مصر: قلق من تركيز أول خطاب للرئيس المنتخب على «الولاية» و«الطاعة»

محللون اعتبروه «تراثيا».. ودعوة للتوافق داخليا وطمأنة للخارج

الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي أثنا التجهيزات الأخيرة لخطابة الأول ليلة أول من أمس (رويترز)
TT

تضمن أول خطاب للرئيس المصري المنتخب، الدكتور محمد مرسي، كلمات جديدة على غالبية المصريين؛ الذين عاشوا عقودا تحت سلطة حكام ذوي خلفية عسكرية. ومما ذكره مرسي كلمات كـ«الولاية» و«الطاعة»، مما أثار قلق البعض ممن يتخوفون من إقامة الرئيس الإخواني لدولة دينية في البلاد. ومع ذلك، اعتبر محللون خطاب مرسي دعوة للتوافق في الداخل وطمأنة للخارج.

وبعد ساعات فقط من إعلانه رئيسا، ظهر مرسي على شاشات التلفزيون الرسمي موجها أول خطاب له للشعب، وبدأ خطابه بآية قرآنية عن فضل الله في فوزه برئاسة البلاد. وكان خطاب مرسي مكتوبا، لكنه كان يرتجل بعض الجمل والفقرات.. واستمر الخطاب لأكثر من 25 دقيقة، سعى خلاله للتأكيد على الرغبة في التوافق والتصالح بين جميع المصريين. ولم يخل خطاب مرسي من نبرة أمل حاول جاهدا نقلها إلى جموع الشعب الذي ينتظر الاستقرار وتحسين أوضاعه المعيشية.

وتنوعت ردود فعل المحللين السياسيين حول أول خطاب لمرسي الذي كان قياديا بجماعة الإخوان المسلمين. وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: «خطاب الرئيس الجديد جاء مطمئنا ولم يكن به سلبيات تذكر.. وجاء الخطاب شاملا جامعا يدعو جميع الأطراف والقوى السياسية إلى المصالحة والائتلاف من أجل مصلحة البلاد».

وتابع ربيع قائلا إن مرسي أكد في خطابه أهمية العمل مع الجميع وتلبية مطالب الثورة، ولم يكن خطابا تصادميا مع أحد أو أي من المؤسسات، خاصة المؤسسة العسكرية.

من جانبه، قال الدكتور محمود خليل، الأستاذ بكلية الإعلام في جامعة القاهرة، إن خطاب مرسي كرئيس منتخب للبلاد جاء في توقيت مناسب لطمأنة الرأي العام المصري وتهدئة المخاوف الخارجية من تولي رئيس ذي خلفية إسلامية لحكم أكبر بلد عربي.

وأضاف خليل، المتخصص بتحليل الخطاب، أن محمد مرسي حرص في خطابه الأول على طمأنة الدول الخارجية والتزام مصر بالمعاهدات المبرمة مع الدول المختلفة وبعث برسالة سلام، مؤكدا استعداده للتعاون والانفتاح على العالم واحترام مصر لالتزاماتها.

وتابع خليل قائلا: «لكنني أعتقد أن مرسي تعجل بعض الشيء عندما حاول أن يقدم نفسه للشعب كزعيم وليس فقط مجرد رئيس»، مشيرا إلى أن الخطاب في مجمله «جيد»، و«لكن، هناك سلبيات وملاحظات يجب الالتفات إليها».. وأضاف أن مرسي «لم يذكر كلمة الديمقراطية إلا مرة واحدة في بداية خطابه، بينما استخدم كلمة الاختيار بديلا لها، كما أنه استدعى بعض المصطلحات من التراث السياسي الإسلامي مثل استحقاق الحكم واستدعاء مفردة الولاية ومصطلح الخلافة وكلمات أبو بكر الصديق عندما تولى الخلافة».

ووصف خليل هذه المصطلحات في أول خطاب للرئيس المنتخب بإرادة شعبية – لا تعبر فقط عن تيار واحد بل تعبر عن كافة المصريين - بأنه مقلق، وتابع: «استخدم مرسي في أول خطاب له مفردات تراثية بامتياز كمصطلح الطاعة، وكأنه ينظر إلى الدولة كولاية وأن علاقة الحاكم بالمحكوم علاقة طاعة، إلا أنه أكد أحقية الشعب في محاسبته إذا أخطأ.. كما أن هناك سلبية أخرى في خطاب مرسي وهو أنه جاوب عن أسئلة وهموم الكثير من المصريين من مختلف الطبقات والفئات، إلا أنه لم يجاوب عن الأسئلة التي يطرحها المصريون على الرئيس، ولم يذكر شيئا بخصوص موقفه من الإعلان الدستوري بعد أن أصبح رئيسا ولا كيفية أدائه لليمين الدستوري».

من جهته، وصف ياسر حسان، عضو الهيئة العليا بحزب الوفد الخطاب بالتقليدي، وأنه كأي خطاب مبدئي لرئيس منتخب حديثا يحاول فيه مصالحة الجميع والحديث عن المستقبل والآمال، وأنه لا يعول على الأحاديث والخطابات خاصة الأولية، ولكن يعول على الأفعال.

وقال حسان، وهو خبير اقتصادي: «الخطاب بصفة عامة جاء تقليديا ولم يأت بجديد، وغلبت عليه الرسائل التطمينية لكافة الفئات والمستويات الداخلية والخارجية»، وتابع حسان قائلا: «هناك ملاحظة سلبية وحيدة رأيتها في خطاب مرسي وهي أن الخطاب لم يشر إلى حقوق الأقباط بالشكل الصريح، واكتفى بالإشارة إلى أننا كلنا مصريون ومتساوون في الحقوق والواجبات».

وأضاف حسان: «أعتقد أن ثقافة (الإخوان) طغت على من كتب خطاب مرسي الأول، فلم يذكر حرية الفن والإبداع واعتمد على أقوال تراثية دينية وسياسية، وغلبت عليه المشاعر بعيدا عن السياسات»، وتابع: «لم يذكر مرسي سياساته المستقبلية واكتفى بالتأكيد على مشروع النهضة الذي ينتهجه (الإخوان)، وهو مشروع عليه الكثير من الملاحظات خاصة في الشق الاقتصادي».