المعارضة الكويتية تتجنب التصعيد في الشارع.. والحكومة تبحث تنفيذ حكم «الدستورية»

استقالة الوزير «المحلل».. والحكومة تشكل لجنة وزارية لتنفيذ قرار المحكمة

TT

رغم حماسة البيانات السياسية الصادرة من المعارضة الكويتية، أمس، فإن بيانها الذي أذيع بعد اجتماعها في ديوانية الرئيس السابق لمجلس الأمة، أحمد السعدون، خفض من سقف التوقعات، بعدم تبنيه صراحة لأي مسعى لتصعيد غير محسوب، أو دعوة الجمهور للنزول للشارع مثلما كان متوقعا.

وبدت الأزمة تدور في فلك التجاذبات السياسية، وتؤخر اللجوء إلى الشارع، على خلفية قرار المحكمة الدستورية، أول من أمس، ببطلان مجلس الأمة 2012، وعودة المجلس السابق.

وقد رفع الرئيس السعدون، ومعه كتلة المعارضة، السقف السياسي لمطالب المعارضة، الذي يتمثل في المضي قدما في إجراء تعديلات دستورية تتجه بالبلاد نحو النظام البرلماني الدستوري الكامل، وهو ما ذهبت إليه كذلك المعارضة في بيانها الذي أذيع الليلة الماضية. على الرغم من أن المعارضة التي أعلنت مقاطعتها للمجلس، لوحت أمس بأنها لن تسمح له بالانعقاد، وهددت بتغيير قواعد اللعبة السياسية في الكويت، مثلما قال النائب جمعان الحربش.

وقال النائب أسامة الشاهين في بيان تلاه باسم المعارضة، إن الأغلبية تسعى الآن «لتعديلات دستورية وصولا لنظام برلماني كامل لمنع تلاعب السلطة بإرادة الأمة»، وأضاف: «لن تقبل التعاون مع أي رئيس وزراء لا تعكس حكومته إرادة الشعب الكويتي، ولا يؤمن بالإصلاح»، محددا معالم الإصلاح المطلوب، وهي التحقيق في قضايا الفساد التي تشمل: الإيداعات والتحويلات ومحاسبة من تورط بالأخطاء التي أدت لحل غير دستوري لمجلس 2009.

إلى ذلك، بدت الحكومة هي الأخرى حريصة على استيعاب التأثيرات الناجمة عن قرار المحكمة، حيث أكدت أمس أنها ستشكل لجنة وزارية لإعداد كل الإجراءات الخاصة بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية، ببطلان مجلس الأمة 2012، وعودة المجلس السابق، وقالت الحكومة إن «اللجنة الوزارية شُكلت لتفادي الإشكاليات الإجرائية لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية».

وفي مؤتمر صحافي قال وزير الإعلام، الشيخ محمد العبد الله المبارك إنه سيتم الاستعانة بذوي الخبرة والاختصاص داخل الجهاز الحكومي وخارجه لتدارس الإجراءات، مشيرا إلى أن الأسباب الموضوعية الواردة في مرسوم حل مجلس 2009 لا تزال قائمة.

من جانبه، قال وزير العدل جمال شهاب إن مجلس 2009 عاد بقوة الدستور والحكومة حاليا تبحث آلية التعامل مع حكم المحكمة الدستورية. وأضاف شهاب قائلا: «سنجتمع يوم الاثنين المقبل مع خبراء دستوريين لبحث مختلف الإجراءات الخاصة بحكم المحكمة الدستورية، وإن المحكمة الدستورية هي محكمة ذات طبيعة سياسية خاصة تنشد الاستقرار والعدالة ويقع حكمها في هذا الإطار».

وكان مجلس الوزراء الكويتي اجتمع، أمس، برئاسة الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح، وبعد مناقشته للإجراءات اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية ببطلان عملية الانتخاب التي جرت في 2 فبراير (شباط) 2012 وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها لبطلان حل مجلس الأمة، وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، واستعادة المجلس المنحل (بقوة الدستور) سلطته الدستورية كأن لم يكن، أكد المجلس في بيان أن ما حصل «يشكل سابقة أولى لم تشهدها الحياة البرلمانية من قبل، الأمر الذي يستوجب إخضاع الحكم لدراسة متأنية تتناول كل التفاصيل التنفيذية المتعلقة، وكذلك الإجراءات المتعلقة بنشر الحكم وتبليغه وسبل تصحيح الجوانب الإجرائية التي شابت صدور المرسوم بحل مجلس الأمة».

وبعد اجتماع في ديوانية رئيس مجلس الأمة السابق، أحمد السعدون، رفع الأخير من سقف تصريحاته، مهددا بأن نواب المعارضة لن يسمحوا بعودة مجلس 2009، وقال السعدون إن الكويتيين مصدومون مما حدث أخيرا (حكم المحكمة الدستورية)، وأضاف: «إن ما يحصل اليوم أمر كان متوقعا، ونحن علينا مسؤولية تقضي بأننا لن نسمح بتعطيل الحياة النيابية في الكويت أو أن يعود المجلس الذي أسقطه الشعب)، مضيفا: «لا يجوز ولا يمكن عودته».

وأكد السعدون أن «السلطة كانت ولا تزال تخاف من مجرد طرح تعديلات دستورية تتجه بالبلاد نحو النظام البرلماني، على الرغم من أنها تحتاجها للتوافق بين السلطتين». وقال إن «كتلة الأغلبية ازدادت تماسكا وإصرارا لأن عليها مسؤوليات ستعلن عنها في الأيام المقبلة، لا سيما أن اجتماعاتها مستمرة، وإذا كانت الحكومة تعتقد أننا سنتابع ما ستفعل حتى نتخذ المواقف، فنحن نقول لهم أنتم مخطئون، لأننا سيكون لنا فعل وليس ردة فعل».

ومن جانبه، لوح النائب جمعان الحربش، بتغيير قواعد اللعبة السياسية، وقال بعد اجتماع كتلة الأغلبية في ديوانية السعدون: «إن الصراع أصبح بين السلطة والشعب، ونحن قبلنا الرهان والتحدي».

وبعد اجتماعها في ديوانية السعدون، أعلنت المعارضة في بيان لها مساء أمس رفضها قرار المحكمة الدستورية، وأكدت أن سقفها الجديد يلتزم إجراء تعديلات دستورية وصولا لنظام برلماني كامل، ومواجهة أي قرار بتعديل الدوائر الانتخابية. وقال النائب أسامة الشاهين، في بيان ألقاه باسم المعارضة البارحة، إن السلطة في الكويت واصلت «التعدي على الدستور بشكل صريح ومتكرر»، ورأى أن قرار المحكمة الدستورية يمثل «انتقاما عنيفا من إرادة الشعب الكويتي التي عبر عنها عبر انتخابات 2012»، وأضاف: «إن الذريعة التي تسوقها السلطة لتبرير خروجها المتكرر على القانون لن تكون مقبولة». وقال الشاهين: «نعلن عدم قبولنا لهذه الممارسات من أي سلطة»، مضيفا أن «فرض سياسات الأمر الواقع يعتبر نهجا استبداديا لا يمكن قبوله والتعايش معه ويجب رفضه»، مضيفا: «إن الأغلبية النيابية التي وصلت للبرلمان في 2 فبراير 2012 تؤكد أنه لا يمكن للعبث بإرادة الشعب أن يستمر».

وقال إن الأغلبية تسعى الآن «لتعديلات دستورية وصولا لنظام برلماني كامل لمنع تلاعب السلطة بإرادة الأمة»، وأضاف: «لن تقبل التعاون مع أي رئيس وزراء لا تعكس حكومته إرادة الشعب الكويتي، ولا يؤمن بالإصلاح». وحذر الشاهين باسم المعارضة، من أن «أي عبث بالدوائر الانتخابية يعني تزويرا للانتخابات المقبلة». وفيما بدا أنه تصعيد في المواجهة، دعت الحركة الديمقراطية المدنية الشعب الكويتي للنزول للشارع مساء أول من أمس «من أجل المطالبة بحكومة برلمانية منتخبة وإمارة دستورية»، لكن هذا المطلب لم ينعكس في بيان المعارضة أو تصريحاتها، أمس.

إلى ذلك، أعلن وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة وزير الإسكان شعيب المويزري استقالته من الحكومة ومن مجلس الأمة 2009 رسميا، وجاءت استقالته بسبب التطورات التي تواجهها الحياة السياسية في الكويت، والمويزري هو الوزير «المحلل» داخل الحكومة الكويتية.