أمين عام إخوان مصر لـ «الشرق الأوسط»: وصول الإسلاميين فاتحة خير

المتحدث الرسمي للجماعة: العبء ثقيل بعد أن خرب نظام مبارك قطاعات كبيرة في البلاد

TT

قال الدكتور محمود حسين، أمين عام جماعة الإخوان المسلمين في مصر، إن الرئيس محمد مرسي، والذي أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فوزه أمس، أعد استقالته من حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان وأنه تقدم بها فور فوزه بالانتخابات. مؤكدا أن «الجميع في مصر وخارجها سيرى أن الرئيس الجديد يقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية في البلاد بما فيها جماعة الإخوان»، متعهدا أن يرى الجميع أن دعوة الإخوان دعوة سلام وحب وأن وصول الإسلاميين إلى الحكم فاتحة خير.وأضاف حسين وهو عضو بمكتب الإرشاد (أعلى هيئة تنفيذية في الجماعة) في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن النتيجة التي أعلنتها اللجنة العليا تعني أن المصريين حققوا إرادتهم الحرة، وأنه على أعتاب تحقيق كافة آماله وطموحاته.

وكانت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قد أعلنت أمس في مؤتمر صحافي فوز مرشح الإخوان في الانتخابات التي أجريت جولتها الثانية مطلع الأسبوع الماضي بنسبة 51.7 في المائة، وهو ما اعتبره مراقبون هامشا ضئيلا. وكانت البلاد قد شهدت استقطابا حادا بين أنصار مرشح الإخوان ومنافسه الفريق أحمد شفيق المحسوب على نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وطمأن حسين أنصار المرشح المنافس والأقلية المسيحية في البلاد، التي بدا أن تصويتها يميل لصالح منافسه (شفيق)، وقال: «نحن دعوتنا دعوة سلام.. دعوة حب وعدل للجميع، وسوف يرى المصريون أن وصول الإسلاميين فاتحة خير على البلاد». وأكد حسين التزام الرئيس المصري محمد مرسي بكل ما تعهد به، قائلا إن «مرسي دائما يفي بعهوده، وكل ما أعلن التزامه به سوف يتحقق بإذن الله؛ بل وأكثر مما وعد به»، مشيرا إلى أن مرسي سيتفاهم مع كافة القوى السياسية والوطنية. ونفى حسين أن يكون للجماعة علم بهذه المشاورات، قائلا: «الجماعة لا شأن لها بتشكيل الحكومة هذا أمر في يد الرئيس محمد مرسي». وكان مرسي قد تعهد في مؤتمر صحافي جمعه برموز سياسية ثورية وشباب الثورة منذ أيام بتشكيل مجلس رئاسي يضم نوابا بينهم امرأة وقبطي وشاب، كما تعهد بتسمية رئيس وزراء من غير المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين -على أن يكون شخصية وطنية مستقلة - لرئاسة حكومة إنقاذ وطني تمثل كافة أطياف القوى السياسية، على ألا تكون غالبيتها من حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان.

ومن جانبه، أعرب الدكتور محمود غزلان، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من العاصمة اللبنانية بيروت، عن اعتقاده بأن نتائج الانتخابات تثبت أن الشعب المصري حريص على ثورته، وأنه متمسك بالديمقراطية وإرادة التغيير والعدالة الاجتماعية وكل القيم السامية التي نادت بها ثورة 25 يناير. وقال غزلان، وهو أيضا عضو بمكتب الإرشاد، إنه «يشعر بالإشفاق على قيادات الجماعة والحزب (الحرية والعدالة) من تحمل هذه المسؤولية.. فالبلاد في وضع صعب للغاية والعبء ثقيل لأن النظام السابق خرب قطاعات واسعة في البلاد وأصبح عبء إصلاحها في رقابنا». وحول موقف جماعة الإخوان من الإعلان الدستوري المكمل، الذي أصدره المجلس العسكري قبل أسبوع وتعتقد الجماعة أنه ينتقص من صلاحيات الرئيس، قال غزلان: «كل ما نرجوه كجماعة هو أن يتسلم رئيس مصر الجديد مهام منصبه بصلاحيات كاملة.. المنصب لا يعنينا في شيء، إنما الأهم هو وجود صلاحيات تخول للرئيس بناء مصر الجديدة»، وأضاف أن «المجلس العسكري وعد بتسليم السلطة كاملة غير منقوصة، وقد أصدر المجلس هذا الإعلان بغير سند.. لذلك نأمل في أن يتم تجاوز هذه الأزمة».

وقال مراقبون ودستوريون إن الإعلان الدستوري المكمل صدر لتجاوز قصور الإعلان الدستوري المعمول به حاليا والذي أصدره المجلس العسكري نهاية مارس (آذار) من العام الماضي. وبحسب نص الإعلان الدستوري الجديد (المكمل) يؤدي محمد مرسي اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، بعد أن قضت المحكمة الدستورية بحل البرلمان لعدم دستورية القانون الذي أجريت على أساسه الانتخابات. وحول حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان والذي قضت به المحكمة قبل نحو 10 أيام، قال غزلان إن «هذه الانتخابات (البرلمانية) كانت أول انتخابات نزيهة تشهدها مصر، وشارك فيها نحو 30 مليون ناخب وتكلفت ملياري جنيه، وليس من المنطقي إلغاء كل هذا بجرة قلم.. إذا ما كانت شبهة عدم الدستورية تتعلق بثلث البرلمان فقط». وكان قانون الانتخابات البرلمانية التي جرت مطلع العام الحالي قد منح للأحزاب حق الترشح على ثلثي مقاعد البرلمان البالغ 498 مقعدا، وذلك بنظام القائمة الحزبية المغلقة، بينما منح القانون الثلث الباقي للمستقلين وسمح للأحزاب بالمنافسة على هذا الثلث أيضا، وهو ما اعتبرته المحكمة إخلالا بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص. ورفضت جماعة الإخوان وحزبها السياسي الحكم واعتبرته حكما سياسيا. وقال غزلان إنه يجب على القوى السياسية جميعها أن تتوصل لحل بهذا الشأن، مشيرا إلى أن هناك فقهاء دستوريين يقولون إنه يمكن الاكتفاء بحل ثلث البرلمان فقط، وأعتقد أن ظلما أكبر سيقع على المستقلين الذين خاضوا الانتخابات ونجحوا.. «هؤلاء يجب الإبقاء على عضويتهم، وإلا نكون بذلك قد عاقبناهم مرتين، الأولى بخوضهم الانتخابات في مواجهة أحزاب والثانية ببطلان عضويتهم رغم نجاحهم».

من جانبه، قال مدحت الحداد، عضو مجلس شورى الجماعة (أعلى هيئة تشريعية في الإخوان) مدير مكتبها الإداري بمدينة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط» إن القوى الثورية سوف تظل في كافة الميادين للتأكيد على المطالب الشعبية بضرورة إلغاء كافة القرارات التي صدرت في الأسبوع الأخير بإرادة منفردة من المجلس العسكري، وعلى رأسها الإعلان الدستوري المكمل الذي يمنح صلاحيات واسعة للمجلس العسكري. وتعهد حداد بعدم مغادرة الميادين إلا بعد أن ينال مرسي كافة صلاحياته كرئيس للجمهورية. وقال: «لن نقبل أن يتحول أول رئيس حقيقي منتخب لمصر بعد ثورة 25 يناير، وبعد عقود طويلة من التزوير والظلم، إلى دمية في يد أي سلطة». وتخشى قوى ثورية، على رأسها حركة شباب 6 أبريل التي أعلنت دعمها لمرسي وشباب ائتلاف الثورة، من توصل مرسي لتفاهمات مع المجلس العسكري وتمرير الإعلان الدستوري المكمل، وقرار وزير العدل بمنح عناصر في الجيش حق إلقاء القبض على المدنيين.