الشرطة السودانية تستخدم الهراوات لتفريق متظاهرين أغلقوا طريقا رئيسيا في وسط الخرطوم

اشتباكات عسكرية بين الجيش السوداني ومتمردين في ولاية جنوب كردفان

طابور من السيارات أمام احدى محطات البنزين في الخرطوم أمس انتظارا لملء خزاناتها بعد صدور تقارير اعلامية بخفض الحكومة السودانية الدعم للمحروقات (إ.ب.أ)
TT

تواصل جماعات طلابية تنظيم مظاهرات في الخرطوم لليوم الخامس على التوالي، احتجاجا على إجراءات رفع الدعم عن المحروقات، وارتفاع الأسعار في السلع الضرورية. وفي تطور نوعي لهذه المظاهرات أغلق المحتجون طريقا رئيسيا في وسط الخرطوم أمس في أحدث مظاهرات ضد الإجراءات الحكومية المزمع تنفيذها لمواجهة عجز الموازنة العامة، وقد استخدمت الشرطة السودانية الهراوات لتفريق هؤلاء المحتجين أمس.

وتسعى جماعات طلابية تقود مظاهرات في الخرطوم احتجاجا على خطط خفض الإنفاق الحكومي إلى تأجيج الغضب العام من ارتفاع الأسعار، ليتحول إلى حركة احتجاج أوسع تطيح بنظام الرئيس السوداني عمر البشير الذي يتولى السلطة منذ انقلاب عسكري في 30 يونيو (حزيران) 1989. ويعاني السودان من ارتفاع أسعار الغذاء وتراجع قيمة العملة منذ انفصال جنوب السودان في يوليو (تموز) الماضي، مستحوذا على نحو ثلاثة أرباع إنتاج البلاد من النفط ذي الأهمية الحيوية لاقتصاد البلاد. لكن مظاهرات سابقة فشلت في اكتساب قوة دافعة كبيرة.

وقال شهود عيان إنه في اليوم الخامس من الاحتجاجات أمس عرقل نحو 150 طالبا من إحدى كليات التجارة حركة المرور في وسط المدينة ورشقوا الشرطة بالحجارة وهم يرددون هتافات «لا.. لا.. للتضخم» و«الشعب يريد إسقاط النظام». وأضافوا أن قوات الأمن فضت الاحتجاجات باستخدام الهراوات. وكانت مظاهرة معهد المصارف أكبر حجما من مظاهرات جامعة الخرطوم وجامعة شرق النيل ومظاهرات أخرى محدودة.

وأفادت مصادر في الخرطوم لـ«الشرق الأوسط» بأن الدكتور كامل الطيب إدريس، المدير العام السابق لهيئة الأعمال الفكرية الدولية ورئيس الهيئة الشعبية السودانية لمناصرة الشعب السوري، اعتقلته السلطات الأمنية السودانية، بدعوى التنسيق مع مكونات قوى تحالف المعارضة، وعقده لاجتماع مع قيادات المعارضة ضم الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، والدكتور حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي، ومحمد مختار الخطيب الأمين العام للحزب الشيوعي، وأسفر هذا اللقاء عن عودة حزب الأمة القومي إلى قوى تحالف المعارضة السودانية.

ودعت أحزاب المعارضة الرئيسية في السودان إلى احتجاجات ضد إجراءات التقشف، لكنها لم تتمكن من إقناع أعداد كبيرة بالنزول إلى الشوارع.

وقبل أسبوعين، حث صندوق النقد الدولي السودان على اتخاذ إجراءات طارئة للتغلب على ما سماه تحديات «مرعبة». وعرض وزير المالية خطط التقشف بالتفصيل، وتشمل زيادة بعض الضرائب وتقليص الحكومة بالإضافة إلى خفض دعم الوقود.

إلى ذلك، أعلن الدكتور عبد الرحمن الخضر، والي الخرطوم، حل حكومته وقبول استقالة أعضائها الجماعية التي قدمها نيابة عنهم البروفسور مأمون محمد علي حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم، حيث أبدوا زهدا في الاستمرار في المرحلة القادمة، وذلك تماشيا مع الإجراءات الاقتصادية للدولة، فيما تقرر تكليف الوزراء بتسيير دولاب العمل حتى لا يحدث فراغ لحين الانتهاء من هيكلة الوزارات.

وقال البروفسور مأمون حميدة لـ«الشرق الأوسط»: «إن وزراء ولاية الخرطوم رأوا في تقديم استقالة جماعية للوالي إتاحة فرصة طيبة للوالي لاتخاذ قرارات تتعلق بتقليص عدد الوزراء والدستوريين من دون مضاغطة من أي جهة، ومن ثم التركيز على قرارات تستصحب الإجراءات الاقتصادية التي دعا إليها رئيس الجمهورية لمواجهة عجز الموازنة العامة». وأضاف أن «الولاية ستكون قدوة في تخفيض الدستوريين، بالإضافة إلى إجراءات تقشفية أخرى في مجالات مختلفة، مع مراعاة ضرورة عدم تأثير هذه الإجراءات في تقديم خدمات عالية المستوى بالنسبة لمواطن الولاية». وتبع هذا ما أكده الوالي في مؤتمر صحافي عقده بمباني وزارة المالية في الولاية، من أن حكومته ستلتزم بتخفيض الدستوريين في الجهازين التنفيذي والتشريعي حسب النسب المتفق عليها، وإعادة هيكلة مؤسسات الحكم بتخفيض الوزارات بما لا يزيد على 8 ولا يقل عن 6 وزارات بما فيها المجالس الوزارية.

من جهة أخرى، اشتبكت القوات المسلحة السودانية مع متمردين في ولاية جنوب كردفان الحدودية المنتجة للنفط، وادعى كل من الجانبين تحقيق النصر على الآخر. ويسود العنف الولايات الحدودية في السودان منذ انفصال الجنوب قبل عام بموجب اتفاق سلام تم التوصل إليه في عام 2005 أنهى عقودا من الحرب الأهلية. وتقول الأمم المتحدة إن مئات آلاف الأشخاص فروا من ديارهم في جنوب كردفان وولاية النيل الأزرق منذ اندلاع القتال.

وحذرت منظمات إغاثة من كارثة إنسانية على نطاق واسع في الدولتين مع تضاؤل مخزونات الغذاء وهو ما تنفيه الخرطوم. وقال متمردون من الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) إنهم «حرروا» الفراجيل، وهي قرية غرب مدينة الدلنج، وهي من أكبر البلدات في ولاية جنوب كردفان أول من أمس. وأوضح المتمردون في بيان أنهم ألحقوا «خسائر فادحة» بالقوات الحكومية واستولوا على أسلحة ومعدات عسكرية أخرى.

وقال العقيد الصوارمي خالد سعد، المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية، إن المتمردين خسروا بالفعل المعركة. وأضاف أن ما حدث هو أن القوات السودانية هزمت متمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) وطردتهم من الجبال في منطقة الفراجيل. وأضاف أن الاشتباكات جرت طوال اليومين الماضيين.

وتضاربت ببيانات الجانبين حول الاشتباكات العسكرية الأخيرة. ويعتبر مقاتلو الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) في جنوب كردفان ضمن عشرات الألوف من الأشخاص الذين انحازوا إلى الجنوب ضد الخرطوم أثناء الحرب الأهلية في السودان، لكنهم تركوا في شمال الحدود بموجب اتفاق السلام.