منى مكرم عبيد: المجلس العسكري لن يسلم السلطة كاملة لحماية الدولة المدنية

عضو المجلس الاستشاري لـ «الشرق الأوسط»: القوى الليبرالية مفتاح الرئيس المنتخب لتحقيق المصالحة الوطنية

د. منى مكرم عبيد
TT

أعربت الدكتورة منى مكرم عبيد، عضو المجلس الاستشاري المصري السابق، عن اعتقادها أن المجلس العسكري لن يقوم بتسليم السلطة بشكل كامل للرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وذلك لحماية الدولة المدنية في مصر، وقالت مكرم عبيد إن «المجلس العسكري سيحتفظ بحقه في الحفاظ على مدنية الدولة والحفاظ على الحريات عبر حماية صياغة الدستور المقبل».

وأضافت مكرم عبيد أن الرئيس مرسي يحتاج لمساندة القوى الليبرالية لتحقيق المصالحة الوطنية في البلاد بعد مرحلة الاستقطاب السياسي والديني الحاد، مشيرة إلى أن حالة الرعب والخوف من وصول «الإخوان» للحكم ليست قاصرة على المسيحيين، بل تشمل المسلمين أيضا.

وأعربت مكرم عبيد، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عن قلقها من مستقبل مصر في الفترة المقبلة، قائلة: «سبب مخاوفنا أننا لا نعرف على وجه اليقين إذا ما كان الدكتور مرسي سيلتزم بوعوده الانتخابية أم لا، فالالتزام بالوعود الانتخابية أمر صعب بعد الوصول للسلطة».

وأشارت مكرم عبيد إلى مخاوفها من أن تؤدي ضغوط التيارات الأكثر تشددا في حزبه أو عبر ضغوط الحسابات الحزبية الضيقة إلى عدم التزام الرئيس مرسي بالوعود التي قطعها على نفسه.

وكان محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، قد أحل الرئيس المنتخب محمد مرسي من بيعته له، معلنا (بديع) عن بيعته لمرسي كرئيس للبلاد.

لكن مكرم عبيد لفتت إلى أن كل المؤشرات توحي بأن المرشد العام للجماعة سيكون له دور في إدارة البلاد، مضيفة: «الكلام عائم وغير ملموس ولا يمكن الاقتناع به ببساطة»، ونصحت مكرم عبيد الرئيس مرسي بالخروج الحقيقي من جماعة الإخوان المسلمين والحزب لكي يكون رئيسا لكل المصريين.

وتعيش مصر حالة من الاستقطاب السياسي والديني الحاد بين مختلف التيارات والقوى السياسية بعد معركة انتخابية حادة بين 13 مرشحا رئاسيا في الجولة الأولى، ثم مرشحين اثنين في الجولة الثانية، وهو ما تضمنه استقطاب حاد بين مسلمي ومسيحيي مصر حول المرشح المفضل لرئاسة الجمهورية.

ولفتت مكرم عبيد إلى أن إعلان البعض لـ«الاصطفاف الوطني» خلف الرئيس مرسي الجمعة الماضي لن يدوم ولا يعبر عن الشعب المصري، لأنه اصطفاف تيار واحد فقط وبعض التيارات الاحتجاجية.

وأوضحت مكرم عبيد أن الرئيس المنتخب يحتاج لمساندة القوى الليبرالية لتحقيق المصالحة الوطنية، قائلة: «الدكتور مرسي لن يستطيع حكم مصر دون لمّ شمل القوى الليبرالية حوله كحل سحري لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة».

وقالت مكرم عبيد: «إذا لم يستعن الرئيس مرسي بالقوى الليبرالية، ستدخل مصر في نفق مظلم يشعله صراع سياسي عنيف بين كل القوى السياسية، وهو ما سيزيد من الاستقطاب السياسي والديني بشكل أكثر حدة وعنفا».

وأضافت مكرم عبيد: «المصالحة الوطنية تستدعي تحقيق كل الوعود الانتخابية بمصداقية وشفافية كاملة وجمع كل القوى السياسية باختلاف توجهاته خلف الوطن عبر المصالحة الوطنية»، وتابعت: «الرئيس المنتخب أمامه 100 يوم لإثبات حسن النية عبر تحقيق بعض الوعود الانتخابية، خاصة المرتبطة باحترام كل القوى السياسية والمرأة والمسيحيين».

وأشارت مكرم عبيد إلى أن حالة الاستقطاب الحاد بين أنصار الدولة المدنية والدينية في مصر دفعت آلاف المصريين لتأييد استمرار الحكم العسكري، بسبب خوفهم من الدولة الدينية وليس حبا في المجلس.

ومن المقرر أن يسلم المجلس العسكري السلطة للرئيس المنتخب في 30 يونيو (حزيران) الحالي.

وتوقعت مكرم عبيد أن تكون العلاقات بين الرئيس المنتخب مرسي والمؤسسة العسكرية ملغومة، وأن يكون أول العراقيل بينهما مدى احترام مرسي للأحكام والإعلانات الدستورية، قائلة: «أرى الاستقطاب المقبل في مصر بين المجلس العسكري و(الإخوان)».

وقالت مكرم عبيد، التي التقت مرات عدة بقيادات المجلس العسكري كونها عضوا بالمجلس الاستشاري، إن هناك نية حقيقية لنقل السلطة من المجلس العسكري للرئيس المنتخب، لكنها أضافت: «المجلس العسكري سيقوم بتسليم السلطة، ولكن ليس بشكل كامل»، متابعة أن «المجلس العسكري سيحتفظ بحقه في الحفاظ على مدنية الدولة والحفاظ على الحريات عبر حماية عملية صياغة الدستور».

وكشف مكرم عبيد عن وجود حالة من الرعب والخوف في أوساط المسيحيين من سيطرة «الإخوان» على الحكم، ولكنها طالبت المسيحيين بالصبر وإعطاء «الإخوان» فرصة، وقالت عبيد: «المسيحيون خائفون من الكلام المتشدد الذي يقال بحقهم حول فرض الجزية، وعدم جواز توليهم المناصب العليا، ومعاملتهم كمواطنين درجة ثانية»، وتابعت: «هناك إحساس لدى المسيحيين بعدم الراحة تجاه ما يحدث في مصر، خاصة فيما يتعلق بضمان حرياتهم الشخصية»، مضيفة: «تلك الحالة من الرعب موجودة لدى كل المصريين وفي القلب منهم المسلمون المعتدلون».

وأشارت عبيد إلى أن هناك وقائع تؤكد تلك المخاوف، قائلة: «تهجير الأسر المسيحية في العامرية، وحادثة قطع أذن مسيحي في صعيد مصر وحوادث الاعتداء على الكنائس المصرية تترك تراكمات من الخوف والرعب في ظل الجو الطائفي المحتقن»، وشددت عبيد على أن تعيين نائب مسيحي للرئيس المنتخب سيكون رسالة طمأنة، لكنه منصب سيظل بلا دور حقيقي.

وبينما تدخل مصر مرحلة الجمهورية الثانية في تاريخها الحديث، قالت عبيد: «على الرئيس مرسي قيادة مصر نحو إقامة نموذج جديد لحكم إسلامي رشيد يتمتع كل المواطنين تحت لوائه بحقوقهم الكاملة، ويستطيع أن يحشد خلفه كل المصريين ويستلهم طاقة الشباب وفي القلب منه دستور مصري يكتبه الجميع».