مراقبون: مصير شرعية يوليو 1952 يحددها الدستور المصري المنتظر

البعض قال إنها ماتت وآخرون اعتبروا ثورة يناير امتدادا لها

TT

قال مراقبون ناصريون وقوميون أمس إن مصير شرعية ثورة 23 يوليو 1952، التي ترمز إلى هيمنة الجيش على السلطة منذ عهد الرئيس الراحل محمد نجيب وحتى حكم الرئيس السابق حسني مبارك، سوف يحددها الدستور المصري المنتظر الذي يحاول التيار الإسلامي الهيمنة على توجهاته، في وقت قال فيه البعض إن شرعية يوليو ماتت إكلينيكيا، لكن بعض المتفائلين يرون أن ثورة 25 يناير 2011 ما هي إلا امتداد لتحقيق أهداف ثورة يوليو 1952.

وقال مراقبون أمس إن نتيجة الانتخابات الرئاسية بفوز الرئيس محمد مرسي يمكن أن تضع نهاية لشرعية يوليو، باعتبار أن مرسي هو أول رئيس مدني بعد تناوب أربعة رؤساء من الجيش على رئاسة مصر منذ عام 1952. ويقول البعض إن انتصار مرسي - وهو مرشح جماعة الإخوان المسلمين - على المرشح المنافس الفريق أحمد شفيق، وهو جنرال سابق في الجيش، عمق شعور المصريين بانتهاء الجمهورية الأولى التي أسسها شباب بالجيش قبل ستين عاما.

وأوضح القيادي الناصري البارز عصام الإسلامبولي أنه «في لحظة إعلان فوز مرسي استعادت ثورة 23 يوليو زخمها بعد أن تعرضت للاختطاف على يد خلفاء عبد الناصر»، مشيرا إلى أن «الشعارات التي رفعها المصريون خلال الثورة كانت (عيش، حرية، عدالة اجتماعية)، وكانت الوقود الحقيقي لثورة 25 يناير». وقال إن الجسم الأكبر للمشاركين في إسقاط حكم مبارك كانوا أبناء الطبقة الوسطى، «وهي الطبقة التي عزز عبد الناصر وجودها، وهي قائدة التغيير في البلاد».

وأضاف الإسلامبولي قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن ثورة عبد الناصر انحرفت عن مسارها الصحيح منذ أن قاد الرئيس الراحل محمد أنور السادات البلاد في اتجاه الانفتاح الاقتصادي، والقول بأن 99 في المائة من أوراق اللعبة السياسية في يد الولايات المتحدة الأميركية».

وأشار الإسلامبولي إلى أن السياسات التي سار عليها مبارك استكملت هذا الانحراف طيلة ثلاثة عقود أصابت الشعب المصري بالإحباط والفقر، حتى تمكن الشباب من إشعال فتيل الغضب لاستعادة ثورة عبد الناصر. وتابع: «كذلك لا ننسى أن نحو 5 ملايين مصري صوتوا في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية لصالح المرشح الناصري حمدين صباحي، وأن عددا ليس بقليل ممن صوتوا للمرشح عبد المنعم أبو الفتوح كانوا يؤمنون بالشعارات الناصرية، لكنهم تصورا أن فرص أبو الفتوح أكبر».

ويقول المراقبون إن تحديد الطبيعة الاقتصادية والسياسية للدولة المصرية لن تتحقق إلا بعد كتابة دستور جديد للبلاد. وتشكلت جمعية تأسيسية لكتابة الدستور قبل نحو شهرين، إلا أن قوى الإسلام السياسي هيمنت عليها. وقضت محكمة مصرية ببطلانها، وتشكلت قبل نحو أسبوعين جمعية جديدة لكنها تواجه دعوى قضائية ببطلانها، بعد أن رفضتها أحزاب مدنية، معتبرة أن القوى الإسلامية التي حازت أغلبية الهيئة الناخبة للجمعية التأسيسية (الأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى) صبغتها بصبغة إسلامية.

وأصدر المجلس العسكري الحاكم إعلانا دستوريا مكملا قبل أسبوع، أقر فيه حق المجلس في تشكيل جمعية تأسيسية جديدة إذا تم بطلان الجمعية الحالية بحكم قضائي.

وأشار مراقبون إلى أن المفارقة التاريخية هي أن الخصم التاريخي لثورة 23 يوليو هي جماعة الإخوان، التي أصبحت الوريث الشرعي لحكم البلاد التي هيمن عليها رؤساء من المؤسسة العسكرية، بعد فوز مرسي برئاسة البلاد.

وأوضح القيادي القومي عبد الغفار شكر لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يمكن الحديث عن سقوط شرعية ثورة 23 يوليو قبل كتابة دستور جديد للبلاد، فالشرعية الجديدة لن تكتب ولن يتم إعلان تحقيق أهداف ثورة 25 يناير قبل وضع دستور ديمقراطي يؤسس لدولة مدنية حديثة، مشيرا إلى أن الأوضاع في مصر لن تستقر حتى تحقيق هذا المطلب.

وقال الناشط السياسي محمد البعلي إن نتيجة الانتخابات الرئاسية لطمت عقلية نظام يوليو ورمزيته، وإن النتيجة التي انتهت بفوز مرسي «لم تسقط فقط المرشح ذا الخلفية العسكرية، ولكنها هزمت التضليل الإعلامي، وأعلنت انتصار التنظيم على الفرد، ودقت بذلك كله مسمارا في نعش نظام يوليو الذي مات إكلينيكيا وأثبت عدم قدرته على إدارة المجتمع».

وأوضح البعلي أن اتساع المجال الاقتصادي وثورة الاتصالات، في السنوات الأخيرة، وما صاحبها من تضييق في المجال السياسي أمام الفئات الوسطى، دفعها دفعا للمعارضة، في وقت زاد فيه فساد النظام واتسعت سيطرة الأجهزة الأمنية على مفاصل الدولة من تجميع هذه الفئات في الجبهة المناوئة للنظام حتى جاء الانفجار الكبير في يناير 2011، ليعلن للجميع أن صيغة «نظام يوليو» لم تعد قادرة على الاستمرار في الحكم، ولم يعد من الممكن استمرار حكم المؤسسة العسكرية عبر الأجهزة الأمنية السرية (الدولة العميقة) والعلنية واستبعاد أغلبية المواطنين من التأثير في سياسات الدولة.