أزمة بين «العسكري» وقناة فضائية اتهمته بالخيانة

خبراء: ما نسب للمجلس يفتقد الأدلة وغرضه التشويش

مؤيدين للرئيس محمد مرسي في ميدان التحرير أمس (إ.ب.أ)
TT

في مؤشر على صراع من نوع جديد سوف تشهده مصر خلال المرحلة المقبلة، بعد فوز محمد مرسي بحكم البلاد، قامت الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بالرد على اتهامات بالخيانة طالت المجلس والتجريح الشخصي لقياداته، من جانب أحد الإعلاميين المصريين.

وشهد برنامج «مصر اليوم» الذي يقدمه الإعلامي توفيق عكاشة على قناة «الفراعين» الفضائية، ليلة أول من أمس، تغيرا حادا في لغة الخطاب المؤيد للمجلس العسكري الذي تبنته القناة منذ عام ونصف منذ قيام ثورة «25 يناير».. حيث وجه مقدم البرنامج، وهو أيضا صاحب القناة، اتهامات صريحة للمجلس وقياداته منها أنه «لا شرعية له»، وأنه «وضع مصر في قبضة مكتب الإرشاد بعد فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين برئاسة مصر»، معتبرا أن الرئيس المنتخب محمد مرسي «فاز بانتخابات مزورة»، حسب وصفه.. وهي الكلمات التي أثارت جدلا كبيرا، خاصة أن مقدم البرنامج كان قد سخر قناته منذ قيام الثورة لتأييد المجلس العسكري.

وهو ما دعا قيام «أدمن (المشرف على) الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة»، بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، للرد بلغة حاسمة على سيل الاتهامات.. حيث قال نصا «لقد خرجت قناة الفراعين أمس ود. توفيق عكاشة بسيل من الاتهامات للمجلس الأعلى وأعضائه، بداية من تهمة الخيانة إلى التجريح الشخصي لقياداته واتهامهم بالباطل بما ليس فيهم، ونحن لن ننجر إلى مثل هذا النوع من الصراع الذي لا يؤدي في النهاية إلا إلى زيادة الفجوة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد».

تبع ذلك توضيح بعض «الحقائق» التي وصفتها الصفحة بأنها «قد تكون أغفلت بقصد أو دون قصد من قناة الفراعين»، مؤكدة أن «القوات المسلحة أو المجلس الأعلى لم يقم بخيانة الشعب أو بيع مصر للإخوان المسلمين، وإنما من أتى بهم في الانتخابات التي تمت خلال عام ونصف هو الشعب المصري بإرادته واختياره.. والأسباب معروفة للجميع ولا تحتاج إلى شرح، ولعل أبرزها هو اختلاف القوى السياسية وانشغالها في صراعات جانبية أدت إلى عدم توحدها، والسبب الآخر هو قلة الخبرة السياسية لائتلافات شباب الثورة وعدم وجود تنظيم واحد يمثلهم طوال الفترة السابقة، مما أدى إلى تشتتهم الكامل وعدم حصولهم على حقوقهم المشروعة كأصحاب الثورة ومفجريها».

واعتبرت الصفحة أن «اتهام قناة الفراعين ود. توفيق عكاشة لأحد أعضاء المجلس الأعلى، وهو مدير المخابرات الحربية، بأنه رجل الإخوان في القوات المسلحة لهو ادعاء كاذب وإفك»، لافتة إلى أن قواعد العمل في القوات المسلحة المصرية والأجهزة الأمنية بصفة خاصة تمنع من الالتحاق بها كل من له توجه ديني أو عقائدي متشدد.

ووصفت الصفحة أن التعرض لأسرة أحد قيادات القوات المسلحة واتهامهم بارتداء النقاب والجوانتي (القفازات) بـ«الأمر غريب»، وأعقبت: «ولكننا مضطرون آسفون أن نذكر د. توفيق عكاشة بأنه لا توجد منقبات في زوجات ضباط القوات المسلحة الحاليين والموجودين في الخدمة، بل إن هناك مطالب كثيرة من ضباط متقاعدين للسماح لزوجاتهم المنقبات بدخول نوادي ضباط القوات المسلحة، أما الحجاب فهو حرية شخصية».

ويرى خبراء أن ما نسب للمجلس العسكري يفتقد الأدلة وأن غرضه التشويش.

وتعليقا على المواجهة بين الطرفين؛ يرى الدكتور أشرف الشريف، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أن ما جاء على الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة كان له خطوات شبيهة من قبل، حيث قامت الصفحة بالرد على شخصيات وحركات بعينها، وبالتالي هو شيء غير مستغرب وليس جديدا. ويرى الشريف أن رد الصفحة على الاتهامات جاء ضعيفا بالنسبة للغة السابقة للمجلس، حيث تم وصف الأمر بـ«سوء الفهم»، وبالتالي جاءت اللغة متخاذلة، وأقل من المتوقع فهي ليست بحجم ما قيل من اتهامات.

ويرى أستاذ العلوم السياسية أن «الاتهامات ثم الرد عليها أمر مصطنع من جانب الطرفين، فهي اختلافات تكتيكية وليست جوهرية، فمقدم البرنامج معروف بصلته بالنظام السابق وأنه بوق من أبواقه، وبالتالي ما حدث بين الطرفين لن يصل للتصعيد أو العنف في التعامل بينهما كما يدعي».

على العكس يرى الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، أن رد صفحة الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بهذه الطريقة «القوية» يعكس أن المجلس شعر بانزعاج من الاستهداف المباشر له في هذه المرحلة، والتي سوف يسلم فيها السلطة لرئيس منتخب. مضيفا: «من المؤكد أن أكثر ما أزعج المجلس هو الاتهامات التي تطرقت لأحد أعضائه بأنه رجل الإخوان المسلمين في المجلس، رغم أنه يحظى بتقدير واحترام».