيادة العامة، أبو عماد رامز مصطفى، ما حصل في نهر البارد لحالة الاحتقان التي يعيشها الفلسطينيون منذ 5 سنوات نتيجة فرض حالة عسكرية على المخيم، معتبرا أن الإشكال الأخير الذي وقع بين أهل المخيم والجيش لم يكن يستدعي إطلاق النار، خصوصا أن الجيش كان يتعاطى بكثير من المرونة مع الأحداث التي وقعت مؤخرا شمال لبنان. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المحتجون الفلسطينيون لم يطلقوا النار ليبادر الجيش لإطلاق الرصاص وكل ما فعلوه هو إحراق الدواليب احتجاجا كما يفعل اللبنانيون يوميا».

وأعرب أبو عماد عن تخوفه من أن هناك مندسين ومتضررين يسعون لإقحام مخيمات الشمال بالتحديد في التوتر الأمني الحاصل شمال البلاد منذ فترة قائلا: «هناك من يصب الزيت على النار ويسعى إلى الإيقاع بين الجيش اللبناني والفلسطينيين»، مؤكدا في الوقت عينه التوافق بين كل الفصائل الفلسطينية على عدم السماح لاستدراج الفلسطينيين إلى الأزمة السورية أو الحوادث اللبنانية والتمسك بسياسة النأي بالنفس.

وحمل ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، أبو عماد الرفاعي، «الحكومة اللبنانية كامل المسؤولية عن دماء أبناء شعبنا وأهلنا التي سالت بسبب السياسات الخاطئة للحكومات اللبنانية المتعاقبة، وإصرارها على التعاطي الأمني البحت مع المخيمات، والتنكر لكافة حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إيفاء الحكومة بتعهداتها في إعادة إعمار مخيم نهر البارد، وإقرار كل الحقوق الإنسانية والاجتماعية والمدنية لشعبنا في لبنان». وقال الرفاعي: «إننا ندين عمليات القتل واستسهال إطلاق النار على شعبنا الأعزل، ونرفض الحالة العسكرية القائمة في مخيم نهر البارد التي حولته إلى منعزل مقطوع عن محيطه منذ ما يزيد على 5 سنوات، ونطالب بإنهائها دون إبطاء، كما نطالب بإلغاء نظام التصاريح غير الإنساني المفروض على أهلنا في مخيم نهر البارد، الذين نرفض أن يتحولوا إلى مكسر عصا لأحد.. فالدم الفلسطيني، مثل أي دم آخر في العالم، ليس مباحا لأحد انتهاك حرمته».

بدورها، اعتبرت النائب بهية الحريري أن «ما جرى في عين الحلوة، وقبله في نهر البارد، يتطلب العمل الجدي والحثيث من الجميع لبنانيين وفلسطينيين، وعلى كل المستويات من أجل إعادة ترتيب وتحصين العلاقة بين المخيمات والجيش اللبناني منعا لاختراق وضرب هذه العلاقة».