المعارضة بين رفض مشاركة إيران في مؤتمر حول سوريا والترحيب بها

عبد العزيز الخير: إيران لن تتمسك بالأسد إذا أمنت مصالحها.. والشيشكلي: مشاركتها تعني إشراك النظام في الحل

ليال تيلاوي وشقيقها موسى يستعرضان صور والدهما محمد تيلاوي الذي ظهرت جثته بعد اختفائه الأسبوع الماضي بخان شيخون (أ.ب)
TT

دعت الهيئة الوطنية لدعم الثورة السورية إلى تجاوز مرحلة التفاوض مع الروس وإيران، «وتشكيل ائتلاف عسكري دولي خارج الأمم المتحدة لإنقاذ الشعب السوري وتحقيق طموحاته الديمقراطية»، بينما رفض عضو المجلس الوطني السوري، أديب الشيشكلي، دعوة المبعوث الدولي كوفي أنان إيران للمشاركة في مؤتمر دولي حول سوريا، لكن من جهته، اعتبر عبد العزيز الخير، المسؤول الإعلامي في هيئة التنسيق الوطنية، أن إشراك إيران في مؤتمر كهذا، «هو تفكير إيجابي لتجنب محاولة أي طرف أي حل في سوريا، وإذا تأمنت لإيران مصالحها في المنطقة حينها لن تتوقف عند تفاصيل صغيرة ومنها التمسك بالرئيس الأسد».

وفي حين اعتبر أنان يوم الجمعة أن إيران يجب أن تشارك في أي اجتماع دولي بشأن سوريا وهي جزء من الحل، كان قد اقترح في وقت سابق بالتزامن من دعوة روسيا عقد مؤتمر دولي يضم دولا إقليمية كتركيا وإيران من أجل حل الأزمة، تأسيس مجموعة اتصال دولية تضم دولا لها نفوذ على الأطراف السورية، للعمل على إنجاح خطته.

وعن هذه الدعوة، أكد عضو المجلس الوطني السوري أديب الشيشكلي، رفض المجلس الوطني مشاركة إيران في أي مؤتمر حول سوريا، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مشاركة إيران تعني إشراك النظام في الحل وهذا ما لم يمكن أن نقبل به، لا سيما أنها شريكة النظام في قمع الثورة وقتل الشعب السوري، إن من خلال الدعم السياسي أو الدعم العسكري». واعتبر الشيشكلي أن هناك تباطؤا دوليا تجاه اتخاذ قرار حاسم يضع حدا للأزمة السوري، وهذا ما يعتبره الشعب الذي قتل منه أكثر من 17 ألف، مؤامرة ضده، لافتا إلى أنه «لغاية الآن ليست هناك أي إشارات إيجابية لوضع حد لما يحصل، وهذا يعني أنه ليس أمامنا إلا الاستمرار في الثورة»، مضيفا «أي مؤتمر لا ينتج عنه حل نهائي يرتكز على تنحية الأسد وتسليم السلطة وتنفيذ مبادرة الجامعة العربية، سيكون بالتأكيد مصيره الفشل».

بدوره، لفت الخير، إلى أن هيئة التنسيق كانت قد دعت منذ أكثر من شهرين، إلى العمل على تفاهم إقليمي دولي يضم الدول التي لها تأثير ونفوذ في الأزمة السورية، وأهمها، إيران وتركيا ودول الخليج ومصر والجامعة العربية وروسيا والصين والولايات المتحدة الأميركية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نعتبر أن دعوة أنان الأخيرة تصب في هذا الاتجاه، ونعتبرها طرحا منطقيا يسعى إلى تجنب محاولة أي طرف لوضع العصا بالدواليب أمام أي حل بشأن سوريا». وفي حين لفت الخير إلى أن إيران تدعم النظام السوري وتشاركه في المسؤولية لجهة قمع الثورة مثل روسيا وبعض الدول، رأى اعتبار إيران أنها تمثل النظام السوري، رؤية مسبقة لا تساعد في الحل، مضيفا «الشعب السوري يريد الحرية والكرامة وهو سيصل بالتأكيد إلى هدفه، وإيران دولة تسعى وراء مصالحها، وعندما تضمن هذه المصالح فلن تتوقف عند تفصيل متعلق بأشخاص وتتمسك بالرئيس الأسد».

وفي الرسالة التي وجهتها، «الهيئة الوطنية لدعم الثورة السورية» إلى قادة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، دعت فيها «تجاوز مرحلة التفاوض مع الروس وإيران» بشأن الأزمة السورية، مناشدة إياهم بـ«تشكيل ائتلاف عسكري دولي خارج الأمم المتحدة لإنقاذ الشعب السوري وتحقيق طموحاته الديمقراطية».

وجاء في الرسالة «من اللافت أنه بعد تحويل القضية السورية إلى مجلس الأمن من أجل اتخاذ قرار حاسم في إنقاذ الشعب السوري وحمايته، ومع استخدام روسيا والصين لحق النقض، فقد بدأت مرحلة جديدة في تعامل المجتمع الدولي مع الأزمة السورية الدامية»، موضحة أنها «بدأت تلك المرحلة بمحاولة إقناع روسيا والصين باتخاذ موقف موضوعي بعيدا عن المصالح مما يجري في سوريا، وبدأت روسيا بالمناورة لتعطيل موقف دولي حاسم بدءا من موافقتها على مبادرة المبعوث الأممي كوفي أنان إلى الآن».

وأشارت الهيئة إلى أن «ما يقلق السوريين أن تؤدي محاولة روسيا وسلوكها في التعامل مع الأزمة السورية عبر إرسال قطع من أسطولها البحري إلى مرفأ طرطوس إلى الضغط على الدول من أجل إنقاذ (الرئيس السوري) بشار الأسد ونظامه عبر حلول لا تؤدي إلى إسقاط النظام وتمكين الشعب السوري من التحرر من أسوأ الديكتاتوريات وأكثرها دموية».

وأملت من الدول الكبرى «التمعن في خطورة نجاح روسيا وإيران عبر المزيد من استخدام القوة من قبل النظام الحاكم في سوريا وحجم تأثير ذلك ليس فقط على سوريا، بل على المنطقة»، منوهة إلى أن «أطماع إيران وروسيا في السيطرة على المنطقة ستنتج اضطرابات تؤثر على أمن المنطقة واستقرارها وعلى أمن ومصالح دول العالم الحر».

وناشدت الهيئة القادة الغربيين «تجاوز مرحلة التفاوض مع الروس ومع إيران لأنه لم ينتج إلا مزيدا من القتل والتدمير» وبالعمل على «تشكيل ائتلاف عسكري دولي خارج الأمم المتحدة لإنقاذ الشعب السوري وتمكينه من تحقيق طموحاته في بناء دولة مدنية ديمقراطية يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات».

ومن جهتها، فرقت الخارجية الأميركية بين دور إيراني «عام» ودور «مباشر» في حل المشكلة في سوريا. وقالت إن اقتراح كوفي أنان، مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، يمكن أن يفسر بأكثر من تفسير. ونفت وجود «اختلاف أساسي» مع أنان.

وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن الدور الإيراني، كما تراه الولايات المتحدة، هو «قطع علاقاتها مع نظام الأسد، لا تأجيج أعمال العنف، ونود أن نرى إيران تقوم بدور بناء أكبر بكثير مما تقوم به الآن». وقالت: «قال أنان ينبغي لإيران أن تلعب دورا بناء في إيجاد حل في سوريا». ولهذا، الولايات المتحدة وأنان «متفقان على أن إيران يجب أن تكون بناءة أكثر بكثير في ما يتعلق بسوريا. ومن وجهة نظرنا، هذا الدور البناء يجب أن يشمل قطع العلاقات مع نظام الأسد، ووقف المساعدات له، ووقف التحريض على العنف الذي يحدث هناك».

لكن، قالت نولاند إن هذه المطالب يجب ألا تكون شرطا لدعوة إيران لحضور مؤتمر سوريا، وأن الموضوعين مختلفان. وقالت إن الولايات المتحدة تتوقع مؤتمرا «شاملا وفعالا»، وإنها تشترك في المفاوضات التمهيدية، لكنها لم تؤكد أن المؤتمر سينعقد في الثلاثين من الشهر الحالي. وقالت إن المشاورات التمهيدية مستمرة.

وعن تقارير إخبارية بأن مزيدا من العسكريين والسوريين هربوا من سوريا بعد هروب طيار طائرة «ميغ» الذي لجأ إلى الأردن في الأسبوع الماضي، قالت نولاند: «حسب تقاريرنا، خلال اليومين الماضيين، فر مسؤولون سوريون كبار. فر أربعة من كبار الضباط العسكريين، اثنان بريغاديران، واثنان عقيدان». وكررت نولاند الدعوة الرسمية الأميركية للعسكريين والمسؤولين في حكومة الرئيس السوري بشار الأسد برفض العمل فيها. وقالت: «ظللنا نطلب من هؤلاء أن يصوتوا بضمائرهم». وقالت «إن التقارير التي تسلمتها الخارجية الأميركية تشير إلى أن الكثير من العائلات المهمة في سوريا تركت البلاد، وأن الكثير من الأموال نقلت إلى خارج سوريا».