مرسي.. يربك بروتوكولات الرئاسة المصرية

يحرص على صلاة الفجر بالمسجد ويرفض تعطيل المرور من أجل موكبه

TT

استطاع الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي في فترة وجيزة أن يكسب إعجاب الكثير من المصريين حتى هؤلاء الذين لم ينتخبوه، فالرجل الذي أعلن رسميا يوم الأحد الماضي عن فوزه في الانتخابات الرئاسية استطاع أن يكسر الصورة الذهنية المألوفة للرئيس التي عرفها المصريون عن حكامهم، فهو يصلي الفجر في المسجد، ويرفض بقاء حرسه في الشارع لفترات طويلة، ويستقبل أهالي الشهداء ويقبل رأس المصابين، ويرفض تعليق صوره في المؤسسات والمصالح الحكومية.

«سبحان الله! فارق كبير بينه وبين من سبقوه».. هكذا استهل حديثه سعيد ممدوح، موظف يقطن في إحدى العمارات المجاورة لقصر الاتحادية، الذي يقع به مكتب رئيس مصر، مؤكدا أنه لم يشعر بدخول وخروج الرئيس المنتخب من مكتبه خلال الأيام الماضية.

ويقول سعيد: «كنت أخرج من منزلي في السابعة صباح كل يوم، علما بأن عملي يبدأ في التاسعة والطريق يستغرق نحو 15 دقيقة، ولكنني كنت أخشى من غلق الطريق بسبب خروج (الرئيس السابق) مبارك أو أحد أفراد أسرته في نفس الموعد».

ويقول: «فوجئت بوسائل الإعلام أول من أمس الثلاثاء تقول إن الرئيس المنتخب مرسي كان في القصر يوم الاثنين.. لم أشعر به ولم ألحظ أي إجراءات استثنائية، وخلال الأيام الماضية استقبل عدة زوار ولم نشعر به ولم يتم غلق الطريق عند الدخول أو الخروج».

ولكن الأمر لم يتوقف عند مجرد وقف الإجراءات الاستثنائية التي ترافق تحرك الرئيس، فالدكتور مرسي منذ توليه وهو يثير الارتباك في البروتوكولات الرئاسية، فهو يحرص على أداء صلاة الفجر في المسجد، الأمر الذي دفع رجال الحراسة المرافقين له لوضع خطة لتحركه وتأمينه، وهو ما كان غائبا في عهد سلفه. كما أظهرت صور اجتماعه مع أعضاء المجلس الأعلى للشرطة حرصه على عدم وضع صورته على الحائط، كما كان يفعل رؤساء مصر من قبل، ووضع مكانها لوحة تحمل عبارة «الله جل جلاله». ونقلت وسائل الإعلام أمس نبأ توبيخه لقائد الحرس الخاص به بسبب تركه للجنود ساعتين في الشمس لتأمين موكبه.

مرسي الذي استقبل أول من أمس عددا من أهالي شهداء ثورة 25 يناير ومصابيها، حرص على تقبيل رؤوسهم والتقاط الصور معهم، وهو مشهد لم يعتد المصريون رؤيته من قبل، فالرئيس كان أشبه بإمبراطور في صلاحياته وسلطاته ومكانته.

وربما الأمر الذي سيتسبب في إرباك أكبر لمؤسسة الرئاسة المصرية هو أن زوجة الرئيس المنتخب، السيدة نجلاء علي، سيدة مصرية بسيطة المظهر والملبس مثلها مثل ملايين المصريات، وهو ينبئ أنها ستكون بعيدة عن المراسم والبروتوكولات الرئاسية مثل السيدة «تحية» قرينة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. فالسيدة نجلاء، حرصت على التأكيد قبل جولة الإعادة على أنها ترفض لقب «السيدة الأولى» الذي كانت جيهان السادات أول من استحدثته، وواصلت سوزان مبارك الاستحواذ على اللقب، الذي تحول بمرور الوقت إلى «الهانم»، وتحدثت بعض المصادر القريبة من مؤسسة الرئاسة في عهد مبارك أن زوجته كانت هي المحرك الرئيسي لسيناريو التوريث الذي يعتبر أحد الأسباب الرئيسية لثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بنظام حكم زوجها.

وقالت السيدة نجلاء: «بما أن الرئيس هو الخادم الأول للشعب، فزوجته هي الخادمة الأولى وليست السيدة الأولى»، مؤكدة أن رعاية أسر الشهداء والمصابين ستظل على قمة أولوياتها.

ويتداول نشطاء إلكترونيون على مواقع التواصل الاجتماعي ما قالوا إنه أول قرارات الرئيس المنتخب وتشمل التنازل عن راتبه بالكامل لصالح الدولة، وعدم نشر أي تهان له، وإصدار أوامر للحرس الجمهوري بعدم منع أسرة أي شهيد تطلب لقاءه في أي وقت، وبحث كيفية إعادة محاكمة الرئيس السابق مبارك ووزير داخليته وكبار مساعديه بتهمة قتل المتظاهرين، وعدم تعطيل المرور من أجل موكبه والبقاء في منزله وعدم الانتقال للقصر الرئاسي، ورفضه التهنئة التي بعث بها الرئيس السوري بشار الأسد بسبب المجازر التي ترتكبها قواته في سوريا، ورفضه مقابلة السفير الإيراني لوقوف بلاده مع النظام السوري.

وعانى المصريون كثيرا تعطيل المرور في عدد من الشوارع بسبب مرور موكب الرئيس السابق حسني مبارك، وفي آخر سنوات حكمه امتد الأمر ليشمل مواكب زوجته سوزان ونجليه علاء وجمال، واعتاد المصريون مشاهدة عمال النظافة وهم يضعون آنية الزهور في الشوارع التي سيمر منها الموكب، ثم يزيلونها بعد مروره، كما ظل شكل منزل مبارك غامضا للمصريين، بينما توجه مئات المصريين إلى منزل مرسي للاحتفال بفوزه، وتبين بعد ذلك أنه يستأجر طابقا في منزل عادي بالقاهرة الجديدة لمدة خمس سنوات، مضى منها أربع وتبقت له سنة واحدة في عقده مع صاحب المنزل.