النائب السابق لمرشد «الإخوان»: موجة من الانفلات الأمني في حال فوز مرسي

محمد حبيب لـ «الشرق الأوسط»: لم يعد أحد يثق بأحد.. وكل الأطراف مسؤولة

د. محمد حبيب
TT

اعتبر الدكتور محمد حبيب النائب السابق للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بمصر أن تأخير اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية الإعلان عن اسم الرئيس المصري الجديد من الحادي والعشرين من يونيو (حزيران) الجاري إلى اليوم (الأحد) يتسبب في تأزيم الموقف.

وقال حبيب في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «هناك زيادة في ثقافة الشك والريبة وغياب الشفافية تؤدي إلى مزيد من فقدان الثقة بين كافة الأطراف، لم يعد هناك أحد يثق في أحد على الإطلاق». وتوقع حبيب موجة من الانفلات الأمني تقوم بها ما سماها «ميليشيات الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل)» في حالة إعلان فوز الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات الرئاسة، كما توقع مظاهرات عارمة في أنحاء مصر في حالة فوز الفريق أحمد شفيق بالانتخابات، خاصة لو شاب النتيجة أي تزوير. وأعلن المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أن اسم الفائز في انتخابات رئاسة مصر سيعلن في الثالثة ظهر اليوم (الأحد) في مؤتمر صحافي تعقده اللجنة بمقر الهيئة العامة للاستعلامات بحي مدينة نصر (شرق القاهرة). وطالب حبيب جماعة الإخوان المسلمين بالعودة إلى روح 25 يناير (كانون الثاني) 2011 واستعادة الثقة بين أطراف الجماعة الوطنية، وقال: «لا يمكن لأي تيار أو فصيل مهما كان حجمه أو وزنه أن يواجه التحديات الموجودة داخليا وخارجيا بمفرده». وأقر حبيب بوقوع أخطاء من جانب جماعة الإخوان المسلمين في المرحلة الانتقالية، إلا أنه أعرب عن اعتقاده بأن الجماعة بدأت تسلك طريق التصحيح بشكل جيد، مشيرا إلى أنه لا توجد مفاوضات بين «الإخوان المسلمين» والمجلس العسكري، موضحا: «هناك غيورون يحاولون الاتصال بطرفي الأزمة لإيجاد حل». وفيما يلي نص أهم ما جاء في الحديث.

*بم تفسر الاحتقان في المشهد الحالي على الساحة السياسية المصرية؟

- هناك زيادة في ثقافة الشك والريبة وغياب الشفافية تؤدي إلى مزيد من فقدان الثقة بين كافة الأطراف، لم يعد هناك أحد يثق في أحد على الإطلاق.. وكل الأطراف مسؤولة عن ذلك، فالعسكر أصبحوا في ناحية وقوى الميدان الثورية بما فيها «الإخوان المسلمون» في ناحية أخرى، وكل طرف يحاول الضغط على الآخر، أي أن الأمر تحول إلى صراع إرادات والطرف الذي سيصمد في الصراع سيفرض رأيه في نهاية الأمر على الآخر.

*هناك حديث متزايد عن محاولات تقوم بها قوى سياسية مختلفة لمحاولة تقليل الفجوة بين الأطراف المتصارعة.. كيف ترى فرص الوصول إلى حل؟

- أي محاولات لإيجاد حل هي في حد ذاتها شيء طيب وجهد محمود، ولكن علينا أن ندرك الأسباب التي أدت إلى تلك الحالة وعلى رأسها قرارات المجلس العسكري، فهي السبب في الحالة التي وصلنا إليها، فمثلا قرار وزير العدل بمنح ضباط الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية صلاحية الضبطية القضائية ثم حل مجلس الشعب والإعلان الدستوري المكمل الذي ينزع صلاحيات الرئيس كلها أسباب لما نحن فيه، وتشكيل مجلس الدفاع الوطني بأغلبيته من العسكريين.

*ولكن مجلس الشعب تم حله بحكم من المحكمة الدستورية العليا لعدم دستوريته، أي لا شأن للمجلس العسكري بذلك القرار! - عهدنا أن تأخذ الأحكام من هذا النوع سنوات من التداول في قاعات المحاكم، ولكن أن يصدر القرار بهذه السرعة فهذا أمر غريب.. وأنا أذكر أنني كنت نائبا في برلمان عام 1987 وتم حله في ظروف مشابهة، ولكن قرار الحل صدر عام 1990 بعد ثلاث سنوات من التداول القانوني، كما أنه كانت هناك اجتهادات قانونية ببطلان عضوية ثلث النواب الأمر الذي يجمد نشاط المجلس ولا يحله، ولكن أن يصدر القرار بهذا الشكل ويحل المجلس ككل كان جزءا من الأزمة.

*قيادات بالمجلس العسكري بررت الإعلان الدستوري المكمل بأنه ينظم بعض السلطات ولا ينزع صلاحيات الرئيس، هل توافق على ذلك الطرح؟

- لا.. أنا أرى أن ذلك الإعلان يوجه ضربة استباقية للرئيس القادم بأنه سيكون رئيسا منزوع الدسم وفاقدا للكثير من صلاحياته، وأن القوات المسلحة ستكون دولة داخل دولة، وأن المجلس العسكري يريد أن يبسط هيمنته وأن يظل في السلطة حتى نهاية الفترة الانتقالية على أقل تقدير دون انتظار حتى يأتي رئيس جديد، وكل هذا يزيد الصراع بين المجلس العسكري وقوى ميدان التحرير.

*إذا انتقلنا إلى الانتخابات الرئاسية.. في رأيك ما سبب تأخير إعلان النتيجة رغم تجاوز الموعد الذي حددته اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة من قبل؟

- لا أعرف السبب، ولكن في تصوري أن تأخير الإعلان عن اسم الفائز في انتخابات الرئاسة، رغم أن اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة حددت 21 يونيو الجاري موعدا لإعلانها، يثير الكثير من الشكوك والريبة ويتسبب في تأزيم الموقف.

*ما هي توقعاتك في حال فوز الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية؟

- إذا فاز الدكتور مرسي لا أعتقد أن ميليشيات الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل) سوف تهدأ، وأتوقع أن تكون هناك محاولات لإحداث موجة جديدة من الانفلات الأمني وعودة مظاهرات المطالب الفئوية، وفي هذه الحالة سنرى كيف سيعالج الأمن الأمر؟!

*وفي حالة فوز الفريق أحمد شفيق كيف ترى الوضع؟

- في حالة فوز الفريق شفيق أتوقع اندلاع مظاهرات في طول البلاد وعرضها، خاصة إذا كان الأمر مرتبطا بالتزوير.

*كقيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين ووصلت إلى منصب نائب المرشد العام بها، هل يمكن أن يكون سبب تأخير النتيجة هو وجود مفاوضات بين الجماعة والمجلس العسكري للوصول إلى صفقة ما؟

- لا أعتقد أن هناك مفاوضات، لكن أظن أن الغيورين في هذا البلد سيحاولون إيجاد منفذ أو مخرج من الأزمة الحالية من خلال الاتصال بطرفي الأزمة، وقد يكون هذا سبب تأجيل النتيجة.. لا أعرف.

*إذا همست في أذن قيادة الجماعة ماذا ستقول لهم عشية إعلان اسم رئيس مصر الجديد؟

- سأقول لهم: إنه من المهم جدا استعادة روح 25 يناير 2011 واستعادة الثقة بين أطراف الجماعة الوطنية، فلا يمكن لأي تيار أو فصيل مهما كان حجمه أو وزنه أن يواجه التحديات الموجودة داخليا وخارجيا بمفرده، ولا بد من تكاتف كل القوى وتضافرها من أجل هذا الهدف.

*وهل تحقيق مثل هذا التكاتف واستعادة الثقة متاح الآن في ظل الشرخ في العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والقوى الثورية على خلفية مواقف سابقة للجماعة ساندت فيها المجلس العسكري؟

- بالتأكيد كانت هناك أخطاء من جانب جماعة الإخوان المسلمين في المرحلة الانتقالية، ولكن أنا أرى أنه يجب أن يأخذ «الإخوان» فرصتهم لتصحيح هذه الأخطاء، وأعتقد أن الجماعة بدأت في سلوك طريق التصحيح بشكل جيد.