برهان غليون «يعانق» الثورة من إدلب

تحدث لـ «الشرق الأوسط» عن مناطق محررة بالكامل.. وعن تنظيم الجيش الحر شؤون المواطنين

برهان غليون
TT

بعد أقل من شهر على تسليمه قيادة المجلس الوطني السوري لعبد الباسط سيدا، ترك برهان غليون، رئيس المكتب السياسي للمجلس اجتماعاته الدولية ومساعيه الدبلوماسية، لينتقل إلى الداخل السوري - ولو لساعات معدودة - محاولا كما قال لـ«الشرق الأوسط»: «معانقة الثورة».

من الأراضي التركية، تحرك غليون باتجاه بلدات محافظة إدلب، التي يسيطر على قسم كبير منها الجيش السوري الحر.. هناك تحرك بكل حرية، فجالس الثوار مستمعا لمطالبهم وخطواتهم المرتقبة، كما عاين الجرحى في المستشفيات متنقلا بسيارات كتب عليها «الجيش السوري الحر»، كما ظهر عبر مقاطع الفيديو التي حملها الناشطون على موقعي التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيس بوك».

«القصص التي نسمعها ونحن بالخارج تختلف عما نسمعه من أبطالها على أرض الثورة»، هكذا انطلق غليون في سرده لـ«الشرق الأوسط» مجريات ما حصل معه، متحدثا عن ذهوله من المدنية والحضارة التي تسيطر على هذه المناطق وأهلها، مما يدحض كليا تهديدات النظام بالفوضى من بعده، مضيفا: «في كل البلدات التي زرتها، لم يكن هناك حد أدنى من الحضور السياسي - لا المعنوي ولا الجسدي - للنظام.. فلا يوجد ممثلون للحكومة، بل مسؤولون عينهم الجيش السوري الحر يتولون أمور المخافر. فيما تتولى لجان محلية إدارة شؤون المواطنين»، وأردف قائلا: «المجتمع السوري بات يتقدم ويسير من دون حضور دولة النظام اللاقانونية، وسط تضامن تام بين عناصر الجيش الحر والمواطنين السوريين».

الزيارة الأولى لغليون، بعد سنتين من مغادرته سوريا، تصب، كما قال، في خانة «الدعم المعنوي للثوار، ومواساة لأهلنا الذين تعرضوا للقتل والمجازر والذبح»، كما تأتي أيضا في سياق «التحدي الكبير للنظام السوري».. لكن الحماسة التي يتحدث بها غليون عما سمعه ورآه، لا تلبث أن تتراجع حين يصل الحديث إلى وضع الجيش الحر، فهو يؤكد وبحسرة أن «المساعدات الخارجية التي تصل إليه ضعيفة جدا، فيما الاحتياجات ضخمة».

ويضيف: «الشعب مول ثورته بنفسه.. فالثوار بحاجة لكل شيء. وعلى الرغم من بعض المساعدات التي تصل إليهم من المجلس الوطني وبعض الجمعيات، فإن العجز يبقى كبيرا جدا في ظل غياب الإمكانات من حيث الأسلحة وأجهزة التواصل»، واعدا ببذل جهود جبارة لمد عناصر الجيش السوري الحر بمضادات للطائرات لاعتباره أن «وجود هذا النوع من السلاح يكسر قدرة النظام على الهجوم ويقلب موازين القوى.. النظام انتهى، ولم يعد سكان إدلب يشعرون بوجوده إلا من خلال القصف الليلي اليومي»، هذا ما يقوله غليون متحدثا عن مساع لفرض النظام سيطرته من خلال التهديد بالقتل لا أكثر ولا أقل». مضيفا: «هو ينتظر السكان حتى يناموا ليبدأ بقصفهم». ويعد غليون بالعودة مجددا إلى الداخل السوري ليزور مناطق أخرى، على أن ترافقه مجموعة من المعارضين الذين يتوقون للسير على خطوات رئيس المجلس الوطني السابق.

فور مغادرة غليون الأراضي السورية مساء الثلاثاء الماضي، غصت صفحات التواصل الاجتماعي بصوره من الداخل السوري، في مسعى لتحدي النظام ومؤيديه، والقول إن المعارضين السوريين باتوا يستطيعون التنقل بحرية في المناطق الخاضعة للجيش الحر. وقد ظهر غليون في أحد مقاطع الفيديو جالسا على الأرض مع عدد من الثوار مرتديا «الجلباب والعقال»، وحين هم بالخروج، توجه له أحد الرجال الواقفين حاملا سلاحه قائلا: «يا دكتور.. نحن أمانة برقبتكم». وبعد أن استقل غليون سيارة سوداء كتب عليها «الجيش الحر» وترفع علم الاستقلال السوري، أخرج الرجل الجالس بجانبه في السيارة رأسه قائلا: «منشان الله يا شباب، لا تنشروا الفيديوهات لنطلع (حتى نخرج) من الحدود».

يذكر أن عددا كبيرا من أعضاء المجلس الوطني السوري دخلوا سوريا مؤخرا وبالتحديد المناطق التي تخضع لسيطرة عناصر الجيش الحر، وكان آخرهم محمد سرميني الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه تنقل في حماه تحت أنظار عناصر جيش النظام.. وكذلك عمر إدلبي، الذي أصيب خلال تنقله في مناطق حمص.