جدل في الولايات المتحدة حول زيارة نائب بالجماعة الإسلامية بتأشيرة رسمية

مصدر بالسفارة الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: كنا على علم بانتمائه لذراعها السياسية

شاب يلقي بالمياه على المعتصمين بميدان التحرير أمس للتخفيف من حدة الحرارة (أ.ف.ب)
TT

بينما قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها بدأت تحقيقا فيما يتعلق بزيارة نائب برلماني مصري يدعى هاني نور الدين، ينتمي لحزب البناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية)، لإجراء محادثات رسمية، على الرغم من أن الجماعة الإسلامية مدرجة على قائمة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية الأجنبية، قال مصدر بالسفارة الأميركية في القاهرة إن «السفارة كانت تدرك أن نور الدين يمثل الحزب السياسي للجماعة الإسلامية»، مؤكدا أن إجراءات سفره مرت عادية وطبيعية.

وكان وفد برلماني مصري من مختلف الأحزاب السياسية (التي كانت ممثلة برلمانيا في مجلس الشعب المنحل مؤخرا بقرار من المحكمة الدستورية لعدم دستورية قانون انتخاباته) قد سافر للولايات المتحدة لعقد عدة لقاءات مع أعضاء بالكونغرس الأميركي والإدارة الأميركية ووزارة الخارجية وعدة مراكز بحثية وصحف، وذلك بترتيب من السفارة الأميركية في القاهرة ومركز «ويلسون» للأبحاث، ومن ضمنهم نور الدين الذي شغل منصب وكيل لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشعب المنحل.

واتهم أعضاء في الكونغرس الأميركي نور الدين بأنه «إرهابي»، وأشاروا إلى «آراء إرهابية» - من وجهة نظرهم - كتبها نور الدين على صفحته في موقع «فيس بوك» في الإنترنت، كما طالبوا بترحيله في أسرع فرصة.

وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، في مؤتمر صحافي أول من أمس، إن «أي شخص يحصل على تأشيرة دخول يمر عبر مجموعة كاملة من عمليات الفحص.. غير أن عمليات الفحص هذه تعتمد على صحة البيانات المتوفرة لدينا في ذلك الوقت»، لكن مصدرا بالسفارة الأميركية في القاهرة، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، وقال إن الدعوة موجهه للنائب بصفته نائبا عن حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، مشيرا إلى أن إجراءات حصوله على تأشيرة دخول الولايات المتحدة مرت بشكل عادي وطبيعي.

وقال المصدر إن الوفد يضم أيضا نوابا من حزب الحرية والعدالة الإخواني، على رأسهم اللواء عباس مخيمر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب، والإصلاح والتنمية، وبعض المستقلين، لكن الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، نفى في تصريح صحافي وجود أي عضو من أعضاء الحزب أو نوابه في مجلسي الشعب والشورى ضمن أي وفد في الولايات المتحدة.

وأدرجت الولايات المتحدة الأميركية الجماعة الإسلامية على القائمة السوداء بالمنظمات الإرهابية في عام 1997، ومن المعروف أن أعضاء الجماعات المصنفة كمنظمات إرهابية ممنوعون من دخول الولايات المتحدة.

وقال مصدر رفيع المستوى بمجلس الشعب المصري إن زيارة الوفد البرلماني فقدت صفتها الرسمية منذ حل البرلمان، كاشفا لـ«الشرق الأوسط» أن السلطات المصرية لم تكن مسؤولة عن تسفير المسؤولين أو ترتيب الزيارة.

ويقضي الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية، الشيخ عمر عبد الرحمن، عقوبة السجن مدى الحياة في سجن أميركي، لاتهامه في تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993، وكذا التآمر لشن هجوم على مقر الأمم المتحدة ومعالم مهمة أخرى في مدينة نيويورك.

ونقلت صحيفة «ديلي بيست» الإلكترونية الأميركية عن نور الدين قوله: «أنا لست إرهابيا، وإنما عضو بالبرلمان، ولم أشارك في أي أعمال عنف ضد أميركا أو غيرها. أنا سجنت في اتهامات سياسية ليس لها أي أساس قضائي في عهد الرئيس السابق، حسني مبارك».

وأضاف نور الدين: «طلبت خلال اجتماعاتي مع مسؤولين كبار في البيت الأبيض نقل عمر عبد الرحمن إلى سجن مصري، لكن هذا الطلب رُفض».

وأوضح نصر عبد السلام، رئيس حزب البناء والتنمية، أن التصرف الأميركي يعتبر استمرارا لنفس أسلوب التقييم الخاطئ في التعامل الأميركي مع الإسلام واستمرار محاولة تشويهه، وقال عبد السلام لـ«الشرق الأوسط»: «الجماعة الإسلامية نبذت العنف في مبادرة احترمها العالم كله.. كما أصبح لها حزب سياسي قانوني وممثل برلمانيا»، متابعا: «على الإدارة الأميركية التعامل معنا من هذا المنطلق».

ولفت عبد السلام إلى أن واشنطن وضعت الجماعة الإسلامية على لائحة المنظمات الإرهابية دون أي سبب واضح، مشددا على أن نور الدين لم يشتكِ من أي سوء معاملة خلال إنهاء إجراءاته بالسفارة الأميركية في القاهرة.

ودعا طارق الزمر، عضو المكتب السياسي لحزب البناء والتنمية الولايات المتحدة الأميركية إلى إسقاط الملفات الأمنية التي تلقتها من النظام السابق، حتى لا يصبح الشعب المصري كله مدرجا بقوائم الإرهاب.

ويعتقد الدكتور كمال حبيب، الباحث المتخصص في الشؤون الإسلامية، أن الولايات المتحدة لا تتعامل مع التيار الإسلامي في مصر بصفته كتلة واحدة، وقال حبيب لـ«الشرق الأوسط»: «واشنطن تتعامل أساسا مع حزب الحرية والعدالة، وهو ما يكشفه حضور المسؤولين الأميركيين للقاء قادتهم بسبب نبذهم المبكر للعنف وخبرتهم السياسية ووجود سابق مفاوضات بين الطرفين قبل الثورة»، موضحا أن واشنطن لا تحبذ التعامل مع حزب النور السلفي والجماعة الإسلامية، بسبب ضعف خبرتهما السياسية والماضي العنيف للجماعة الإسلامية.