مستشفى المعادي العسكري.. محطة اللحظات الأخيرة في حياة رؤساء مصر

السادات وصل إليه قتيلا ومحمد نجيب وشاه إيران وأم كلثوم توفوا فيه

TT

رغم السمعة الطبية والعلمية الجيدة التي يتمتع بها مستشفى المعادي العسكري (جنوب القاهرة) لدى المصريين، فإنه يرتبط في ذاكرتهم بأنه محطة اللحظات الأخيرة لرؤساء مصر والكثير من رجال الدولة والمشاهير، فبين جدرانه لفظ الرئيس الأسبق محمد أنور السادات أنفاسه الأخيرة، عقب إطلاق النار عليه في حادث المنصة الشهير عام 1981، وذلك أثناء حضوره الاحتفال بذكرى نصر السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973.

إلى جانب ذلك يتمتع المستشفى بمكانة مهيبة بين مستشفيات مصر، فهو أكبر مستشفى عسكري. وأصبح منذ أول من أمس محط أنظار العالم إليه، بعد انتقال الرئيس السابق مبارك إليه.

يرقد مبارك على سرير المرض، بينما تستجمع ذاكرته المشوشة ملامح المكان نفسه الذي تولى منه فعليا حكم مصر، فذاكرة مبارك تحمل لمستشفى المعادي العسكري مشهدين يمثلان علامة فارقة في تاريخه، الأول في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1981: يدخل حسني مبارك نائب الرئيس آنذاك إلى مستشفى المعادي العسكري مسرعا ليجد أن رئيسه أنور السادت قد لفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن أطلق إسلاميون متشددون النار عليه في عرض عسكري، وتطلب منه جيهان السادات قرينة الرئيس الراحل أن يتوجه إلى مجلس الوزراء ليتولى السلطة حفاظا على مصر.

أما المشهد الثاني، فجرى في التاسع عشر من يونيو (حزيران) الحالي، حيث تدخل سيارة إسعاف مسرعة من الباب الرئيسي لمستشفى المعادي العسكري وسرعان ما تفتح أبوابها لينقل المسعفون حسني مبارك الرئيس السابق والنزيل الحالي بسجن طرة - حيث يقضي عقوبة السجن المؤبد - لإسعافه، حسبما أفادت أنباء متضاربة في القاهرة الليلة قبل الماضية.

يقع مستشفى المعادي العسكري على كورنيش النيل بضاحية المعادي (جنوب القاهرة)، ويتكون من ستة طوابق يكسوها من الخارج اللون الأبيض. وهو مجهز لاستقبال الطائرات المروحية، إذ يضم مهبطا للطائرات، حيث هبطت الطائرة المروحية التي حملت جثمان الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 بعد حادث اغتياله.

ويحيط بالمستشفى سور حديدي مطلي باللون الأسود يمتد لنحو كيلومتر على طريق كورنيش النيل، كما يمتد لنحو 600 متر إلى داخل عمق منطقة المعادي. ويضم السور خمسة أبواب للمستشفى، أولها مخصص للضباط أصحاب الرتب العالية، والثاني والثالث للمرضى، والرابع للعاملين في المستشفى، أما الخامس فمخصص للزوار من أهالي المرضى. ويضم المستشفى الذي يعرف رسميا باسم «المجمع الطبي للقوات المسلحة بالمعادي» عدة مبان، منها المبنى الرئيسي ومبنى أمراض الكبد ومبنى أمراض الكلى ومبنى لعلاج الأورام ومبنى للأمراض النفسية والعصبية.

ويقيم مبارك منذ نقله إلى المستشفى الليلة قبل الماضية في الطابق الثالث من المبنى الرئيسي، وهو الطابق الذي يقع به قسم الأشعة، وقسم الأمراض الباطنية والقلب وقسطرة القلب، حيث تم تجهيز جناح خاص لمبارك في هذا الطابق تحيط به حراسة مشددة، من القوات المخصصة.

ويضم الدور الأول بالمستشفى ثلاجة حفظ الجثث، ومرآب لسيارات الأطباء وقسم العلاج الطبيعي والمطبخ المركزي للمستشفى. بينما يضم الطابق الثاني معمل التحاليل وبنك الدم، ويضم الطابق الرابع قسم المسالك البولية والأطفال والجراحة العامة وجراحة العظام، ويحتوي الطابق الخامس على أقسام النساء والولادة والأنف والأذن والحنجرة، بينما يضم الطابق السادس قسم المخ والأعصاب والأمراض العصبية، وفي الدور السابع يوجد قسم الأوعية الدموية.

ويتولى اللواء سمير خلف الله حاليا إدارة مستشفى المعادي العسكري، الذي يشتهر بإتاحة الفرصة للمدنيين بالعلاج فيه، خاصة عندما يزوره أحد الأطباء الأجانب لإجراء عدد من العمليات الجراحية والكشف على بعض الحالات، وفي هذه الحالة تقوم إدارة المستشفى بنشر إعلان في الصحف عن ذلك.

ومنذ الإعلان قبل أيام عن احتمال نقل مبارك إلى المستشفى قامت إدارته بإعداد جناح خاص للرئيس السابق الذي أطاحت ثورة 25 يناير 2011 بنظامه، كما تم أيضا تشديد إجراءات الأمن داخل وخارج المستشفى وظهرت سيارات مدرعة تقف خلف أبوابه من الداخل.

واشتهر المستشفى بأنه المكان المفضل لعلاج كبار رجال الدولة في مصر، والشخصيات العامة، ومن أبرز من تلقوا علاجهم في المستشفى اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر بعد إعلان الجمهورية، والذي توفي في مستشفى المعادي العسكري عام 1984، بعد أن أفرج عنه مبارك من الإقامة الجبرية التي فرضت عليه منذ عام 1954.

وكذلك شاه إيران، الذي انتقل للإقامة بمصر بعدما أطاحت به الثورة الإسلامية عام 1979، وعندما مرض قرر السادات علاجه بالمستشفى حيث أقام في جناح خاص بالطابق السادس. كما توفيت سيدة الغناء العربي أم كلثوم عام 1975 في ذات المستشفى، بعد أن قضت فيه أياما للعلاج. كما تلقى العلاج بذات المستشفى عدد من كبار القادة العسكريين في تاريخ مصر المعاصر، خاصة قادة القوات المسلحة إبان حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973.