عمال قصر قرطاج الرئاسي يحتجون بسبب «إهانات» من مستشار المرزوقي

الحزب الجمهوري سيعرض قريبا مشروع قانون للعدالة الانتقالية

TT

احتج عمال قصر قرطاج الرئاسي في تونس أمس بالتوقف عن العمل لمدة ساعة ونصف الساعة بسبب «إهانات» لحقتهم عبر تصريحات أطلقها مستشار للرئيس المؤقت المنصف المرزوقي، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.

وتوقف عمال القصر عن عملهم في مقر إدارتهم احتجاجا على تصريحات مستشار رئيس الجمهورية عبد العزيز كريشان، الذي قال إن عمال القصر كانوا يتلقون أموالا من «الطرابلسية» أصهار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وقال كريشان، في برنامج على قناة «حنبعل» التونسية الخاصة، إن «الطرابلسية» كانوا يلقون بالأموال عبر نوافذ سياراتهم في حين كان العمال يتسابقون لالتقاطها.

من جانبه، قال محمد بولخواص، عضو نقابة «أعوان الرئاسة» لإذاعة «شمس إف إم»، إن «تصريحات عبد العزيز كريشان مهينة لكرامة كل العاملين في القصر ولا أساس لها من الصحة». وطالب بولخواص، مستشار الرئيس المؤقت بتقديم اعتذاراته لكل العمال في القصر.

وقال مدير الديوان الرئاسي بقصر قرطاج عماد الدايمي، إن «كريشان صرح بما نقل له، لكن لا وجود لأي دلائل تثبت صحة ما جاء في تصريحاته». وأضاف الدايمي «كريشان اعترف بخطئه وهو مستعد لتقديم اعتذاراته».

إلى ذلك، أعلنت مية الجريبي، الأمينة العامة للحزب الجمهوري (تحالف أحزاب يقوده الحزب الديمقراطي التقدمي)، أن الكتلة النيابية للحزب بالمجلس التأسيسي ستقدم خلال الأسبوع المقبل مشروع قانون للعدالة الانتقالية يشمل أربع نقاط أساسية تتمثل في البحث والكشف عن الحقيقة والمحاسبة، سواء عبر الملاحقات القضائية أو الاعتراف بالذنب، والاتفاق على العفو بين الظالم والمظلوم، وتقديم التعويضات وجبر الضرر للضحايا، إلى جانب الإصلاح المؤسساتي وضمان عدم تكرار الجرائم.

وقالت الجريبي في مؤتمر صحافي عقد أمس في مقر الحزب وسط العاصمة التونسية، إن تواصل تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية يفرض التسريع بتفعيل آليات العدالة الانتقالية التي من شأنها أن تطمئن القلوب، وتمكن من تهدئة الأوضاع وتحسينها بعد عقود من الانغلاق السياسي والغبن الاجتماعي، والتخفيف من حدة التوترات الاجتماعية والاقتصادية.

وطالبت الجريبي، من ناحية أخرى، بعدم توظيف الدين لغايات سياسية، ومتابعة كل الأطراف التي تسببت في الأحداث الأليمة الأخيرة التي عرفتها تونس من حرق وتخريب وتهديد بالقتل وإهدار الدم.

وقالت الجريبي إن العدالة الانتقالية تندرج ضمن سياق إصلاحي كامل يتضمن كذلك القانون الانتخابي والهيئة المستقلة للانتخابات وقضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وأضافت أن الحزب الجمهوري الذي تكون منذ أشهر قليلة يريد مسارا شفافا للعدالة الانتقالية ولا يبالي بالوقت الذي ستتطلبه العملية بقدر ما يهمه تنفيذ المصالحة الحقيقية مع كل من تضرر من التونسيين على امتداد عقود من الظلم والاستبداد، وإنصاف ضحايا الثورة التونسية.

وبشأن انسحاب أربعة أعضاء من الحزب الجمهوري واتهامهم له بالدفع نحو الاستقطاب الثنائي ممثلا في الأحزاب الدينية ومبادرة الباجي قائد السبسي، قالت الجريبي إن الأعضاء أحرار في الانضمام أو الانسحاب من الحزب. وأضافت «نحن لا نتدخل في قرارهم وكذلك لا يمكن أن نتغاضى عن أسباب الاستقالة وما على المستقيلين إلا تقديم الأسباب الحقيقية للاستقالة وعدم التشبث بأسباب واهية»، على حد قولها.

وكان أربعة أعضاء من بينهم عضو بالمجلس التأسيسي، وثلاثة أعضاء باللجنة المركزية لحزب آفاق تونس (أحد الأحزاب المشاركة في الحزب الجمهوري) قد أعلنوا انسحابهم من الحزب الجمهوري، وقالوا إن النهج السياسي والتنظيمي داخل الحزب الجمهوري «أصابهم باليأس من الإصلاح»، على حد تعبيرهم، وإن معظم الأنشطة تدفع نحو الاستقطاب الثنائي.

واعتبرت الجريبي، من ناحيتها، أن حديث الأعضاء المنسحبين عن استقطاب ثنائي غير مطروح بالمرة، وأن التمسك بتقسيم المشهد السياسي إلى قطبين فقط يمثل خطرا على المسار الديمقراطي الناشئ في تونس.

وفرقت الجريبي بين الاستقطاب الآيديولوجي غير المرغوب فيه لما يخلفه من تطاحن اجتماعي، والاستقطاب السياسي المبني على الإقناع والحوار.

ونفت الجريبي نية التحاق الحزب الجمهوري بمبادرة الباجي قائد السبسي، وقالت إن نقاط التقاء تجمعهم مع المبادرة الجديدة بيد أن الحزب الجمهوري له كذلك مآخذ على تلك المبادرة، ومن غير المطروح حاليا انصهار الحزب الجمهوري في أي حزب آخر، وأنه لن يلتحق بمبادرة الباجي قائد السبسي. وتمسكت، من ناحية أخرى، بدعوة الحزب الجمهوري بإرساء حوار وطني ووضع خارطة طريق تضمن الانتقال الديمقراطي الحقيقي، على حد تعبيرها.

وبشأن ما قيل إنه اعتداء على المقدسات ومسارعة الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة المجلس التأسيسي) نهاية الأسبوع الماضي إلى إصدار بيان يدين تلك الاعتداءات على المقدسات، قالت الجريبي، إن ذلك البيان كان متسرعا وما على الرئاسات الثلاث إلا تقديم اعتذاراتهم للشعب التونسي، وعلى الحكومة أن تعترف بخطئها في تقدير الأمور والتصرف مع الدعوات غير المسبوقة للاعتداء على الفنانين وكل الأطراف المعبرة عن آرائها دون مس بالمقدس الذي يجمع كل التونسيين.