سقوط عشرات القتلى في اشتباكات وقصف.. ودير الزور تنال «حصة الأسد»

مقتل 27 من القوات النظامية أغلبهم بكمين في حلب.. وهجوم على مخزن ذخيرة وأسر 11 جنديا

صورة بثت أمس لعناصر من الجيش الحر يعلنون فيها أسر أفراد من الجيش الحكومي بعد هجوم على قاعدة عسكرية قرب دمشق (أ.ف.ب)
TT

واصل النظام السوري عملياته العسكرية في عدد من المناطق السورية بعد حصيلة يوم سبت دام ذهب ضحيته أكثر من مائة قتيل وفق لجان التنسيق المحلية في سوريا. وبلغ مجموع القتلى أمس 63 شخصا على الأقل جراء الاشتباكات والقصف الذي تقوم به القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، سقط أغلبهم في دير الزور. ولقي ما لا يقل عن 27 من القوات النظامية السورية حتفهم، بينهم 26 نتيجة الاشتباكات في محافظات إدلب وحلب ودير الزور وريف دمشق، بينما قتل جندي نظامي بعبوة ناسفة على طريق أريحا - قسطون في إدلب.

وقتل 15 شخصا بينهم طفلة في قرية بقرص و13 آخرين في مدينة دير الزور بينهم مقاتلان معارضان، بالإضافة إلى مقتل رقيب أول منشق في المدينة التي نالت حصة الأسد أمس من قوات الأمن السورية التي اقتحمتها فور انتهاء الامتحان الصباحي لطلاب الشهادة الإعدادية. ونقلت «لجان التنسيق المحلية» في سوريا عن «ثوار دير الزور مطالبتهم بإعلان مدينتهم (مدينة منكوبة بحاجة لجسر إنساني بالسرعة القصوى)»، مطالبين «المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي بالتدخل السريع لإنقاذ حياة الجرحى والمدنيين». وأعلن المجلس الوطني السوري في تقريره اليومي أمس أن «قوات الجيش مدعمة بالأمن والشبيحة اقتحمت مدينة دير الزور من المدخل الجنوبي والغربي بنحو 25 دبابة وآلية مصحوبة بسيارات الأمن، حيث تم الاقتحام على ثلاثة محاور، وتبعه قصف عشوائي طال أحياء المدينة (الموظفين، القصور، الحميدية، العرضي، الشيخ ياسين، والمناطق المجاورة لدوار غسان عبود)».

وذكر أنه «تم تطويق الأحياء المذكورة وتمشيط الحارات في ظل حملة مداهمات وتكسير ونهب للمحلات التجارية، تبعها قصف من المدفعية المتمركزة على الجهة الجنوبية ومعسكر الطلائع غرب المدينة». وأدى قصف منازل المواطنين إلى مقتل عشرة أشخاص على الأقل، فضلا عن عدد كبير من الجرحى.

وقال المجلس الوطني إن «قوات النظام أنذرت المشافي الخاصة بالإغلاق أو التدمير خلال ساعة»، لافتا إلى «استهداف المآذن والمساجد، ولا سيما مسجدا العرفي والشرعية». وبينما استغرب «المجلس الوطني» استخدام «الطيران والقصف المدفعي العشوائي وانتشار القناصة من أجل القضاء على بعض عناصر الجيش الحر على قلتهم، والموجودين بالمدينة لحماية المظاهرات السلمية والمدنيين»، نقلت لجان التنسيق المحلية عن مصادر طبية في دير الزور قولها إن «عدد المصابين داخل المدينة جراء القصف العنيف المتواصل الذي تتعرض له تجاوز 1500 مصاب وسط عجز طبي ودوائي شديد يعرض حياة المصابين للخطر».

وفي اللاذقية، قال عضو اتحاد تنسيقيات الثورة عمار الحسن لـ«الشرق الأوسط»، إن «اشتباكات وقعت بين عناصر من الجيش الحر والجيش النظامي في منطقة جبل الأكراد»، بينما نفذت قوات الأمن حملة اعتقالات طالت عددا من الناشطين في منطقة الطليبة، التي شهدت خروج مظاهرة مطالبة بإسقاط النظام فرقتها قوات الأمن بإطلاق الرصاص والقنابل الصوتية.

وأشار الحسن إلى «تحليق للطيران فوق محيط منطقة سلمى بهدف تصوير أماكن وجود الجيش الحر واستهداف أفراده»، مشيرا إلى قصف مدفعي تعرضت له بلدة مرج الزاوية. بدورها، قالت وكالة الأنباء السورية (سانا)، إن قوات الحدود السورية تصدت أمس لـ«مجموعة إرهابية»، تسللت من تركيا وقتلت عددا منهم. وأضافت الوكالة أن الواقعة حدثت قرب موقع حدودي سوري في محافظة اللاذقية، ولم تذكر المزيد من التفاصيل.

وفي حلب، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بـ«مقتل ما لا يقل عن 16 جنديا نظاميا خلال اشتباكات دارت فجر الأحد (أمس) مع مسلحين من المعارضة»، موضحا أن «الاشتباكات وقعت عند كتيبة الصواريخ في بلدة دارة عزة، ومع حاجز للقوات النظامية في محيط بلدة الأتارب وحاجز للقوات في قرية كفر حلب»، بينما أشارت مصادر أخرى إلى سقوط 26 في الكمين.

وكان الإعلام الرسمي قد انشغل أول من أمس بخبر عن مجزرة تم ارتكابها في منطقة دارة عزة في ريف حلب، حيث اتهمت السلطات السورية «مجموعات إرهابية» مسلحة بالقيام باختطاف مواطنين وقتلهم والتنكيل بجثثهم. غير أن مصادر المعارضة أعلنت أن القتلى وعددهم 26 هم من الشبيحة وتم استهدافهم عبر كمين نصبه «الجيش السوري الحر».

وبينما نشر الناشطون شريط فيديو يظهر جثث القتلى بالقرب من سيارة الأمن التي كانت تقلهم، بث المرصد السوري لحقوق الإنسان تسجيل فيديو يظهر رجالا تغطيهم الدماء على جانب أحد الطرق. وكان عدد منهم يرتدي زيا عسكريا بينما كان آخرون يرتدون ملابس مدنية. ووفق هذا الفيديو، فالرجال هم من «شبيحة النظام». وذكر المرصد أن «موالين للرئيس السوري بشار الأسد قتلوا في كمين نصبه مجهولون لسيارات كانت تقلهم في ريف حلب الغربي». ويتخوف أهالي دارة عزة من اقتحام شامل ينفذه الجيش النظامي ضد مدينتهم، حيث نقل ناشطون عن الأهالي خشيتهم في حال استطاعت قوات النظام الدخول إلى المدينة من تنفيذ مجازر ضدهم.

وأوضح ناشطون سوريون أن مدرعات الجيش ودباباته تحاصر منذ ثلاثة أيام منطقة دارة عزة غرب ريف حلب، مستهدفة أحياءها السكنية بالقصف المدفعي والصاروخي مدعومة بطلعات جوية تنفذها حوامات عسكرية.

وقال عدنان، أحد الناشطين في المنطقة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وتيرة القصف اشتدت على المدينة بسبب تمركز الجيش السوري الحر في داخلها لحماية المظاهرات السلمية التي تخرج مطالبة النظام بالرحيل»، لافتا إلى أن «نحو 35000 نسمة من سكان المنطقة نزحوا عنها بفعل القصف العشوائي الذي يستهدفهم». وذكر أن «معظمهم قصد الأراضي التركية هربا من جحيم الدمار الذي أحدثه نظام الأسد في بيوتهم». وأشارت تنسيقية الثورة السورية في دارة عزة عبر صفحتها على «فيس بوك» إلى أن «المنطقة صارت منكوبة بسبب القصف الوحشي»، معتبرة أن «النظام السوري يتبع سياسة الأرض المحروقة في مناطق ريف حلب».

وفي سياق متصل، أعلنت لجان التنسيق المحلية عن مقتل «ثلاثة طلاب من جامعة حلب تحت التعذيب، وهم مصعب برد وباسل أصلان من كلية الطب البشري، وحازم بطيخ (تعليم مفتوح) بعد اعتقالهم على حاجز للجوية بتهمة إسعاف مصابي المظاهرات»، مشيرة إلى مقتل شابين آخرين هما محمد العيسى وإبراهيم حماش في مدينة الباب في حلب. في موازاة ذلك، تابعت قوات الأمن السورية قصفها لمناطق عدة في حمص، فاستهدف قصف عنيف بالرشاشات وراجمات الصواريخ مدينة الرستن في ريف حمص، مع استمرار انقطاع سبل الحياة كافة من ماء وكهرباء وغاز وخبز ووسط تحليق للطيران السوري بسماء المدينة. وأفادت لجان التنسيق المحلية بانفجار عنيف هز جورة الشياح، في ظل استمرار القصف العنيف منذ خمسة أيام على دير بعلبة بالمدفعية والهاون والرشاشات الثقيلة.

وفي ريف دمشق، أعلن مجلس قيادة الثورة عن استمرار حصار مدينة دوما أمس لليوم التاسع على التوالي مع استمرار القصف وعمليات نزوح الأهالي من المدينة، بعد الخراب والدمار الذي أحدثته مدفعية الجيش النظامي خلال قصفها للمدينة.وقامت «كتيبة النور»، من الكتائب الثائرة المقاتلة، بمهاجمة مخزن للسلاح في منطقة النبك في ريف دمشق الموالية للنظام، حيث أسرت 11 من الجنود النظاميين، وأعلنت «قتل وأسر كل من كانوا في الموقع، بالإضافة إلى الاستيلاء على السلاح والانسحاب من دون إصابات»، بحسب المرصد.

وفي عربين، اقتحمت قوات الأمن والشبيحة المدينة من جهة زملكا بأعداد كبيرة، بالتزامن مع وصول تعزيزات أمنية جديدة حاصرت معظم أحياء المدينة في ظل حملة اعتقالات ومداهمات وعمليات تخريب للممتلكات العامة والخاصة وإغلاق مداخل المدينة ومخارجها كافة. أما في إدلب، فقد قصفت قوات الأمن السورية بلدة حاس مستهدفة المنازل، مما أدى إلى مقتل 10 أشخاص على الأقل، كما تعرضت مدينة أريحا لقصف عنيف من قبل قوات النظام. وأفادت «لجان التنسيق» بمقتل كل من صبحي بن محمد قرقور، ومحمد بن إبراهيم قرقور، ونوار بن طالب قرقور، وأحمد بن غازي قرقور، ومحمد بن نصير قرقور، ومحمد بن نصر قرقور، ونضال زاكي قرقور برصاص قوات النظام أثناء قطفهم محاصيل زراعية في أريحا. وفي معرة النعمان، حلق الطيران الحربي بكثافة في سماء المدينة التي تعرضت لقصف من حاجز المواصلات، أدى إلى انهيار عدد من الأبنية. وفي درعا، أشارت «لجان التنسيق» إلى العثور على جثتي أحمد البردان ومحمد أحمد الزعبي مرميتين على طريق يصل درعا بطفس. وفي اللجاة، قتل المجند المنشق معاذ علي الصالح برصاص جيش النظام. وفي حماه، اقتحمت قوات النظام حي الحميدية، حيث شنت حملة مداهمات وتفتيش للمنازل.

إلى ذلك، رأى مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، أن «هذه حرب»، تعليقا على عدد القتلى الذين يسقطون كل يوم ويتجاوز المائة، مشيرا إلى أن الأسبوع الجاري هو «من أكثر الأسابيع دموية» منذ بدء الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في منتصف مارس (آذار) 2011، وأدت إلى مقتل أكثر من 15 ألف شخص.