أولويات الشارع اليمني.. الماء والكهرباء والأمن والعيش الكفاف

سياسيون لـ«الشرق الأوسط»: لا بد من تأجيل الخلافات السياسية والعمل على برنامج إغاثة عاجل

عامل يمني يصنع القرميد التقليدي في اليمن أمس (أ.ب)
TT

يعيش معظم اليمنيين حاضرهم الانتقالي في معاناة، لا تنتهي، تلاحقهم الهموم اليومية والضروريات المعيشية المنعدمة في أغلب أيامهم، فعبد الحميد البكيلي ينتظر منذ أكثر من ثلاثة أيام عودة التيار الكهربائي لمنزله، الذي ينقطع مرارا، عن معظم محافظات اليمن بسبب الاعتداءات التي تتعرض لها المنظومة الوطنية المتواضعة، نتيجة ضعف القبضة الأمنية للدولة، بينما تنهض أم عمار صباح كل يوم لجلب المياه لمنزلها - شرق العاصمة صنعاء - من إحدى الآبار الأهلية، بعد انقطاع مشروع المياه الحكومي منذ أسبوع، وتزداد هذه المعاناة في الأرياف والقرى اليمنية، التي تعيش بعض منها في عزلة عن العالم، وغياب الدولة هناك، ويلقي كثير من اليمنيين باللوم على سوء حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي أطاحت به ثورة شعبية، بعد 34 عاما في الحكم.

ورغم امتلاك اليمن مخزونا متنوعا من الموارد الاقتصادية، التي لم تستغل بشكل جيد حتى الآن، لكن النفط الضئيل يمثل المورد الأساسي لاقتصاده القومي، إذ ينتج حاليا نحو 220 ألف برميل يوميا، بينما يعيش نحو 40 في المائة من السكان على أقل من دولارين في اليوم.

يقول المحلل السياسي نصر طه مصطفى، إن «أولى الأولويات التي يحتاجها اليمن، تتمثل بالأمن والاستقرار، ففي بلد كاليمن يعتبر المدخل المنطقي والطبيعي لمعالجة بقية الاختلالات، ويشمل تثبيت الأمن محاربة ارهاب إلى جانب بقية الاختلالات الأمنية المسيّس منها وغير المسيّس». ويؤكد مصطفى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه مع التركيز الشديد على استعادة الأمن العام يجب أن تمضي بقية المسارات بشكل متواز كالسياسة والاقتصاد والخدمات والإدارة وسائر الإصلاحات.

وبحسب مصطفى، فإن «المدخل الثاني لتحقيق الأمن والاستقرار يتمثل في استعادة هيبة القضاء وإعادة النظر في آليات عمله، فعلى سبيل المثال لو أن محاكم مستعجلة تم عقدها لمحاكمة من يقطعون الكهرباء ويفجرون أنابيب النفط لارتدع الجميع وتوقفت هذه الجرائم التي تؤثر في حياة المواطنين المعيشية».

وخلال أكثر من عام ونصف العام يعيش اليمنيون في أزمات متلاحقة ومتوازية مع بعضها البعض، سواء في الجوانب الاجتماعية أو الاقتصادية أو الأمنية، لكنهم يحاولون التكيف مع ذلك، وينتظرون مساعدتهم في التغلب عليها، فبحسب الحكومة اليمنية فإن اليمن يحتاج إلى 2.17 مليار دولار، بشكل عاجل لمساعدته على تحقيق الاستقرار ومحاربة المتشددين وتخفيف الأزمة الإنسانية، ويحتاج إلى 5.8 مليار دولار أخرى في المستقبل لتطوير الاقتصاد والبنية التحتية، منها 3.7 مليار دولار قبل عام 2014.

يقول أستاذ الاقتصاد الدكتور طه الفسيل: «الشعب اليمني يريد أن يتخلص من معاناته التي أثرت على حياته المعيشية والاجتماعية سلبا، يريد أن يجد تحسنا في بلده، وأعتقد أن الأهم في كل ذلك هو توفير الخدمات العامة مثل الكهرباء التي يؤثر غيابها على الاقتصاد بشكل عام».. ويضيف الفسيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ويبقى الأمن والاستقرار هو الأساس في تحسن الظروف المعيشية لليمن، فهو يؤثر على الجوانب كافة، وإذا استطاع اليمن التغلب على ذلك فإن بقية الجوانب الاقتصادية والسياسية يمكن التغلب عليها».. مشيرا إلى أن «الصراع السياسي انعكس سلبا على الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وبالتالي ينعكس على معيشة المواطن».

ويعتبر الفسيل أن «الحلقة الاقتصادية للأسف الشديد هي الحلقة الأضعف للدولة، وهي التي تؤدي إلى انتشار الفساد والفوضى، ولهذا يمكن القول إن اليمن بحاجة إلى برنامج إغاثة عاجل، فالإحصائية الدولية عن اليمن تشير إلى تدهور المعيشة وتحذر من الفقر الغذائي، وهو يعيش في وضع سياسي واقتصادي وإنساني وأمني خطير وصعب ولا بد من تقديم العون والمساعدة».

ويؤكد المحلل السياسي عبد الباري طاهر أن «أولوية المواطن اليمني تختلف عن أولويات النخب السياسية والعسكرية، فهي تتلخص في الأمن والسلام والاستقرار والعيش الكفاف».