برلمان باراغواي يعزل رئيس الدولة.. ودول الجوار تدين «الانقلاب»

إجبار «أسقف الفقراء» لوغو على التنحي بسبب صدامات بين الشرطة ومزارعين

الرئيس المطاح به لوغو يتابع إجراءات عزله من قبل البرلمان عبر التلفزيون من داخل القصر الرئاسي في أسونسيون مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

أجبر البرلمان في باراغواي رئيس الدولة فرناندو لوغو على التنحي ونصب نائب الرئيس بدلا منه على خلفية صدامات بين الشرطة ومزارعين، في خطوة أثارت استياء معظم دول أميركا اللاتينية، ووصفها كثيرون بـ«الانقلاب».

وأقر مجلس شيوخ باراغواي بـ39 صوتا من 43 من أعضائه الحاضرين، عزل لوغو، وهو أول رئيس يساري لباراغواي منذ 62 عاما، وتنصيب نائب الرئيس فيديركو فرانكو بدلا منه. واتهم لوغو، الذي تنتهي ولايته بعد عام ونيف بأنه «أساء إنجاز مهامه» بعد الصدامات التي أودت بحياة 11 مزارعا لا يملكون أراضي وستة شرطيين، في عملية تهدف إلى طرد محتلي أرض زراعية في 15 يونيو (حزيران) الحالي في شمال شرقي البلاد. وخلال الجلسة، أدان أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ المحاكمة المتسرعة التي تشكل في نظرهم مساسا بالديمقراطية في البلاد. وقال لوغو في تصريحات أدلى بها في مقر الرئاسة بعد ذلك: «أرضخ لقرار الكونغرس»، مؤكدا أن «تاريخ باراغواي وديمقراطيتها أصيبا بجرح عميق». وكان لوغو الذي خضع لمعالجة ناجحة لسرطان في الجهاز اللمفاوي، أعلن أنه لن يترشح لانتخابات أبريل (نيسان) 2013. وكان لوغو يوصف بأنه «أسقف الفقراء»، وقد غادر العمل الديني قبل سنتين من انتخابه.

وقبل إعلان إقالة لوغو رسميا، سارع رئيس الإكوادور رافايل كوريا إلى القول إنها خطوة «غير شرعية»، مؤكدا في تصريح إذاعي أن بلاده لن تعترف بالرئيس الجديد. وفي كاركاس، وصف الزعيم الاشتراكي هوغو شافيز أيضا الرئيس الذي نصب مباشرة بعد إقالة لوغو بأنه «غير شرعي». وفي بيان صدر عن الرئاسة، قال شافيز إن «فنزويلا لن تعترف بالحكومة التي لا تساوي أي قيمة في أسونسيون، إنها غير قانونية وتفتقر إلى الشرعية». كما ندد رئيس يساري آخر هو رئيس بوليفيا، إيفو موراليس، بما قال إنه «انقلاب برلماني»، موضحا أن بلاده «لن تعترف بحكومة لا تنبثق عن صناديق الاقتراع».

ومن مقر الرئاسة في بيونس آيرس، أدانت رئيسة الأرجنتين كريستينا كريشنر، شريكة باراغواي في مجموعة «ميركوسور»، السوق المشتركة في أميركا الجنوبية، ما اعتبرته «انقلابا مرفوضا». وأعربت عن الأسف من أن «الاعتداء على المؤسسات يعيدنا إلى أوضاع ظننا أنها ولت نهائيا في أميركا الجنوبية». وفي سانتياغو، انضم وزير خارجية تشيلي ألفريدو مورينو إلى التنديد العام، معتبرا في تصريح تلفزيوني أن المحاكمة التي خلصت إلى إقالة رئيس باراغواي كانت متسرعة «ولم تتوفر فيها أدنى معايير» هذا النوع من الإجراءات. وفي ليما، اعتبر رئيس البيرو، أويانتا هومالا، أن إقالة فرناندو لوغو تشكل «نكسة للديمقراطية في المنطقة وتفرض على بلداننا أن نظل على يقظة»، معربا عن «تضامنه»، وذلك في رسالة إلى مواطني باراغواي، على ما أفادت به وكالة «أندينا» الرسمية.

وبدورها، أدانت كوستاريكا إقالة لوغو، وقال وزير الخارجية انريكي كستيو في بيان إنها «تبدو وكأنها انقلاب». أما رئيسة البرازيل، ديلما روسيف، فاستذكرت أن بروتوكولات مجموعة «أوناسور» تنص على أنه «إذا وقع انتهاك للنظام أو انتهاك للديمقراطية» فيجب «معاقبة (البلد المعني) بمنعه من المشاركة في الهيئات المتعددة الأطراف»، لكنها أوضحت أن هذه الإمكانية لم تناقش بشأن باراغواي.

من جهة أخرى، دعت الولايات المتحدة شعب باراغواي إلى الهدوء والتصرف بمسؤولية. وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية دارلا جوردان، قائلة: «إننا ندعو شعب باراغواي إلى التحرك سلميا وبهدوء ومسؤولية وبروح المبادئ الديمقراطية الباراغوية».

وإضافة إلى استنكار دول أميركا اللاتينية، أثارت إقالة لوغو المفاجئة ردود المنظمات الإقليمية أيضا. ودعا برلمان أميركا الوسطى (برلسان) المجتمع الدولي إلى رفض قرار مجلس شيوخ الباراغواي الذي اعتبره «انقلابا» على رئيس شرعي.

وتضم المنظمة التي تتخذ من غواتيمالا مقرا لها، السلفادور وهندوراس ونيكاراغوا وبنما وجمهورية الدومينيكان. كما عقدت «منظمة الدول الأميركية» جلسة طارئة أعرب فيها أمينها العام، خوسي ميغل انسولسا، عن شكه في أن تكون سلطات باراغواي «تحترم حق الدفاع عن النفس وتنظم محاكمة نزيهة». لكن رئيس الإكوادور، رافايل كوريا، اقترح أن ترفض «(أوناسور) الاعتراف بالحكومة الجديدة، وربما أن تذهب حتى إلى حد غلق الحدود».

وتعتبر منظمة «أوناسور» التي كان لوغو يتولى رئاستها، منظمة سياسية وتضم باراغواي والبرازيل والأرجنتين وبوليفيا وكولومبيا وتشيلي والإكوادور وغويانا والبيرو وسورينام وأوروغواي وفنزويلا.