قيادي بحزب الوسط: فشل «الجمعية التأسيسية» يعني كتابة العسكر لدستور مصر

محمد محسوب لـ «الشرق الأوسط» : الجيوش لم تنشئ إلا ديكتاتوريات أضرت بشعوبها

بعض المتظاهرون بميدان التحرير أثناء إعدادهم للاعتصام أمس (أ.ب)
TT

قال الدكتور محمد محسوب، عضو الهيئة العليا لحزب الوسط المصري، عضو الجمعية التأسيسية المنوط بها صياغة دستور جديد للبلاد، إن استمرار الجمعية الحالية، التي يواجه تشكيلها انتقادات من بعض القوى الليبرالية واليسارية، هو الأمل الأخير في هذه المرحلة الانتقالية لوضع دستور جديد يعبر عن الشعب المصري.. محذرا من أن فشلها يعني كتابة الجيش للدستور الجديد، عبر لجنة يشكلها المجلس العسكري وفقا للإعلان الدستوري المكمل، وهو ما علق عليه بقوله إن «الجيوش لم تنشئ إلا ديكتاتوريات أضرت بشعوبها».

ونفى محسوب، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، وجود أي انسحابات رسمية لأي من أعضاء الجمعية التأسيسية حتى الآن اعتراضا على تشكيلها، قائلا: «لا يوجد منسحبون حتى الآن، هناك فقط عدد من الأعضاء تغيبوا عن حضور الاجتماع الأول الذي عقد بداية الأسبوع الحالي، وهذا يرجع إلى أن الاجتماع كان مفاجئا ولم يدعو إليه أحد، بل تداعى إليه الناس بسبب الأحداث والظروف الخاصة بحل البرلمان، وبالتالي كان هناك غائبون بعضهم مسافر خارج البلاد، والبعض الآخر لم يتم التمكن من الوصول إليه».

وذكر محسوب أن «شخصيات مثل عمرو موسى أو عبد الجليل مصطفى أو محمد سليم العوا، أعلن عدد من وسائل الإعلام عن الانسحاب، لكن الحقيقة هي أنهم لم يصدروا حتى الآن أي بيان يقول ذلك، بل وعد بعضهم بحضور الجلسة القادمة، وهي جلسة محددة الموعد، ولها رئيس هو المستشار حسام الغرياني، وسيتبين فيها من يريد الاستمرار ومن قرر الانسحاب، فالصورة لم تتضح حتى الآن»، موضحا أن الغرياني مكلف الآن بالتشاور مع من لم يحضروا لإعلامهم بمواعيد الجلسات ونظام العمل بالجمعية.

وتعقد الجمعية التأسيسية، المكونة من 100 عضو اجتماعا اليوم (الخميس) بمجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) لوضع التصور النهائي لعملها، بعد الانتهاء من تلقي المقترحات، التي تقدم بها أعضاؤها والخاصة بإعداد اللائحة التنفيذية المنظمة لأعمال الجمعية، على أن تعرض على الجمعية التأسيسية في اجتماعها يوم السبت المقبل للتصويت عليها.

واختارت الجمعية التأسيسية، التي يقول البعض إن الإسلاميين لهم الغلبة فيها، المستشار حسام الغرياني، رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة النقض، رئيسا لها بالتزكية.

وحددت محكمة القضاء الإداري جلسة 26 يونيو (حزيران) الحالي، لنظر جميع الدعاوى المقامة لبطلان التشكيل الثاني للجمعية التأسيسية لوضع الدستور، والتي تم انتخابها من قبل أعضاء مجلسي الشعب والشورى، في جلسة مشتركة قبل حل البرلمان منتصف الشهر الحالي.

ويقول مقيمو الدعاوى إن التشكيل الجديد للجمعية التأسيسية للدستور جاء مخالفا لحكم محكمة القضاء الإداري الصادر ببطلان تشكيل اللجنة الأولى، حيث إنها ضمت من بين أعضائها أعضاء من مجلسي الشعب والشورى أيضا، وهو ما يعتبر التفافا على حكم المحكمة ومخالفته.

وأبطل القضاء الإداري جمعية تأسيسية سابقة بعد احتجاجات من قوى ليبرالية ومسيحيين على تشكيلها، قالوا إنه جاء أغلبه من أعضاء البرلمان على نحو مخالف للإعلان الدستوري، بالإضافة إلى سيطرة الإسلاميين.

لكن الدكتور محمد محسوب، وهو عميد كلية الحقوق جامعة المنوفية، أكد أن الجمعية الحالية شرعية وقانونية، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي من أعضاء الجمعية بصفته البرلمانية، وأن كل من في الجمعية انتخبوا باعتبارهم مرشحين من الأحزاب والقوى السياسية وفقا لمعايير معينة بعيدة عن كونهم نوابا، وبالتالي فإن العيب الذي كان موجودا في الجمعية السابقة أصبح منتهيا، وهو أن 60 في المائة من أعضائها كانوا نوابا في البرلمان.

وأوضح محسوب أن هذه الجمعية تم اختيار أعضائها على أساس فئات متعددة، ومنها فئة القوى السياسية، التي مثلها أشخاص كان بعضهم نوابا وبعضهم غير نواب، وفي النهاية لا يجب أن نفرض على القوى السياسية أن تختار شخصيات بعينها، فلها كل الحق في اختيار من يمثلها، مثل كل فئات المجتمع الممثلة في الجمعية.

وحول ما أثاره البعض من ضرورة تصديق المجلس العسكري، على الجمعية التأسيسية حتى يحق لها مباشرة عملها، قال محسوب إن «تشكيل الجمعية لا يحتاج إلى تصديق المجلس العسكري، لأن المادة 60 من الإعلان الدستوري حددت طريقة تشكيلها ولم تذكر فيها فكرة التصديق، كما أن قرار تشكيلها تم نشره في الجريدة الرسمية وانتهى الموضوع، بالإضافة إلى أن الإعلان الدستوري المكمل، والذي صدر بداية الأسبوع الحالي ونطعن أصلا في شرعيته ودستوريته، أقر بوجود الجمعية التأسيسية الحالية وصدق عليها».

وأصدر المجلس العسكري إعلانا دستوريا تكميليا الأحد الماضي نص على أن المجلس سيشكل جمعية تأسيسية ثالثة إذا تعثرت الجمعية الحالية في أداء مهمتها، والتي قال الإعلان الدستوري المكمل إن الوقت الذي يجب أن تنتهي فيه من عملها هو ثلاثة أشهر.

وشدد محسوب على أنه «لو ظل الإعلان الدستوري المكمل ولم يتم إسقاطه سيبقى قيدا على عمل الجمعية التأسيسية»، موضحا أن «هذا الإعلان وضعنا أمام خيارين، الأول هو أن تستمر هذا الجمعية المنتخبة في عملها، بصرف النظر عن عيوبها، والثاني هو جمعية بديلة يعينها المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، مؤكدا أننا «الآن في حالة ضرورة ولم يبق من المؤسسات المنتخبة التي اجتهد الشعب لإنشائها إلا الجمعية التأسيسية بعد حل البرلمان، وأن جيوش العالم كلها التي هيمنت على وضع دساتير بلادها، كانت دساتير لم تنشئ إلا استبداديات وديكتاتوريات أضرت بشعوبها».

وأكد محسوب أنها «لن تصبح جمعية تأسيسية بل ستصبح لجنة لوضع الدستور، فالجمعية التأسيسية لا تنشأ إلا بالانتخاب المباشر أو غير المباشر أو بالتوافق بين القوى، بينما هذه اللجنة سيكون ولاؤها لمن عينها ولن نتحكم في وضع الدستور المصري». وتابع قائلا: «نعلم أن المجلس العسكري له وجهة نظر في الدستور».

وأشار إلى أن «الجمعية التأسيسية الحالية هي الأمل الأخير في هذه المرحلة الانتقالية ككل»، موضحا أن «أي عيوب فيها يمكن علاجها، من خلال اللائحة الداخلية، حيث ننوي وضع نصوص تحقق مشاركة الشعب في وضع الدستور، وعرض أي مقترحات أمام لجان متخصصة داخل الجمعية ومناقشتها في وسائل الإعلام قبل أن يتم الاستفتاء عليها».