تركيا تعلن رفع العقوبات عن فرنسا وتدعو هولاند لزيارتها

أنقرة وباريس تفتحان صفحة جديدة في العلاقات بعد تدهورها خلال ولاية ساركوزي

TT

أعلنت تركيا أمس رفع العقوبات التي فرضتها ضد فرنسا على خلفية قضية «الإبادة» الأرمنية، مبدية عزمها على طي صفحة العلاقات الثنائية السيئة التي شابت ولاية الرئيس السابق نيكولا ساركوزي طوال خمس سنوات.

وكشف وزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو في تصريح لقناة «سي إن إن ترك» الإخبارية أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان «أعطى التوجيهات اللازمة بعد لقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.. العقوبات لن تكون مطروحة بعد الآن بسبب المواقف الجديدة لفرنسا». وكان داود أوغلو يشير إلى اللقاء الذي جمع هولاند وأردوغان في ريو دي جانيرو على هامش القمة حول التنمية المستدامة، على ما أفادت أمس وكالة أنباء «الأناضول».

وخلال هذا اللقاء، دعا أردوغان الرئيس الفرنسي إلى زيارة بلاده. وأوضحت الوكالة أن أردوغان أكد لهولاند أن آخر زيارة قام بها رئيس فرنسي إلى تركيا تعود إلى عشرين سنة. من جانبه، اعتبر هولاند أن مثل هذه الزيارة ستكون بالنسبة له «امتيازا»، مؤكدا أنه يرحب بالدعوة.

ورحبت فرنسا بالتصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأتراك حول تحسن العلاقات الثنائية بين أنقره وباريس بما فيها قرار الجانب التركي التخلي عن «تعليق» التعاون السياسي والعسكري بين الجانبين ردا على قرار الجمعية الوطنية الفرنسية تجريم إنكار مقتلة الأرمن في تركيا أوائل القرن الماضي. وقالت مصادر فرنسية رسمية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن باريس «متمسكة بتوطيد التعاون مع أنقرة على صعيد العلاقات الثنائية وفي كافة الميادين» كما أنها «راغبة في التعاون معها بصدد الملفات الإقليمية» وفي مقدمتها الملف السوري الذي يمثل أحد أولويات الدبلوماسية الفرنسية في الوقت الراهن. وترى باريس في تركيا «دولة مهمة تلعب دورا مهما» في كثير من الملفات.

وستكون الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إلى باريس يومي 5 و6 يوليو (تموز) القادم (للمشاركة بمؤتمر «أصدقاء الشعب السوري») مناسبة للتأكيد على المسار الجديد للعلاقات بين الجانبين بحيث تأتي لقاءاته امتدادا لاجتماع هولاند بأردوغان في ريو دو جانيرو، على هامش قمة البيئة.

ومنذ اندلاع الأزمة بين البلدين بسبب المسألة الأرمنية، حرص الجانب الفرنسي على التقليل من أهمية الخلافات مع أنقره كما شدد على «مصلحة» الطرفين في التعاون. وبلغت الأزمة أوجها عندما صوت البرلمان الفرنسي على قانون يجرم إنكار المذبحة الأرمنية الذي جاء بعد قرار سابق للبرلمان نفسه «يعترف» فيه بحصول مجزرة بحق الأرمن على أيدي الأتراك بين عامي 1915 و1916. غير أن المجلس الدستوري الفرنسي رفض الموافقة على القانون معتبرا إياه غير دستوري. ومع ذلك، استمرت العلاقات «متشنجة» بين البلدين.

وفي أكثر من مناسبة، اعترف وزير الخارجية السابق ألان جوبيه بأن ما قام به البرلمان «ليس في مكانه»، معبرا في ذلك عن مخاوفه من «تنفير» تركيا لما لذلك من تأثير على انخراطها في الملفات الإقليمية. غير أن برود العلاقة بين باريس وأنقره يعود لبدايات عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي لا بل إلى مرحلة ما قبل وصوله إلى الرئاسة. فساركوزي جعل من رفض دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي خطا فاصلا في تعاطيه مع أنقره. ورأى ساركوزي أن تركيا ليست بلدا أوروبيا وبالتالي فمن المفيد إقامة أفضل العلاقات معها ولكن من غير انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. وبذلك، سبب ساركوزي بقطيعة مع عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك الذي لم يغلق الباب أمام قبول ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بل ربطه بنتائج الاستفتاء الشعبي الذي يفترض أن يجرى لحسم الموضوع. وعارضت باريس فتح باب التفاوض بين أنقره والاتحاد الأوروبي العديد من الأبواب التي لا بد من التفاوض حولها قبل أن تتأهل تركيا لفحص عضويتها إلى الاتحاد رسميا.

ورأى كثيرون في طرح موضوع تجريم إنكار مذبحة الأرمن «مناورة انتخابية» من ساركوزي للحصول على أصوات الجالية الأرمنية في الانتخابات الرئاسية والتشريعية.