تقارير عن توافق أميركي ـ بريطاني على منح الأسد العفو مقابل التنحي

غليون لـ«الشرق الأوسط»: نتألم حين نرى الدول الكبرى تجتمع في 30 يونيو لتعطي الأسد فرصة للخروج

TT

أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية بأن بريطانيا والولايات المتحدة على استعداد لتقديم ممر آمن للأسد ومنحه العفو، كجزء من جهود دبلوماسية لعقد مؤتمر ترعاه الأمم المتحدة في مدينة جنيف حول التحول السياسي في سوريا.

وقالت الصحيفة إن هذه المبادرة تأتي بعد حصول رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الأميركي باراك أوباما على مؤشرات مشجعة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال محادثات ثنائية منفصلة على هامش قمة مجموعة العشرين في المكسيك. وأضافت أن بريطانيا مستعدة لمناقشة منح عفو عن الرئيس الأسد إذا كان ذلك سيفضي إلى عقد مؤتمر حول العملية الانتقالية في سوريا، وضمان حصوله على ممر آمن لحضور المؤتمر.

ونسبت الصحيفة إلى مسؤول بريطاني وصفته بالبارز قوله «من حضر منا اللقاءات الثنائية مع الرئيس الروسي يخرج بانطباع بأن ما رشح عن تلك اللقاءات يستحق متابعة الهدف من التفاوض على عملية انتقالية في سوريا، لكن تم التأكيد على أن كاميرون لم يتخذ قرارا نهائيا بشأن هذه المسألة».

لكن المسؤول أضاف «من الصعب رؤية حل عن طريق التفاوض يبدي فيه أحد المشاركين استعداده للذهاب طوعا إلى المحكمة الجنائية الدولية».

‎ورد وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف، على ما نشرته «الغارديان» مشددا على أنّ أي خطة سلام حول سوريا تتضمن فكرة رحيل الأسد لحل الأزمة في سوريا «غير قابلة للتطبيق». وقال لافروف: «إن أي خطة تتضمن وجوب مغادرة الرئيس الأسد قبل حصول أي شيء من حيث وقف أعمال العنف والشروع في عملية سياسية جديدة، لا تعمل منذ البداية وهي غير قابلة للتطبيق لأنّه لن يرحل».

وأضاف وزير الخارجية الروسي: «يجب أن ندرك أن بشار الأسد يعتقد أنّه أيا تكن الآراء حول الانتخابات السابقة، فقد صوَّت لحزبه وسياسته نصف السوريين على الأقل، لأنهم يرون فيه لأسباب مختلفة مستقبلهم وأمنهم»، وتابع: «منطقنا لم يتغير» حيال سوريا.

ومن جانبه رفض المتحدث الصحافي باسم البيت الأبيض جاي كارني التعليق على التقارير الصحافية التي أشارت إلى محادثات تعقدها كل من بريطانيا والولايات المتحدة لمنح الأسد عفوا وحصانة من الملاحقة القانونية. وقال كارني خلال المؤتمر الصحافي بالبيت الأبيض الخميس «لن أعلق على تقارير صحافية، وليس للولايات المتحدة أن تقرر مصير الأسد، فهذا أمر يرجع للسوريين، وهم الذين يقررون مصير الأسد».

وأكد كارني أن الولايات المتحدة تعمل مع المعارضة السورية ومع الشركاء الدوليين للدفع لبدء عملية تحول سياسي في سوريا وقال «نؤمن أن عملية تحول سياسي في سوريا لا يمكن أن تبدأ دون أن يتنحي الأسد عن منصبه، لكن ليس لنا أن نقرر مصيره» وأضاف كارني «الأسد لم يقدم أي مؤشرات أنه راغب في بدء عملية سياسية، بل يبدو واضحا أنه راغب في الاستمرار في قمع شعبه، والتمسك بالسلطة». وأكد كارني أنه لن يناقش النتائج التي يمكن أن يسفر عنها اجتماع مجموعة الاتصال في جنيف، مشددا أن موقف الولايات المتحدة هو أن الأسد ليس له مكان في مستقبل سوريا وقال «الأسد أهدر كل فرصة له ليقوم بعملية السلام في سوريا بتصرفاته وبتمسكه بالسلطة». وأشار إلى أن الرئيسين أوباما وبوتين يتشاركان في ضرورة إنهاء العنف في سوريا.

ومع ملاحقة الصحافيين بأسئلة حول مصير الأسد إذا قرر التنحي عن السلطة، كرر المتحدث الصحافي للبيت الأبيض أنه ليس للولايات أن تقرر مصير الزعماء الذين يتنحون عن السلطة. ونفي كارني تقديم الولايات المتحدة لأي مساعدات قتالية وأسلحة إلى المعارضة السورية رافضا التعليق على تقارير صحافية تتحدث عن دور للمخابرات الأميركية في مساندة المعارضة السورية.

بينما رفضت الخارجية الأميركية التعليق على التقارير التي أشارت إلى فكرة منح عفو وحصانة من الملاحقة القضائية للرئيس السوري بشار الأسد إذا انضم إلى محادثات سلام. وقال مصدر مسؤول بالخارجية الأميركية «إننا نواصل الضغط على نظام الأسد من الناحية المالية، بحيث لا يستطيع تمويل حملته الوحشية، وكان للعقوبات الأميركية والدولية تأثير كبير على إضعاف احتياطيات الأسد وفي الوقت نفسه أصبح النظام غير قادر على كسب المال، ويقوم الأسد بإنفاق كل الأموال الموجودة في سوريا من أجل قتل الشعب السوري». فيما رفض البيت الأبيض التعليق على تقارير إخبارية تنشرها الصحف البريطانية.

وكانت تقارير بريطانية قد أفادت أن كلا من بريطانيا والولايات المتحدة مستعدة لمنح العفو للأسد خلال اجتماع مجموعة الاتصال في جنيف نهاية الشهر الجاري، إذا كان ذلك يعني إمكانية ترتيب عملية انتقال سياسي للسلطة على غرار النموذج اليمني. وأشارت الصحف البريطانية إلى إمكانية مشاركة الأسد في الاجتماع، ودراسة عدد من الخيارات منها فرار الأسد إلى بلد آخر. وتقول التقارير الصحافية إن الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لقيا تشجيعا في هذا المجال من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء حضور الثلاثة لقمة دول العشرين في المكسيك مؤخرا.

واستهجن غليون تعامل الدول الكبرى مع الموضوع وكأن المشكلة هي في كيفية إنقاذ حياة أحد أكبر مجرمي العالم وليس في كيفية إنقاذ الشعب السوري منه، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نتألم حين نرى الدول الكبرى تجتمع في 30 يونيو (حزيران) لتعطي الأسد فرصة للخروج، بدل أن تجتمع في موعد أقرب لوضع حد لآلة القتل السورية».

وإذ شدّد غليون على وجوب محاكمة الأسد ومحاسبته كونه لم يكتف بقتل عشرات آلاف السوريين بل دمّر سوريا بالكامل، لفت إلى أن الشعب السوري لن يقبل بالعفو عن الأسد وأن القرار النهائي في هذا الإطار سيبقى بيد الشعب.

واعتبر غليون أن المجتمع الدولي يدور اليوم في حلقة مفرغة لأنّه يأبى التعاطي مع المشكلة الحقيقية، معتبرا أنّه وحتى لو عُرض على الأسد العفو مقابل التنحي فهو لن يقبل لأنّه «سكران بالدم ويفضّل الاستمرار بإبادة شعبه ليبقى على رأس السلطة»، وأضاف: «نحن نستغرب ما طرحته الغارديان إذ لم يُعرض علينا أي مبادرة جدية في هذا الشأن، علما أن ما يهمنا ويستوقفنا في أي مبادرة هو أن تكون تطرح آليات فورية وعملية لوقف القتل».

وعمّا رشح عن اللقاء الأخير الذي جمع الرئيسين الروسي والأميركي، لفت غليون إلى أنّها بداية مفاوضات بين الطرفين بإطار العمل لإيجاد مخرج للأزمة السورية، على أن تستكمل في المؤتمر المزمع عقده نهاية الشهر الجاري في جنيف.

وفي المقال عينه الذي نشرته «الغارديان» قالت إن المسؤولين البريطانيين والأميركيين «كانوا مقتنعين خلال محادثات قمة مجموعة العشرين بأن بوتين لم يكن متشبثا ببقاء الأسد في السلطة إلى أجل غير مسمى، على الرغم من أن هذا التنازل المحدود متنازع عليه في موسكو».

ولفتت «الغارديان» إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون واستنادا إلى هذه المناقشات «ستسعى الآن لإقناع المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا كوفي أنان بتغيير صيغة خطته ذات النقاط الست وجهوده لتشكيل مجموعة اتصال بشأن سوريا، والقيام بدلا من ذلك باستضافة مؤتمر دولي على غرار النموذج اليمني»، والذي أدى إلى تنحي الرئيس السابق علي عبد الله صالح ونقل صلاحياته إلى نائبه مقابل منحه الحصانة.

وفي موسكو شغلت المسائل المتعلقة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد حيزا كبيرا من اهتمامات وسائل الإعلام الروسية من منظور تأكيد ما سبق وقاله الرئيس بوتين في أعقاب لقائه مع نظيره الأميركي حول «أن لا أحد يملك الحق في أن يقرر بدلا من الشعوب الأخرى من يجب أن يتم إيصاله إلى السلطة ومن يجب تنحيته». وكان بوتين قال أيضا: «نعم، نحن نعلم أن هناك جزءا من الشعب السوري، الممثل بالمعارضة المسلحة، يريد أن يرحل الرئيس الأسد، ولكن، أولا، هذا ليس كل الشعب السوري، وثانيا، وهو الأهم في الأمر، من المهم ألا يحصل تغيير النظام فحسب - وحصول ذلك ممكن فقط بطريقة دستورية - بل والتوصل إلى إيجاد وضع يسمح بعد تغيير السلطة، إذا تم بالفعل، بأن يحل بعد ذلك سلام في البلاد وتتوقف إراقة الدماء». وفي تصريحاته التي نقلتها وكالة أنباء «إنترفاكس» اعتبر أفغيدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلية أن «رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لن يحل الأزمة القائمة في البلاد».