إسرائيليون يتحدثون عن مرحلة جديدة مع مصر تستدعي إعادة الحسابات

بيريس يهنئ مرسي.. ورئيسة المعارضة تطالب نتنياهو بالمبادرة إلى حوار معه

TT

بعث الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، بتهنئة للرئيس المصري الجديد، محمد مرسي، بمناسبة فوزه في الانتخابات. وقال في كلمة له في الموضوع إن «إسرائيل ستحافظ على اتفاقية السلام مع مصر». وأضاف أن السلام هو الفوز الحقيقي للجميع.

وكانت رئيسة المعارضة الإسرائيلية، النائبة شيلي يحيموفتش، قد انتقدت توجه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي اكتفى بتصريح بارد حول انتخاب مرسي، وقالت إن عليه أن يبادر إلى اقتراح حوار مباشر مع مرسي وحركة الإخوان المسلمين. وأضافت، في بيان لها، أن «السلام مع مصر هو مصلحة استراتيجية للطرفين، وينبغي أن تبادر إسرائيل إلى طرح الموضوع على مائدة حوار جدي ومخلص». وأوضحت أن إسرائيل يجب أن تبدو جارة أمينة لمصر، لا تتدخل في شؤونها الداخلية، وتحترم خيارها، وتبادر إلى التعاون معها. فإذا رفضت، يكون واضحا للعالم أن مصر هي الرافضة وليس إسرائيل.

لكن نتنياهو قال للصحافيين، بعد ساعات، عقب اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس: «نحن نتوقع أن نعمل مع الإدارة الجديدة على أساس معاهدة السلام بيننا».

وتجدر الإشارة إلى أن نتنياهو طلب من وزرائه أن لا يطلقوا أي تصريحات حول نتائج الانتخابات المصرية، خوفا من أن يطغى عليها القلق، فيبدو ذلك تدخلا أو إعلان عداء من إسرائيل الرسمية.. ولكن هذا لم يمنع الشخصيات السياسية والعسكرية ممن لا يخضع لنتنياهو من التعبير عن موقف إسرائيلي سلبي. وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، جابي أشكنازي، إن انتخاب مرسي هو تطور سلبي في مصر تجاه إسرائيل، وإن الأمر يحتاج إلى إعادة تقييم للأوضاع. كما خرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بالدعوة إلى أن تعيد قيادة الجيش الإسرائيلي حساباتها تجاه مصر والحدود الجغرافية الطويلة معها.

وفي اليمين المتطرف قال عضو الكنيست ميخائيل بن آري، من حزب «الاتحاد القومي» اليميني المعارض، إن «انتخاب مرسي جاء ليدق المسمار الأخير في نعش السلام الوهمي القائم على الورق بين إسرائيل ومصر، ويظهر حقيقة هذا البلد المعادي». وأضاف: «حتى في زمن الرئيس السابق، حسني مبارك، كان السلام كذبة كبيرة؛ فقد حرص مبارك على أن لا يزور إسرائيل سوى مرة واحدة طيلة فترة حكمه، ولم يخف في أي يوم عداءه لإسرائيل. واليوم مع حكم الإخوان المسلمين، سيتحول العداء إلى تدهور خطير. وعلى إسرائيل أن تستعد لذلك من الآن».

وقال معلق الشؤون العربية في التلفزيون الإسرائيلي الرسمي، عوديد غرانوت، إن «الإخوان المسلمين سرقوا ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، التي اندلعت قبل سنة ونصف السنة وأسقطت مبارك».

وكتب المحرر السياسي في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، أن «هناك تخوفا واضحا لدى الجهات الأمنية الإسرائيلية من فوز مرسي»، الأمر الذي ينبئ بانتهاء العلاقات الإسرائيلية - المصرية. وقال: «من هذه اللحظة سيبدأ الخوف لدى قادة شعبة الاستخبارات (أمان) ووحدة العمليات الخارجية الخاصة (الموساد)». واعتبر بن كسبيت أن عدم اجتياح قطاع غزة في سنة 2008 – 2009 بمثابة خطأ تاريخي، «إذ سيكون الآن قاعدة متقدمة للإخوان المسلمين في مصر». وأضاف: «سنذرف دموعا ساخنة على هذا الخطأ».

ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر سياسي رفيع المستوى: «عندما قلنا إن الربيع العربي سيكون ربيعا إسلاميا ضحك منا الجميع، والآن يدرك العالم ويرى إلى أين وصلت الأمور». وأضاف المصدر: «الآن سننتظر ونرى كيف سيحاول النظام الجديد تسويق نفسه والتقرب من الغرب، أم أنه سيختار التطرف على أثر تقلده الحكم وسيطرته على البرلمان».

من جهة ثانية، قال عضو الكنيست عن حزب «كاديما»، عتنيئل شنللر، إن «على إسرائيل أن تهنئ الشعب المصري على نشوء الديمقراطية»، ونصح المسؤولين الإسرائيليين بأن «يخرسوا» ولا يعلقوا على نتائج الانتخابات حاليا، «لأن ردود الفعل الأولى من قبل إسرائيل يمكن أن تكون حاسمة في رسم مستقبل العلاقات مع جارتنا الجنوبية.. الشعب المصري اختار وعلينا أن نصمت وإن كانت النتائج غير مرضية لنا».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، بنيامين بن أليعازر، المعروف بالعلاقات الممتازة التي جمعته بالرئيس السابق حسني مبارك، إنه ينبغي «على إسرائيل عدم التعجل باتخاذ موقف من الرئيس المنتخب». وأضاف: «يجب الانتظار لنرى ماذا سيفعل الرئيس الجديد، فهو إسلامي ومعروف في الماضي بمواقف مناهضة لإسرائيل. كل التغييرات الحاصلة الآن هي إسلامية، وهي أكثر تدينا وأكثر كراهية لإسرائيل، ولكنني آمل أن يسمح هذا الرجل للجيش بأن يواصل التعاون مع إسرائيل في القضايا الأمنية».

وأشار بن أليعازر إلى أن «كل شيء الآن محفوف بالضباب.. فنحن أمام عالم آخر، ليس عالم مبارك، هذا هو شرق أوسط متطرف وإسلامي ويكره إسرائيل»، ومع ذلك قال إنه لا يعتقد أن الشعب المصري انتخب محمد مرسي لقيادة مصر نحو المواجهة، داعيا إلى وجوب قيام إسرائيل بالبحث عن قنوات للحوار والتفاهم مع القوى الإسلامية التي تجتاح المنطقة، ومحاولة إيفاد الرسل للوصول لحوار مع الإسلاميين.

وكانت الصحافة الإسرائيلية قد أبرزت إعلان الرئيس المصري المنتخب رغبة بلاده في المحافظة على المعاهدات الدولية الموقعة، والتزام مصر بالسلام مع كل العالم.