نفى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الاتهامات الموجهة إليه بدعم السلفيين في شمال لبنان بالمال والسلاح، كما نفى تركيزه على موضوع الإنماء في طرابلس والشمال «لأسباب انتخابية»، فيما كرر حزب الله تمسكه ببقاء الحكومة الحالية «لأن استمرارها كابح لخطر الفلتان الذي يريد البعض أن تقع البلاد في فخه».
ونقل ميقاتي في حوار مع الإعلاميين الذين واكبوا زيارته إلى البرازيل للمشاركة في «مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة» عن وزيرة الخارجية الأميركية التي التقاها في البرازيل تأكيدها على أهمية السياسة التي يتبعها لبنان لتحييده عما يجري في المنطقة.
وردا على سؤال عن الانتقادات التي استهدفته في قضية إخلاء سبيل عدد من الموقوفين في أحداث مخيم نهر البارد ودفعه الكفالات عنهم قال: «إنني استهجن هذه الحملة وأستغربها، لأنها ركزت على تفصيل بسيط وتجاهلت الأساس في الموضوع، وهو استمرار توقيف أشخاص منذ خمس سنوات من دون محاكمة. لقد تم إخلاء سبيل عدد قليل من الموقوفين، بناء على قرار المحقق العدلي وبعد مطالعة المدعي العام التمييزي، بعدما تجاوزت مدة توقيفهم المدة القصوى للجرائم المنسوبة إليهم، فيما يستمر توقيف أكثر من مائة شخص في الملف ذاته بانتظار المحاكمات. نحن لا نتدخل في عمل القضاء ولكننا كنا ولا نزال نطالب بإجراء المحاكمات العادلة لإحقاق الحق في هذا الملف، وما يقال خلاف ذلك هو من باب التجني ليس إلا. نحن لا نطالب بالإفراج عن القتلة ومن ساهموا في أعمال القتل، بل ندعو إلى الإسراع في المحاكمات ليأخذ كل شخص حقه». وعن توقيت هذه الخطوة في هذا الوقت بالذات أجاب: «إن مطالبتنا ببت الملف القضائي لأحداث مخيم نهر البارد ليست جديدة، انطلاقا من أن إحقاق الحق والعدالة أمر واجب وأن الحس الإنسان لا يسمح بالتغاضي عن استمرار توقيف أشخاص لسنوات من دون محاكمة. هذا الموضوع موضوع حق وليس موضوعا سياسيا، ونحن نتعاطى فيه من منطلق قانوني ولاعتبارات إنسانية واجتماعية، ولا يخطر ببال أحد لحظة أننا نقوم بأي عمل يمس سلطة الدولة وهيبة القانون. نحن من يعطي المثل في كيفية احترام القوانين ولا نقبل أن يزايد علينا أحد في ذلك أو يعطينا دروسا ومواعظ. هناك أناس مغبونون ونحن نساهم في رفع الغبن عنهم، لأن الغبن يوّلد الظلم والظلم يوّلد التطرف، ونحن في غنى عن أي تطرف جديد ونسعى إلى إلغاء ذرائع يتم استغلالها من قبل جهات لا تريد الخير للبنان».
وردا على سؤال عن تركيزه على الملفات الطرابلسية لاعتبارات انتخابية قال: «إنني في موقعي كرئيس للحكومة اللبنانية أعمل لخدمة جميع أبناء وطني، على اختلاف انتماءاتهم ومناطقهم، ومن الطبيعي أن أهتم أيضا بأهلي في طرابلس وأقف إلى جانبهم لرفع الظلم عنهم والحرمان اللاحق بمنطقتهم منذ سنوات طويلة. أنا رئيس حكومة لبنان وطبعا أعمل على هذا الأساس، ولكن هل تسلم رئاسة الحكومة يقتضي مني الانسلاخ عن أهل مدينتي وتهميشهم؟ وهل كتب على طرابلس أن تدفع الثمن بوجود رئيس حكومة منها وبعدمه؟ أنا ابن طرابلس وأفخر بذلك، فهي موطني وأهلي».
وعن اتهامه بدعم التيارات السلفية وتزويدها بالسلاح قال: «هذا الكلام لا يستأهل التوقف عنده وهو من ضمن الحملات التي تستهدفني لأسباب لم تعد خافية على أحد. ثقافتي ثقافة علم ومعرفة وتسامح وقبول الآخر وليست ثقافة سلاح أو حرب، وأنا أسلّح أبناء طرابلس بالعلم والمعرفة طبعا وليس بأي سلاح آخر، وأنا، منذ باشرت التعاطي بالشأن العام، قبل السياسة طبعا، وإنعام الله علينا بخيره، آليت على نفسي أن أمد يد العون لكل محتاج، من دون النظر إلى انتمائه، فكيف لا أقف والحال كذلك مع أهلي في طرابلس».
من جهة أخرى، أكد النائب محمد رعد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» التي تضم حزب الله وحلفاءه في البرلمان اللبناني «التمسك بالسلم الأهلي ودعم حكومة نجيب ميقاتي لأن استمرارها كابح لخطر الفلتان الذي يريد البعض أن تقع البلاد في فخه»، مطالبا الحكومة بـ«إيلاء القضايا المعيشية الاهتمام اللازم وفي مقدمها الكهرباء». وأكد «صوابية سياسة الحكومة بالنأي عن التدخل بالشأن السوري، مع الاحتفاظ بحق اللبنانيين في التعبير في هذا الموضوع، على أمل أن ينهض السوريون لإيجاد حل لأزمتهم بعيدا عن عسكرة الحل كي لا تضيع سوريا».
ورأى النائب أكرم شهيب عضو «جبهة النضال الوطني» التي يرأسها النائب وليد جنبلاط أن «هذه الحكومة التي جاءت بظروف معينة يجب أن تستمر لأن الكل أجمع بحكمة وحوار على وأد الفتنة في ظل دعم إقليمي وغربي للحوار والإبقاء على الحكومة ضرورة سياسية، لأن سقوطها سيؤدي إلى فراغ أمني ويهدد استقرار البلد». ولفت إلى أنه «لم يكن هناك أي تحالف بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار «الوطني الحرّ»، موضحا أن «الخلاف يعود إلى مقاربة الملفات الداخلية والإقليمية».