الشرطة تشتبك مع طلاب متظاهرين في الخرطوم

واشنطن تعرب عن قلقها

TT

اشتبكت شرطة مكافحة الشغب السودانية بالهراوات مع طلبة محتجين في الخرطوم أمس، وألقت عليهم قنابل مسيلة للدموع في رابع يوم من المظاهرات المناهضة للحكومة السودانية. وتقود جماعات طلابية مظاهرات في الخرطوم ضد خطط الحكومة لرفع الدعم الحكومي عن المحروقات لخفض الإنفاق، مما يسبب ارتفاع الأسعار في السلع الضرورية. وشهد السودان ارتفاعا في أسعار الغذاء وتراجعا في قيمة العملة منذ انفصال جنوب السودان قبل عام، واقتطع ذلك نحو ثلاثة أرباع إنتاج البلاد من النفط الذي يلعب دورا حيويا في الاقتصاد.

وقال ناشطون وشاهدان إن قوات مكافحة الشغب التي تحمل العصي أغلقت أمس طريقا رئيسيا وطاردت عشرات الطلاب في الشوارع المحيطة بجامعة الخرطوم. وعلقت في الأجواء رائحة الغاز المسيل للدموع. وقال الشاهدان إن الطلبة المحتجين أخذوا يرددون هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام» وألقوا حجارة على الشرطة.

وقال الرئيس السوداني عمر البشير الاثنين الماضي إن الحكومة ستلغي تدريجيا الدعم عن الوقود، وتقلص عدد موظفي القطاع العام، وتزيد الضرائب على السلع الاستهلاكية والبنوك والواردات لسد العجز في الميزانية.

إلى ذلك، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن السلطات أفرجت أمس عن مراسل لها بعد أن احتجزته في جامعة الخرطوم. وذكرت الوكالة أن مراسلها سايمون مارتيلي، وهو بريطاني الجنسية، احتجز وقت الظهر تقريبا أمس بينما كان يلتقط صورا ويتحدث مع طلبة في الجامعة. وقالت إنه احتجز لأكثر من 12 ساعة دون توجيه اتهامات له.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحكومة تخطط لتخفيض عدد الوزراء الاتحاديين إلى أكثر من النصف، وتقليص عدد وزراء الدولة إلى خمسة أو أقل. وسيتم الاستغناء عن جميع مستشاري الرئيس، لكن سيظل مساعدو الرئيس في مواقعهم». وأضافت المصادر: «إن التخفيض في عدد الوزراء الاتحاديين والدستوريين يأتي ضمن الإجراءات التي ستتخذ لمعالجة الوضع الاقتصادي المتدهور. وأن بعض الوزراء والمستشارين بدأوا في تقديم استقالاتهم كخطوة استباقية تساعد في تنفيذ توجيهات الدولة في خفض أعضاء الحكومة والدستوريين».

على صعيد آخر، قالت مصادر طلابية في لجان التنسيق الطلابية لـ«الشرق الأوسط»، التي تفضل دائما عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، إن مظاهرات الأمس انطلقت من جامعة الخرطوم في اليوم الخامس على التوالي ضد زيادة الأسعار ورفع الدعم عن الوقود. وأضافت: «مظاهرات اليوم (أمس) تجاوزت قوات الشرطة ووصلت بالقرب من القصر الرئاسي لتوصيل صوت المتظاهرين إلى البشير داخل القصر». وأشارت إلى أن قمع المحتجين هذه المرة كان أعنف وسقط عدد من الجرحى وسط الطلاب تم نقلهم إلى المستشفى. وقالت المصادر إن عدد المصابين يصل إلى نحو 80 مصابا تم ضربهم «بالسيخ والمدى». وأضافت: «لقد سمعنا أصوات رصاص داخل الحرم الجامعي وتم استخدام القنابل الحارقة وقذف المتظاهرين بعلب الغازات المسيلة للدموع في وجههم، وأن بعضهم حدثت لهم تشوهات». وقالت إن الشوارع الرئيسية وسط الخرطوم تم إغلاقها بالكامل وإن الاعتقالات تتم وسط الطلاب وعدد من المواطنين الذين شاركوا لأول مرة أمس في المظاهرات، وإن آخرين اكتفوا بالهتافات والتصفيق.

ومن جهتها عبرت الولايات المتحدة عن عميق قلقها من قبل ما وصفته بحملة القمع التي شنتها السلطات السودانية على المتظاهرين سلميا في الخرطوم خلال الأيام الثلاثة الماضية. وقال بيان من الخارجية الأميركية: «نحن ندعو الحكومة السودانية إلى احترام حق مواطنيها حرية التعبير والتجمع السلمي من أجل رفع شكاواهم». وأضاف البيان أن واشنطن تشعر بالقلق من تزايد الرقابة القبلية على الصحف المستقلة في الأسابيع الأخيرة. وتابعت الخارجية الأميركية في بيانها: «ندعو السودان إلى احترام حرية التعبير، بما في ذلك العاملون في الصحافة، كما هو مكفول في الدستور الوطني الانتقالي لعام 2005 ومعترف بها دوليا العهود وحكومة السودان طرفا فيها».

من جهته، قال عضو هيئة قيادة الإجماع الوطني القيادي في الحزب الشيوعي السوداني، صديق يوسف، لـ«الشرق الأوسط»، إن المظاهرات التي تشهدها المدن السودانية، مرتبطة بقضايا زيادة أسعار السلع وانقطاع المياه والكهرباء في غالب الأحياء السكنية. وأضاف أن المظاهرات فيها الطابع الاحتجاجي ولم يطغَ عليها الجانب السياسي، فيما عدا وسط طلاب الجامعات، وقال إن الحكومة استخدمت العنف بشكل مفرط، لا سيما وسط الطلاب باستخدام المدى والسيوف والسيخ.