الهمامي لـ«الشرق الأوسط»: الحكومة التونسية تهادن التيارات السلفية

رئيس حزب العمال الشيوعي يدعو المعارضة إلى توحيد صفوفها

TT

انتقد حمة الهمامي، رئيس حزب العمال الشيوعي التونسي، التعاطي الحالي لحكومة حمادي الجبالي مع المتسببين في أعمال العنف والتخريب التي عرفتها البلاد في الآونة الأخيرة.

وقال الهمامي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة تهادن التيارات السلفية المتشددة، ولا تسعى البتة إلى قطع السبيل أمام أعمالها «المتطرفة».

وانتقد الهمامي المعارضة التونسية الحالية، وقال إن وضعها الحالي لا يمكن أن يغير الكثير من واقع الخارطة السياسية، داعيا إياها إلى توحيد صفوفها في انتظار موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.

وحمل الهمامي الحكومة مسؤولية ما يحدث من انفلات أمني في جهات تونسية عدة، ونفى أن تكون المسؤولية موزعة على أكثر من طرف، ووجه اتهاماته إلى التيارات سلفية، وقال إنها أشعلت نيران التخريب والحرق لكن المسؤولية ترجع في كل ذلك إلى الحكومة التي عجزت خلال قرابة ستة أشهر من الحكم على حل لغز السلفيين، وتحجيم أدوارهم الغامضة من فترة إلى أخرى.

واتهم الهمامي الحكومة الحالية بمهادنتها السلفيين، وتقليلها المتعمد من خطورة المد السلفي، والحال أن العديد من الجرائم ترتكب تحت غطاء السلفية، وهي طريقة تعامل تفتح البلاد كلها على المجهول.

وبشأن الطرف المستفيد من وجود التيارات السلفية، قال الهمامي إن الأسئلة عديدة ومتنوعة ولا شك أن أطرافا خارجية وداخلية مستفيدة من ضغط التيارات السلفية على الساحة السياسية في تونس. وأضاف موضحا: «أعتقد أن عدم الحسم في ملف السلفيين يترك الأسئلة تتشعب أكثر».

وتساءل الهمامي: «لمصلحة من ترتكب الأعمال الإجرامية، ولماذا لا يتم استئصال الأفكار المتطرفة من الشارع التونسي؟».

وحول الدور الذي يمكن أن تلعبه الأقلية المعارضة في تحجيم التيار السلفي، اعتبر الهمامي أن وجود التيارات المتشددة قد يهدد الثورة بالانحراف، وإعادة الأفكار الاستبدادية إلى المشهد السياسي التونسي، وقال إنه من واجب كل الأطراف التنبيه إلى هذا الخطر وصيانة أهم مكسب للشعب التونسي أي ثورة 14 يناير (كانون الثاني) 2011.

ودعا الهمامي المعارضة إلى توحيد صفوفها حتى يقع قطع الطريق أمام من يريد تخريب تونس ودفع أهلها إلى التقاتل.

وقلل الهمامي، من ناحية أخرى، من أهمية الدور الذي قد تلعبه المعارضة في الحد من ضغط التيار السلفي، وقال إنها غير مؤهلة للعب هذا الدور الحاسم خلال هذه المرحلة من تاريخ تونس.

وأضاف الهمامي أن المعارضة في تونس أصبحت مجموعة من «المعارضات» منها «الثورية» ومنها «الديمقراطية»، وهناك معارضة ثالثة «إصلاحية»، وأخرى «رجعية يمينية» لا تزال تعيش تحت ظلال النظام السابق.

واعتبر أن الحكومة الحالية تدرك هذا الأمر جيدا، وتعمل على المزيد من تشتيت صفوف المعارضة، وهي تتعامل مع المسألة على أساس أن المعارضة ليست موحدة القوى، ولا تنظر إلى الأحداث من نفس المنظار. وقال إنها تحاول كلما جدت أحداث خطيرة رمي التهمة في ملعب اليسار والعلمانيين أو الحداثيين دون أن تقدم أدلة بشأن ما توجهه من اتهامات.

وقال الهمامي «نحن نريد من الحكومة التي أوصلتها صناديق الاقتراع إلى الحكم ألا تتغاضى عن الفاعلين الحقيقيين للعديد من الجرائم، وأن لا تستعمل طريقة التشكيك في القيادات السياسية لأجل (شيطنتها) وعزلها عن ساحة الصراع السياسي».

وفي ذات السياق، نفى الهمامي التهم الموجهة لحزب العمال الشيوعي التونسي بخصوص وقوفه وراء مجموعة من الاحتجاجات والاعتصامات، وقال إن الحزب الشيوعي لا يقيم علاقات إلا مع القوى الثورية والديمقراطية، وهو حريص كل الحرص على تحقيق أهداف الثورة، مشيرا إلى أن حزبه متمسك بأهداف الثورة، وإقامة نظام سياسي واجتماعي عادل، وتوزيع الثورة بشكل منصف، وتمكين الفئات الضعيفة والهشة من إمكانية تطوير إمكاناتها الذاتية والقطع النهائي مع ممارسات العهد السابق.

وتساءل الهمامي إن كان من يعمل من أجل هذه الأهداف ويحاول تنفيذها سيرمى بتهمة «التجمع» أو«جماعة الجذب إلى الوراء» فكل هذه التهم حسب رأيه باطلة ولا بد على الحكومة الحالية أن تؤكد جدارتها بنقل التونسيين نحو حياة أفضل.

وبشأن الرجوع إلى تطبيق قانون مكافحة الإرهاب، اعتبر الهمامي أن هذا القانون الذي يعود إلى سنة 2003 غير دستوري، وقال إن النظام السابق وضعه بإملاءات مباشرة من الدوائر الاستعمارية وخاصة الأميركية في إطار ما سمي «مقاومة الإرهاب». وأضاف أن الحكومة الحالية لا يمكنها بعد الثورة مواصلة نفس نهج النظام السابق في التضييق على الحريات، وتصفية الخصوم السياسيين عن طريق قانون ظالم يشرع للمحاكمات الجائرة. وحذر الهمامي من أن تلجأ إليه السلطات القائمة للالتفاف على أهداف الثورة.

وحول الطريقة المثلى في محاكمة من أحرقوا وخربوا مقرات رسمية وحزبية ونقابية، قال الهمامي إنه من الأفضل أن تقع محاكمة من أجرموا وفق القوانين التونسية العادية التي تضمن للمتهمين محاكمة عادلة ونزيهة. واعتبر أن لتونس ما يكفي من القوانين على غرار القانون الجنائي لتسليط أقصى العقوبة على المخربين.