ليبيا: تصاعد الضغوط على المجلس الانتقالي.. وظهور تنظيم عسكري مؤيد للقذافي

سفراء الثورة في الخارج ينتقدون انحرافها.. والتكالب على السلطة

الجنوب أفريقيين برونو بليزاري (يمين) وديبورا كاليتز يحتفلان في القصر الرئاسي في العاصمة الصومالية مقديشو بعد ساعات من اطلاق سراحهما بعد 20 شهرا في الأسر من القراصنة أمس (أ.ب)
TT

تصاعدت الضغوط على المجلس الانتقالي الليبي وحكومته المؤقتة قبل نحو أسبوعين فقط من أول انتخابات برلمانية ستشهدها البلاد في السابع من الشهر المقبل، حيث أعلن تنظيم عسكري مؤيد لنظام العقيد الراحل معمر القذافي عن نفسه وتعهد بالتخلص ممن وصفهم بـ«الطغمة العميلة الفاسدة»، بينما شن سفراء ليبيا في الخارج هجوما حادا على المجلس والحكومة واتهموهما بالعجز والانحراف عن مسار ثورة 17 فبراير (شباط).

وفي غضون ذلك، أعلنت الحكومة الليبية عودة الهدوء لبلدتي مزدة والشقيقة (غرب) اللتين شهدتا خلال الأيام الماضية اشتباكات قبلية مسلحة أسفرت عن سقوط أكثر من مائة قتيل، وما يزيد على 500 جريح.

وأوضح الدكتور ناصر المانع، المتحدث باسم الحكومة، أن الاشتباكات المسلحة توقفت منذ يومين بعد أن تمكنت قوات حكومية من فضها، لكنه أرجع في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في طرابلس، تأخر تدخل هذه القوات إلى صعوبة التدخل المباشر حرصا على سلامة المدنيين، وعلى عدم سقوط المزيد من الضحايا.

ونفى استخدام أسلحة كيماوية خلال هذه الاشتباكات، مشيرا إلى أن تعرض عدد من المدنيين لاختناقات كان بسبب استنشاق دخان الحرائق.

إلى ذلك، توعد تنظيم جديد يحمل اسم «الضباط الأحرار» في ليبيا بتحرير البلاد من قبضة المجلس الانتقالي، ومن وصفهم بالطغمة العميلة الفاسدة التي تتولى السلطة بعد الإطاحة بنظام القذافي ومقتله.

وقالت حركة «الضباط الأحرار» في بيان أصدرته أمس وحمل رقم «1»، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه كما كان لها شرف إسقاط النظام الملكي السابق في سبتمبر (أيلول) 1969 وطرد القواعد الأجنبية والطليان، سيكون لها الشرف في هذه الساعات بأن تلبي نداء ليبيا العزيزة لتحريرها.

وختمت الحركة بيانها الذي خلا من اسم رئيسها مكتفية بالإشارة إلى أنه يحمل رتبة عقيد، قائلة: «سوف يقرر شعبنا دولته التي يرتضيها، وستشرق الشمس من جديد على الجميع».

وقللت مصادر حكومية ليبية من أهمية هذا البيان الذي يعتبر الأول من نوعه. وجاء البيان في وقت تداول فيه ليبيون مناوئون للمجلس الانتقالي الذي يتولى السلطة حاليا في ليبيا بيانا لعائشة ابنة القذافي كسرت فيه حاجز الصمت الذي التزمته مؤخرا من مقرها في الجزائر، ودعت الشعب الليبي إلى رفض المصالحة الوطنية ومواصلة الكفاح ضد حلف الناتو.

ووصفت عائشة في البيان المنسوب إليها المصالحة الوطنية بأنها «الطامة الكبرى»، وتساءلت: «كيف تكون المصالحة مع من جلب حلف الناتو إلى ليبيا؟!»، مضيفة أن «كل ليبي هو معمر القذافي وكلنا قادة للمقاومة».

وتعقيبا على هذا البيان، قال مسؤول في المجلس الانتقالي الليبي لـ«الشرق الأوسط»، إن المجلس يجري حاليا اتصالات مع السلطات الجزائرية لمعرفة ما إذا كان هذا البيان صحيحا.

وكشف المسؤول، الذي رفض تعريفه، النقاب عن تفاهم رسمي بين ليبيا والجزائر على بقاء عائلة القذافي التي تضم زوجته السيدة صفية فركاش وأبناءها محمد وعائشة وهانيبال في الجزائر شريطة التزام الصمت وعدم التطرق إلى الوضع الراهن في ليبيا.

وأكد المسؤول الليبي أنه «لو تأكد أن عائشة قد خرقت هذا التفاهم فإن المجلس سيطالب السلطات الجزائرية حينها بتسليمها مع كل أفراد عائلتها لتقديمهم للمحاكمة أمام القضاء الليبي بتهمة التحريض على ضرب الأمن والاستقرار، والدعوة إلى مقاتلة المجلس الانتقالي أعلى سلطة سياسية في مرحلة ما بعد القذافي».

في غضون ذلك، أصدر العشرات من سفراء ليبيا في الخارج الذين انضموا إلى الثورة الشعبية ضد القذافي في مهدها في شهر فبراير من العام الماضي، بيانا انتقدوا فيه بعنف المجلس الانتقالي وحكومته المؤقتة.

وقال البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «ما يحدث الآن من تكالب على السلطة وتصفية للحسابات ونهب واضح للمال العام بقرارات نفعية وانغماس هياكل الدول الرسمية في إضفاء الشرعية على هذه الممارسات، ليجعلنا نتساءل: هل هذا ما قامت من أجله الثورة؟!».

واعتبر البيان أن الثورة الشعبية في ليبيا، انحرفت عن مسارها الذي ضحى من أجله الآلاف بأرواحهم، بينما لا يزال مصير آلاف آخرين مجهولا.

وشملت قائمة الموقعين على البيان عبد المنعم الهوني سفير ليبيا لدى مصر وممثلها لدى الجامعة العربية، وعبد الرحمن شلقم وزير الخارجية السابق، وحافظ قدور سفير ليبيا لدى إيطاليا.

من ناحيته، نفى الدكتور محمد الحريزي الناطق الرسمي باسم المجلس الانتقالي، إقالته من منصبه، وقال وفقا لما بثته وكالة الأنباء الليبية، إنه خرج من ليبيا في إجازة لعلاج أحد أبنائه، مشيرا إلى أنه تم تكليف أحد زملائه من أعضاء المجلس للقيام بمهامه خلال فترة غيابه.