دعوة البرلمان الباكستاني للانعقاد من أجل انتخاب رئيس جديد للحكومة

واشنطن تأمل توصل إسلام آباد إلى حل لأزمة حكومتها بموجب الدستور

TT

دعا الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري البرلمان إلى الانعقاد يوم غد الجمعة لانتخاب رئيس جديد للحكومة، خلفا ليوسف رضا جيلاني الذي أقالته الثلاثاء المحكمة العليا بسبب رفضه إعادة البدء بملاحقات قضائية بتهمة الفساد بحق الرئيس زرداري، حسبما أفادت مصادر حكومية أمس.

وتزيد إقالة جيلاني الذي يترأس الحكومة منذ تولي زرداري الحكم في عام 2008 الاضطراب السياسي في البلاد. فالحكومة تواجه تمردا عنيفا بزعامة حركة طالبان وأزمة اقتصادية خطيرة. وبعد قرار إقالة جيلاني وجد «حزب الشعب الباكستاني» الحاكم نفسه أمام خيار الرضوخ للحكم وتعيين أحد المسؤولين فيه لخلافة جيلاني أو الاعتراض على الحكم والتورط في مواجهة غير مضمونة النتائج مع القضاء. ورأى الكثير من الخبراء والمراقبين منذ الثلاثاء أن زرداري لا خيار لديه سوى تسمية رئيس جديد للحكومة.

وبدأ زرداري الذي تدهورت شعبيته إلى أدنى المستويات منذ مساء الثلاثاء بإجراء مشاورات مع قادة في حزب الشعب ومسؤولين من المعارضة. وغادر جيلاني مقر رئاسة الحكومة الليلة قبل الماضية وترك زرداري يخوض مفاوضات صعبة لتشكيل حكومة وتفادي إجراء انتخابات مبكرة.

وطفت إلى السطح أسماء عدد من القياديين في الحزب الحاكم لخلافة جيلاني، أبرزهم مخدوم شهاب الدين وشودري أحمد مختار وخورشيد شاه وأحمد مختار. وصرح اعتزاز أحسن المحامي عن جيلاني والعضو في حزب الشعب أمام صحافيين أمس: «رئيس الوزراء المقبل سيتم انتخابه من قبل مجلس النواب وسيكون عضوا في المجلس وسيكون إنسانا جيدا ومواليا للحزب». وأكد أحسن أن رئيس الحكومة الجديد سيواجه فور توليه منصبه أمر المحكمة بالتقدم بطلب من السلطات السويسرية، ولهذا السبب يرى الخبراء أن زرداري لن يختار سوى من الأوفياء له. وقال أحسن «نحن نتقبل الحكم فقد غادر رئيس الوزراء منزل رئيس الحكومة ولو أن لدينا تحفظات على الحكم».

من جهتها، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن أملها في أن تتوصل باكستان إلى حل للأزمة بموجب الدستور. وتمنع باكستان مرور القوافل البرية للحلف الأطلسي في أراضيها انتقاما لمقتل 24 جنديا باكستانيا خطأ في ضربات جوية أميركية على مركز حدودي باكستاني في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ورفضت واشنطن تقديم اعتذار رسمي عن هذا القصف معتبرة أن الأخطاء مشتركة. وأتت ردود الفعل متفاوتة في باكستان، إلا أن الصحف أشادت بحزب العمل لتقبله الحكم ودعوته إلى الهدوء. وكتبت صحيفة «ذا نيوز» أنه «وخلافا لادعاءات كثيرين، فإن إقالة رئيس الحكومة لم تؤد إلى زعزعة النظام الديمقراطي فمجلس النواب لم يتأثر ويمكن أن يتم تعيين رئيس جديد للحكومة قريبا». وتابعت الصحيفة أن المحكمة كانت على حق وحثت زرداري على العمل بسرعة من أجل تشكيل حكومة قادرة على مواجهة المشاكل الكبرى التي يعاني منها الشعب مثل انقطاع التيار بشكل متواصل وأعمال الشغب والعنف والتضخم وانعدام الاستقرار. أما صحيفة «دون» الصادرة بالإنجليزية والأقدم في البلاد فقد انتقدت المحكمة على خطوتها «الاستثنائية» والمؤسفة، معتبرة أنها تسيء إلى الديمقراطية. وكتبت الصحيفة «المهم الآن هو إجراء الانتخابات سواء مبكرا أو في موعدها وأن تكون حرة وعادلة قدر الإمكان ليكون الحكم الأخير لمحكمة الشعب».

وكانت إقالة جيلاني الذروة بعد مواجهة بين القضاء والحكومة الضعيفة التي تعرضت لانتقادات بسبب دوافعها السياسية أو حتى الانتقامية في بعض الأحيان. وماطل زرداري طيلة أشهر قبل إعادة القضاء المستقيل في مارس (آذار) 2009 إثر فوز حزب الشعب في الانتخابات العامة في عام 2008، وذلك لتفادي تنظيم مظاهرة من قبل المعارضة في إسلام آباد.

وكانت المحكمة العليا تستهدف من وراء قرار الإقالة زرداري بشكل غير مباشر. وتطلب المحكمة العليا بدء ملاحقات بحق الرئيس زرداري بتهمة اختلاس أموال عامة قيمتها 12 مليون دولار مع زوجته بي نظير بوتو عندما كانت رئيسة للوزراء (1988 - 1990 ثم 1993 - 1996) مع أحد وزرائها. وقد أدانتهما محكمة ابتدائية سويسرية في 2003 بتبييض الأموال لكن الزوجين لم يستأنفا الحكم. وبعد مقتل زوجته في اعتداء في ديسمبر (كانون الأول) 2007. انتخب زرداري رئيسا في السنة التالية، وفي 2010 اعتبر مدعي عام جنيف أنه لا يمكنه فتح الملف مجددا طالما أن زرداري رئيس نظرا لأنه يتمتع بحصانة. وينتقد مؤيدو حزب الشعب المحكمة بالتواطؤ مع الجيش والمعارضة للإطاحة بزرداري قبل فبراير (شباط) 2013، عندما تصبح إدارته الأولى قد أكملت ولاية من خمس سنوات في باكستان.