انشقاق طيار سوري وفراره بطائرته الحربية إلى الأردن حيث منح اللجوء السياسي

السلطات تعتبره خائنا للوطن والمعارضة تراه بطلا رفض قتل أهله * واشنطن ترحب بفراره وتقول إنه لن يكون الأخير

الطائرة السورية الحربية التي هبط بها الطيار السوري الذي انشق أمس بالأردن (أوغاريت)
TT

هبط العقيد طيار حسن مرعي حمادة من سلاح الجو السوري بطائرته الحربية من طراز «ميغ 21» إلى الأردن أمس طالبا اللجوء السياسي من السلطات الأردنية.

وقال وزير الإعلام والاتصال الأردني الناطق باسم الحكومة سميح المعايطة، إن الطائرة الحربية هبطت عند الساعة العاشرة و45 دقيقة بالتوقيت المحلي، الثامنة و45 بتوقيت غرينتش، وإن قائد الطائرة طلب اللجوء السياسي.

ولاحقا أعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية سميح المعايطة أن مجلس الوزراء قرر أمس «الخميس» منح الطيار السوري اللاجئ إلى المملكة حق اللجوء السياسي بناء على طلبه. وكانت مصادر مطلعة قد قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الأردن تعامل مع طلب لجوء الطيار السوري وفق قاعدة جنيف».

وردا على سؤال عما إذا كانت السلطات الأردنية ستقوم بإعادة الطائرة إلى سوريا أم ستبقى أمانة لدى الأردن حتى تنتهي أعمال العنف، قال الوزير المعايطة إن السلطات السورية لم تخاطبنا، وفي حال طلبت ذلك فإننا سندرس طلبها في حينه.

وأشار الوزير المعايطة إلى أن عددا من العسكريين السوريين قد فروا من بلادهم خلال المدة الماضية منذ اندلاع أعمال العنف في سوريا على شكل مجموعات صغيرة من دون سلاح، وأن السلطات الأردنية وفرت لهم الحماية والرعاية الإنسانية.

وكانت مصادر مطلعة قالت إن عدد العسكريين الذين وصلوا إلى الأردن بلغ أكثر من 245 عسكريا من مختلف الرتب العسكرية، وإن السلطات الأردنية توفر لهم الإقامة في منطقة السلطات القريبة من العاصمة عمان.

وكان مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، قد صرح بأنه في تمام الساعة العاشرة و45 دقيقة من صباح أمس (الخميس) دخلت الأجواء الأردنية طائرة «ميغ 21» تابعة لسلاح الجو السوري.

وأشار المصدر إلى أن الطائرة هبطت بسلام في إحدى قواعد سلاح الجو الملكي وقد طلب قائد الطائرة منحه حق اللجوء السياسي.

على صعيد متصل، أكدت مصادر أردنية مطلعة أن الطائرة السورية كانت ضمن سرب مكون من أربع طائرات عسكرية ينفذ طلعة تدريبية فوق محافظة درعا السورية، وأن قائد الطائرة انفصل عن السرب وهبط بطائرته العسكرية في قاعدة الحسين الجوية بمدينة المفرق التي تبعد عن الحدود الأردنية - السورية 16 كيلومترا.

وأشارت المصادر إلى أن قائد الطائرة كان يقود طائرته على ارتفاع منخفض نحو 50 مترا فوق الأرض كي لا تضبطه الرادارات العسكرية والدفاعات الجوية السورية والأردنية، وأنه استغرق نحو 45 ثانية من الحدود الأردنية - السورية حتى هبط على مدرج المطار العسكري.

وأوضحت المصادر أن سلاح الجو الأردني والدفاعات الجوية الأردنية قد استنفرت ووضعت في حال تأهب قصوى تحسبا لعمليات قصف أو غارات جوية من قبل الطيران السوري، حيث شوهد الطيران العسكري الأردني يقوم بطلعات جوية في المنطقة. وقالت المصادر إن الطيار حمادة قد صلى ركعتين لله عند هبوطه بسلام وقد خلع جميع الرتب المثبتة على البزة العسكرية وقد تم نقله إلى عمان من أجل التحقيق معه.

وتوقعت المصادر أن يقدم الطيار حمادة معلومات عسكرية عن وضع الجيش السوري وعن سلاح الجو السوري في ظل استمرار أعمال العنف في سوريا والانشقاقات التي تحدث يوميا في صفوف الجيش السوري النظامي.

من جهتها أعلنت وزارة الدفاع السورية بعد عدة ساعات من فرار العقيد الطيار حسن مرعي حمادة بطائرة ميغ 21 إلى الأردن وطلبه اللجوء. أنه «يتم التواصل مع الجهات المختصة في الأردن من أجل ترتيب استعادة الطائرة» وذلك بعد اعتبرت الطيار المذكور «فارا من الخدمة وخائنا لوطنه ولشرفه العسكري» وقالت في بيان صدر يوم أمس إنها «ستتخذ بحقه العقوبات التي تترتب على مثل هذه الأعمال بموجب الأنظمة والقوانين العسكرية المتبعة»، وأوضحت الوزارة أن البيان جاء «بعد أن تم التأكد من خروج الطائرة خارج الأجواء السورية وهبوطها في الأردن» وقال البيان «بتمام الساعة 10.34 من صباح يوم أمس فقد الاتصال مع طائرة ميغ 21 يقودها العقيد الطيار حسن مرعي الحمادة أثناء قيامه بطلعة تدريبية اعتيادية. وآخر نقطة رصدت فيها الطائرة قبل فقدان الاتصال بها هي فوق الحدود الجنوبية السورية».

وتباينت ردود الأفعال في الشارع السوري حيال نبأ فرار ولجوءه إلى الأردن مع طائرة ميغ 21، فبينما بدا الارتباك واضحا على النظام السوري من خلال الأنباء التي نقلتها وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، وصف الموالون للنظام فرار الطيار بأنه «خيانة» ومنهم من جزم بأن «الأمر تم بالتآمر مع إسرائيل وأن الطائرة لم تحط بالأردن وإنما في إسرائيل». بحسب طالب جامعي ساءه انشقاق الطيار السوري.

من جانبهم عبر المعارضون والثوار عن فرحة عارمة بهذا النبأ ومنهم من رأى فيه «بطلا شجاعا رفض قتل أهله، وانشقاقه جرعة أمل بقرب التخلص من نظام الأسد» كما قالت إحدى السيدات في دمشق لدى سماعها النبأ. ويشار إلى أن العقيد حسن مرعي حمادة من الفرقة 20 اللواء 73 مطار خلخلة العسكري الواقع في محافظة السويداء - جنوب - وحمادة من أبناء محافظة إدلب من قرية ملس هو قائد سرب البحوث العلمية في مطار خلخلة، ويعد من الطيارين أصحاب الخبرة والمهارة والشجاعة المتميزة.

ومن جهتها، رحبت الولايات المتحدة الخميس بانشقاق طيار حربي سوري وفراره إلى الأردن، وقالت إنه لن يكون الأخير الذي «يفعل الصواب» وينشق عن قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقال توني فيتور، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي «نرحب بالقرار الذي اتخذه الطيار بأن يفعل الصواب». وأضاف «لقد دعونا دائما الجيش وأفراد النظام السوري إلى الانشقاق والتخلي عن مواقعهم بدلا من أن يكونوا ضالعين في الفظائع التي يرتكبها النظام»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن هذا الطيار «واحد من أمثلة لا تعد ولا تحصى عن سوريين، بينهم عناصر من قوات الأمن، يرفضون الأعمال الفظيعة التي يقوم بها نظام الأسد، وبالتأكيد لن يكون الأخير».