قيادي سلفي يدعو الرئيس مرسي لطمأنة مسيحيي مصر

الشحات لـ «الشرق الأوسط»: للجميع دور في الدولة الجديدة حتى من صوتوا لشفيق

الشيخ عبد المنعم الشحات
TT

دعا القيادي السلفي، الشيخ عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية في مصر، لطمأنة مسيحيي مصر وإجراء مصالحة وطنية، وذلك عقب فوز الإخواني الدكتور محمد مرسي بالرئاسة، أمس. وقال الشحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ينبغي أن يكون لجميع المصريين دور في الدولة الجديدة، حتى من صوتوا للمرشح الخاسر المحسوب على النظام السابق، الفريق أحمد شفيق.

وأضاف الشيخ «الشحات» أن ما يتردد عن رغبة المسيحيين في مصر في الهجرة خارج البلاد عقب فوز مرسي، ما هو إلا دعاية إعلامية من أفراد غير محسوبين على الغالبية العظمي من المسيحيين. وقال إن «الكرة الآن أصبحت في ملعب الدكتور مرسي».

وكان عدد من مسيحيي مصر أعلنوا نيتهم الهجرة من البلاد في حال فوز الدكتور مرسي، خشية من سيطرة الإسلاميين على السلطة، لكن الشحات قال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «أثق في أن القيادات الدينية والسياسية المسيحية سوف تتعامل مع الدكتور مرسي، ونريد أن تكون الانتخابات الرئاسية فرصة لأن يدرك المسيحيون أن الطغاة لا يحمونهم بل يوظفونهم»، مشيرا إلى أن حادث كنيسة القديسين في مدنية الإسكندرية، مطلع يناير (كانون الثاني) 2011 وحادث مطرانية نجع حمادي بمحافظة قنا (جنوب مصر) في يناير 2010 خير دليل على ذلك، في إشارة إلى أن هذه الحوادث وقعت في ظل حكم النظام السابق.

وطالب الشحات المسيحيين أن يمنحوا لأنفسهم فرصة، وأن يدركوا أن التحامهم مع من تختاره الأغلبية، وليس مع فرد بعينه، سوف يحقق لهم أمنا واستقرارا أكثر بكثير مما يحققه التحالف مع من يطلقون على أنفسهم قوى ثورية، ممن قال إنهم لا يفرقون في نهاية الأمر في ظلمهم بين مسلم وغير مسلم، بل قد يطلقون تصريحات معسولة للمسيحيين، بينما واقع الأمر وبطرق ملتوية يفزعونهم عن طريق المؤامرات.

وتابع الشحات قائلا إنه ثبت بعد الثورة أن كثيرا من الحوادث التي أفزعت المسيحيين في العهد السابق كانت من تدبير النظام.

وعما يأمله التيار السلفي من الرئيس الجديد مرسي، قال الشيخ الشحات: «نأمل آمالا يتعلق معظمها أو كلها بالصالح العام وليس لصالح التيار الإسلامي فقط ولا التيار السلفي، فأول ما نتمنى أن ينجزه الدكتور مرسي المصالحة الوطنية وطمأنة جميع أفراد الشعب، وأن لكل مواطن دورا في الدولة الجديدة، حتى الذين صوتوا لصالح الفريق أحمد شفيق (المرشح الخاسر)».

وتابع الشحات قائلا: «نحن كدعوة سلفية خاطبنا الدكتور مرسي بهذه المطالب في لقاءات خاصة، وتحدثت أنا بها في ميدان التحرير، بأنه ليس كل من انتخب شفيق من الفلول، ولكن هناك إسهامات في إرهاب البعض، فنحن ساهمنا وساهم الآلاف، ويجب أن نعترف بخطئنا».

وقال الشحات أيضا إن من يخطئ فإن «باب التوبة مفتوح له بالطرق الشرعية والقانونية، بعد أن يؤدي الحقوق إلى أصحابها، وينسجم مع المجتمع، وهو ملف في غاية الأهمية، بالإضافة إلى ضرورة استقرار أحوال معيشة الناس في مسألة الغذاء والوقود، وهما أهم ملفين في المائة يوم الأولى للرئيس الجديد، ونتمنى أن ينجزهما».

وعن رؤيته للفترة المقبلة من تاريخ مصر، قال المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية: «الكرة الآن في ملعب الدكتور مرسي وحزب الحرية والعدالة، وإن من حسن الظن بالله تعالى أنه سوف يعينهم على مصالحة وطنية تصل بنا إلى حد الاستقرار، وبلا شك ذلك قد يستغرق بعض الوقت، لكن إذا كنا نتحدث عن انتخابات الإعادة، فالمرشح الآخر بغض النظر عن أنه خسر عن طريق الصندوق، فنحن نحمد الله على ذلك، لأن فوز الفريق شفيق كان سيعني أن الثورة في نقطة الصفر مرة ثانية».

وأوضح الشحات أن نجاح الدكتور مرسي يعني أن الخيار الأكثر في مصر كان يميل إلى الاستقرار، و«بلا شك سيكون على الدكتور مرسي تبعات كبيرة في أن يحسن قيادة المرحلة حتى يصل بنا إلى هذا الاستقرار».

وعن مشاورات جرت بين التيار السلفي والدكتور مرسي بشأن اختيار أي من القيادات السلفية، قال الشيخ الشحات: «أجلنا هذه المناقشات مع الحرية والعدالة ومع الدكتور مرسي خاصة، حتى نفرغ من الانتخابات الرئاسية، وأظن أنه آن الآن لمناقشة هذه الأمور مع الدكتور مرسي شخصيا وليس الحزب»، مشيرا إلى أن ذلك قد يحدث خلال الساعات المقبلة.

واعتبر الشيخ الشحات أن استقالة الدكتور مرسي من حزب الحرية والعدالة الذي يرأسه ضروري في هذه المرحلة، قائلا: «التجربة المصرية سيئة في هذا الشأن بأن يكون رئيس الجمهورية، رئيسا لحزب سياسي في آن واحد، وما استقر في الأذهان أن اتهام الرئيس السابق حسني مبارك بالظلم نتج عن التفاف مجموعة من المنتفعين حوله من المنتمين لحزبه، وحيث كان هو رئيس الدولة ورئيسهم في الحزب في نفس الوقت»، وتابع: «ربما تكون التجارب الناضجة في بلدان أخرى بأن يكون رئيس الدولة رئيسا لحزب سياسي تحتمل ذلك، لكن تجربتنا في مصر لا تحتمل ذلك».

وعن دعوته لعودة الإسلاميين إلى بيوتهم وترك التظاهر في ميدان التحرير، خاصة بعد فوز الدكتور مرسي، قال الشيخ الشحات: «عادة نفضل توجيه رسالة للعالم بأننا نتظاهر دائما في يوم عطلة رسمية وبعدها ينصرف الجميع لأعمالهم، ولكن ما تم في التحرير خلال الأيام السابقة، كان اعتصاما سلميا منظما ليس فيه تجاوزات، وبالتالي لن نوجه نداء لأحد بأن يكف عن الاعتصام، ولكن نحث الجميع بالابتعاد عن أي محاولة للخروج عن خط السلمية في المظاهرات أو عمل أي ممارسات من شأنها تعطيل مصالح الناس». وحول وجهة نظره في مدى تعاون المجلس العسكري الحاكم مع الدكتور مرسي خلال الفترة المقبلة، قال الشيخ الشحات: «رغم الاعتراضات الكثيرة على الأداء السياسي للمجلس العسكري في الفترة السابقة، فإن الشعب المصري سوف ينسي ذلك كله ويتذكر اللحظة الرائعة التي سيسلم العسكري فيها السلطة للرئيس المنتخب في الموعد الذي حدده».

وتابع قائلا: «إذا تمت هذه العملية بسلام، سوف يسمع المجلس العسكري كلمة شكر خالصة من الشعب»، مضيفا: «أتمني أن يدرك الدكتور مرسي أيضا طبيعة عمل الجيش المصري وطبيعة وضع المؤسسة العسكرية، وأن يعاملهم باعتبارهم رئيسا سابقا له مباشرة، وقد يحتاج إلى استشارتهم في بعض الأمور، وذلك بما لا يخل بالصلاحيات الدستورية التي نريد أن تمنح له كاملة دون انتقاص».