مجلس الأمن يبحث الاثنين تقليص قوة المراقبة الدولية بسوريا

المتحدث باسم أنان لـ «الشرق الأوسط»: لا توجد مؤشرات لنهاية القتال

TT

أكد دبلوماسيون في الأمم المتحدة أن المنظمة الدولية قد تتجه لخفض حجم قوة المراقبة في سوريا، في اجتماع يعقد الاثنين المقبل، بسبب تصاعد العنف، وسط شكوك حول مدى قدرة خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان على الصمود.

وتقول هذه المصادر إنه ما لم يحدث خفض كبير للعنف في سوريا في وقت قريب فمن المرجح أن يوصي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام المساعد لعمليات حفظ السلام بالمنظمة الدولية هيرفيه لادسو بخفض حجم القوة المؤلفة من 300 فرد الشهر المقبل.

وعقد مجلس الأمن اجتماعا مغلقا صباح أمس لمناقشة تطورات الأوضاع في سوريا ومستقبل بعثة المراقبين، واستمع أعضاء المجلس إلى إفادة من ناصر القدوة نائب المبعوث الدولي كوفي أنان - من خلال دائرة تلفزيونية مغلقة - حول المحاولات التي يبذلها أنان لمنع انهيار خطة السلام المكونة من 6 نقاط، وضمان سلامة وأمن المراقبين الدوليين أثناء قيامهم بعملهم في سوريا.

وقال الأمين العام المساعد لعمليات حفظ السلام هيرفيه لادسو أمام مجلس الأمن أمس إن مخاطر العنف المتصاعد تجعل من المستحيل استمرار بعثة المراقبين الدوليين، مشيرا إلى أن الحكومة السورية تمنع بعثة المراقبين من استخدام هواتف الأقمار الصناعية والتي تعد الأداة الرئيسية في عملهم إضافة إلى محاولات لاستهداف المراقبين خلال هجمات تمت بإطلاق النار والقنابل.

وتسربت أنباء عن خطوط أوروبية وأميركية لاستصدار قرار من مجلس الأمن لجعل خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان لها صفة الإلزام القانوني للحكومة السورية والمعارضة لكن موسكو رفضت هذا الاتجاه خوفا من أن يفتح الباب أمام عقوبات تفرضها الأمم المتحدة على النظام السوري.

وقال أحمد فوزي المتحدث باسم مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان إن مجلس الأمن هو الذي سيقرر مستقبل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، مشيرا إلى أنه لا توجد أي مؤشرات حول خطوات لتقليل العنف وتخفيض الاشتباكات بين قوات الحكومة السورية وقوات المعارضة. وأوضح فوزي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن كوفي أنان لا يؤيد تقليص حجم المراقبين لكن الأمر في النهاية يرجع لمجلس الأمن.

كان عدد من الدبلوماسيين قد أشاروا إلى اتجاه خفض حجم قوة المراقبين في سوريا بعد تصاعد وتيرة العنف وتزايد الشكوك في مدى قدرة خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية على الصمود. وأشار دبلوماسيون إلى أن كلا من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام المساعد لعمليات حفظ السلام هيرفيه لادسو يؤيدان اتجاه خفض حجم بعثة المراقبين الدوليين التي تصل إلى 300 مراقب غير مسلح إضافة إلى 100 من الخبراء المدنيين والمتخصصين في قضايا حقوق الإنسان ومعاملة الأطفال وخبراء الاتصال. ومن المتوقع أن يصدر بان كي مون ولادسو توصياتهما بشأن مستقبل بعثة المراقبين في تقرير يصدره مجلس الأمن في الثاني من يوليو (تموز).

ولمح دبلوماسي غربي أن القلق يساور أعضاء مجلس الأمن من تصاعد العنف وتعرض المراقبين لمخاطر تهدد أمنهم وسلامتهم، إضافة إلى المعوقات التي تعيق قيامهم بمهمتهم ومنها عدم السماح للمراقبين باستخدام المروحيات في تنقلهم، وقيام نقاط التفتيش بمنعهم من دخول بعض المناطق. وأشار الدبلوماسي إلى أن الخيارات المطروحة التي يتم مناقشتها حاليا حول مستقبل بعثة المراقبين – التي علقت عملياتها في 16 يونيو (حزيران) بسبب المخاطر المتزايدة على حياة المراقبين - هي إما ترك البعثة كما هي، أو تسليح بعثة المراقبين وتحويلها إلى قوة حفظ سلام مع تفويض لحماية المدنيين، أو وقف البعثة وعودة المراقبين إلى بلادهم. وأضاف: «الأرجح أن يتم الإبقاء على البعثة في نفس المستوى في حال بدأت عملية سياسية أو مفاوضات جديدة». وأضاف الدبلوماسي «أن أية خطوة لتخفيض حجم المراقبين قد تظهر الأمم المتحدة تتنصل عن مسؤوليتها وتغسل يدها من الصراع وتعطي للطرفين الضوء الأخضر للقتال حتى الموت».

يذكر أن مجلس الأمن أصدر قراره بإرسال بعثة مراقبين دوليين إلى سوريا لمدة 90 يوما وتنتهي تلك الفترة في العشرين من يوليو القادم. من جانبها قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس إن منظمة الأمم المتحدة قد منيت بفشل ذريع في سوريا وجددت دعوتها مساء الاثنين إلى فرض عقوبات لممارسة ضغط على النظام السوري وقالت رايس إنه منذ أكثر من عام أظهر المجلس أنه عاجز عن حماية الشعب السوري من الأعمال الوحشية التي تقوم بها حكومته، وأضافت: «إن القمع الذي تقوم به دمشق أصبح أكثر خطورة على السلام والأمن الدوليين» وطالبت رايس باتخاذ إجراءات فاعلة وفرض عقوبات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وقال سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة مارك ليال غرانت للصحافيين مساء الاثنين: «أن مجلس الأمن يحاول بعث الحياة مرة أخرى لخطة السيد أنان لكن هذا لن ينجح إلا إذا اتخذ مجلس الأمن إجراءات قوية للضغط على النظام السوري».

وتنتهي فترة تفويض بعثة المراقبين ومدتها 90 يوما في 20 يوليو. وحثت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون روسيا مرارا على المساعدة على زيادة الضغط على حكومة الأسد من خلال دعم عقوبات تفرضها الأمم المتحدة لكن موسكو رفضت. وقال دبلوماسيون إن بريطانيا وفرنسا ودولا أوروبية أخرى ترغب في أن يصدر مجلس الأمن قرارا جديدا لجعل خطة أنان للسلام ملزمة قانونا للحكومة ومقاتلي المعارضة. ومن الممكن أن يفتح هذا الطريق أمام فرض عقوبات من الأمم المتحدة وهو ما رفضته روسيا والصين مرارا. واستخدمت موسكو وبكين حق النقض (الفيتو) ضد قرارين مدعومين من الغرب والدول العربية بمجلس الأمن كانا يدينان دمشق ويهددان بفرض عقوبات. وقال عدد من الدبلوماسيين الغربيين إنهم مستعدون لمواجهة احتمال استخدام فيتو آخر في مجلس الأمن.

وقال مبعوث غربي رفيع «أعتقد أن هناك احتمالا نسبته 99% في أننا سنرى قرارا آخر في مجلس الأمن خلال الأسابيع القليلة القادمة». ويقول مبعوثون إنه في حالة استخدام الفيتو مرة أخرى فإن هذا سيبرز أكثر مدى عجز الأمم المتحدة عن التعامل مع القضية السورية.

وما يزيد من المشكلات في سوريا على الأرض هو تأزم الموقف في مجلس الأمن حول القضية التي يقول دبلوماسيون إنها تعيد للأذهان أجواء الحرب الباردة عندما ظلت روسيا والقوى الغربية عاجزة عن التعاون بشكل فعال لعشرات السنين. وقال دبلوماسي في مجلس الأمن «إنه أمر يسبب الإحباط.. من المستحيل جعل روسيا تتحرك ضد الأسد. أيدينا مكبلة».