فجر مؤخرا باحث جزائري «قنبلة» بالقول إن الموسيقار القديم زرياب لم يكن إلا «وهما». وهو ما أثار النقاش مجددا حول هذه الشخصية التي ينسب إليها التراث الموسيقي الأندلسي والمغاربي. إذ يعتبر زرياب واضع المقامات الـ24 المعروفة لهذا النوع من الموسيقى، والتي تسمى محليا «نوبات». وطرح بهذه المناسبة سؤالا في غاية الأهمية: هل بني التراث الموسيقي المغاربي على «وهم»؟
زرياب هو بالفعل «أيقونة» الموسيقى الأندلسية المغاربية التي طالها شك على مر القرون، نتيجة لما سماه باحثون بالـ«ثغرات» وتناقضات في قصة هجرته إلى المغرب مع بعض الوقائع التاريخية المحددة، لكن جاء الآن من ينفي وجود زرياب جملة وتفصيلا. إنه الباحث الجزائري عبد الملك مرواني، الأستاذ بالمعهد الجهوي لتعليم الموسيقى بمدينة قسطنطينة (الشرق الجزائري)، الذي ذهب صراحة للقول: إن البحوث التي أجراها «تؤكد على أن الفكرة التي تشكلت عن زرياب لم تكن سوى نسج من الخيال الصوفي».
والباحث عبد الملك مرواني الذي ألف في هذا الصدد كتابا بعنوان «زرياب والموسيقى العربية ما بين الأسطورة والحقيقة» قال: إن أبحاثه توصلت إلى أن الحكاية المتداولة بشأن زرياب يكتنفها الكثير من الثغرات. وقال أيضا: «إن ما ورد حول كون زرياب قد تعرض إلى مؤامرة حاكها ضده أستاذه إسحاق من أجل قتله (لا أساس لها من الصحة)». وأضاف أن الهدف من هذا الكتاب هو «استعادة الحقيقة التاريخية ورد الاعتبار لآل الموصل (إسحاق ووالده إبراهيم) الذين انتهكت حقوقهم بأقاويل حيكت من العدم وروجتها التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال».
وقال مرواني: إن كتابه «دليل متواضع من 173 صفحة، مقسم إلى خمسة فصول رئيسية تفسح المجال أمام الباحثين لتسليط الضوء على مسار كامل من تاريخ الموسيقى والفن المغاربي الذي لا يزال إلى غاية الساعة مدفونا تحت أنقاض مملكة النسيان وعدم اكتراث الباحثين»، واختصارا، فإن الباحث عبد الملك مرواني يقول إن حكاية زرياب هي مجرد «وهم صوفي»، وهي النتيجة التي صدمت الكثير من الباحثين في التراث الموسيقي الأندلسي والمغاربي الذين بنوا كل أبحاثهم حول هذه الشخصية.