«الأميرية».. تعطل طباعة اسم رئيس مصر

أسسها محمد علي باشا لطباعة الكتب العسكرية.. وتلاحقها اتهامات بتزوير الانتخابات

TT

لم يكن متصورا أن تكون «هيئة المطابع الأميرية» الحكومية، المسؤولة عن طباعة أوراق اقتراع الانتخابات الرئاسية، وكل المنشورات الرسمية الصادرة عن الدولة، أحد المتسببين الأساسيين في تعطيل تحديد اسم رئيس مصر الجديد حتى الآن، وطباعة اسمه في جريدتها الرسمية، بعد اتهامات موجهة إلى بعض العاملين بها، والذين يخضعون لتحقيقات تتعلق بقبولهم رشاوى مقابل تسويد (وضع علامات مسبقة على) بطاقات التصويت لصالح أحد مرشحي جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التي جرت مطلع الأسبوع الحالي.

وبرز اسم المطابع الأميرية، بعد أن طواها النسيان وقد تجاوز عمرها الـ190 عاما، ليتصدر من جديد وسائل الإعلام المحلية، منذ أن أعلنت النيابة العامة إجراءها تحقيقات عن عمليات تزوير وتسويد بطاقات لصالح أحد المرشحين المتنافسين في الانتخابات الرئاسية.

وقررت لجنة الانتخابات الرئاسية تأجيل إعلان اسم الفائز بالمنصب الرفيع، بعد أن كان محددا الإعلان عنه أمس (الخميس)، بسبب ما قالت اللجنة إنه «مخالفات كبيرة يجري التحقيق فيها». وقال المستشار حاتم بجاتو أمين اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، إنه تم الكشف عن بطاقات مسودة خاصة بالمطابع الأميرية لكنها لم تدخل صناديق الاقتراع وتم الكشف عنها من جانب القضاة.

واعتاد المصريون ألوانا كثيرة من التزوير، منها توزيع رشاوى مالية على الناخبين أو سلع استهلاكية، أو من جانب مشرفي اللجان عبر تسويد البطاقات داخل اللجان نفسها، لكن طباعة الأوراق وتسويدها قبل دخولها لجان التصويت، أمر جديد، دفع بعض الصحف المحلية إلى القول إن «الفصل في انتخابات جولة الإعادة لن يكون لأصوات الناخبين، أو للجنة الانتخابات الرئاسية، بل سيكون للمطابع الأميرية التي دخلت لأول مرة لاعبًا أساسيًّا في تحديد مصير الفائز».

وتقوم المطابع الأميرية، التي تأسست لطباعة الكتب العسكرية في عهد مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا، بطباعة أوراق الانتخابات منذ 40 عاما. وربما للمرة الأولى تظاهر مئات العاملين بها أمام مبنى الهيئة بمنطقة إمبابة على كورنيش النيل يوم أمس، وقطعوا الطريق في الاتجاهين، احتجاجا على الاتهامات الموجهة إلى عدد من زملائهم، وهو ما أدى إلى توقف حركة المرور.

وبينما لا تزال تحقيقات النيابة تجري مع نحو 30 من عمال المطابع الأميرية، اتهم العاملون الغاضبون الشرطة بتسويد البطاقات، خاصة أن مطابع الشرطة تولت طباعة القسم الأكبر من بطاقات الاقتراع.

وشاركت مطابع الشرطة المطابع الأميرية في طبع بطاقات الانتخابات لأول مرة منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث تمت طباعة بطاقات الاقتراع مناصفة بينهما، ورفع العمال لافتات مدون عليها «لا شفيق ولا مرسي.. إحنا مالنا ومال الكرسي»، و«يا بجاتو قول لعنان.. التزوير من اللجان».

وإثر ضغط أهالي الحي ورجال الشرطة على المحتجين للعدول عن موقفهم وفتح الطريق، أعاد العاملون بالهيئة فتح الطريق، بعد إغلاقه لأكثر من 3 ساعات متواصلة، وسمحوا للسيارات بالمرور، لكنهم قرروا الدخول في اعتصام مفتوح لحين توجيه الاعتذار لهم عن هذه الاتهامات ومعرفة الحقيقة.

ويعود تاريخ إنشاء «المطبعة الأميرية» إلى أكثر من 191 عاما، حيث أنشئت تحت اسم «مطبعة بولاق» في حي بولاق أبو العلا بالقاهرة، في سبتمبر (أيلول) عام 1820، وافتتحت رسميا في عهد محمد علي باشا عام 1821، حيث كانت تطبع الكتب العسكرية للجيش، ثم تطورت بعد ذلك حيث قامت بطبع الكتب الأدبية والعلمية والمدرسية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 1862 قدم الخديوي سعيد باشا المطبعة هدية إلى عبد الرحمن بك رشدي، ثم اشتراها الخديوي إسماعيل باشا وضمها إلى أملاك الدائرة السنية، ثم عادت ملكا للدولة في 20 يونيو (حزيران) 1880، في عهد الخديوي توفيق، حتى أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 13 أغسطس (أب) 1956 القرار بقانون رقم 312 لسنة 1956، بإنشاء «الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية»، وإلحاقها بوزارة الصناعة.

وتصدر المطابع حاليا «الجريدة الرسمية»، وهي الجريدة الرسمية للدولة التي تنشر فيها كل القرارات الحكومية والقوانين الرسمية المعمول بها، وتصدر كل خميس، بالإضافة إلى جريدة «الوقائع المصرية»، وهي أقدم صحيفة مصرية، وتصدر الآن كملحق للجريدة الرسمية.