نائب رئيس حكومة كردستان: مأخذنا الوحيد على المالكي هو انحرافه عن الدستور

أحمد لـ «الشرق الأوسط» : من ينتهج نهج صدام فلن يكون مصيره أفضل

عماد أحمد نائب رئيس حكومة إقليم كردستان
TT

أكد عماد أحمد، القيادي البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني ونائب رئيس حكومة إقليم كردستان، «أن الأزمة العميقة التي يشهدها العراق حاليا والتي دفعت إليها القيادة الكردية دفعا، هي أزمة سياسية وإن بدت في عناوينها الرئيسية أزمة بين أربيل وبغداد، فأساس الأزمة هو الانحراف عن مبادئ الدستور الذي وافق عليه أكثر من ثمانين في المائة من العراقيين، من أهمها تحقيق مبدأ الشراكة الوطنية والمساواة والعدالة ومشاركة جميع مكونات الشعب العراقي في عملية البناء الديمقراطي». وأضاف أحمد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الركن الأساسي في حكم العراق الجديد ما بعد سقوط الديكتاتورية هو التوافق السياسي، فإذا فقد هذا التوافق، فلن يبقى في العراق ما نسميه شراكة حقيقية في الحكم، وهذا يعني بكل بساطة العودة إلى التفرد والإقصاء والتهميش، ثم إعادة الحكم الديكتاتوري إلى العراق». وحول غياب دور حكومة الإقليم عن هذه الأزمة التي تستند في عناوينها الرئيسية على خلافات أربيل وبغداد على الأقل فيما يتعلق بالموقف الكردي، قال أحمد: «إن الأزمة الحالية تجاوزت حدود الخلافات التقليدية بين أربيل وبغداد، وتحولت إلى أزمة سياسية بعموم العراق، لأن التهميش والإقصاء طاول معظم القوى السياسية العراقية، وباتت الأزمة تهدد العملية السياسية برمتها وتهدد المسار الديمقراطي لهذه العملية التي ضحينا من أجل تحقيقها في العراق بدماء غزيرة وعزيزة علينا، نحن كشعب كردي ناضلنا لعقود طويلة من أجل تحقيق حقوقنا القومية المشروعة والتي قررناها في إطار الفيدرالية، ومن دون استقرار العملية الديمقراطية فإن هذا الحق الطبيعي لشعبنا سيتعرض إلى مخاطر جدية، ولذلك نحن عندما نحرص على استقرار العملية الديمقراطية في العراق فإننا ننشد بالدرجة الأولى حماية مكاسبنا الدستورية والحفاظ على المكتسبات التي قدمنا تضحيات غالية من أجلها، وإلا فإنه ليست لدينا أي مآخذ شخصية على الأستاذ نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، الذي يقف طرفا أساسيا في هذه الأزمة، لقد كان المالكي حليفا لنا أثناء سنوات نضالنا المرير بجبال كردستان، وشاركنا أيضا بعد سقوط النظام السابق بكتابة الدستور الحالي الذي ثبت العديد من الحقوق الوطنية والقومية، كل ما نطلب منه اليوم هو الالتزام بهذا الدستور الذي شارك هو أيضا في صياغته، فليست لدينا نحن الكرد أي مطالب خارج إطار هذا الدستور التوافقي الذي وافق عليه غالبية الشعب العراقي».

وأشار أحمد إلى «أن القيادة الكردية تدعم كل الجهود الرامية إلى حل هذه الأزمة بالحوار والتفاوض ومن أي جهة كانت، وفي مقدمة تلك الجهود مبادرة فخامة الرئيس مام جلال الذي يسعى منذ بداية الأزمة إلى أن يجمع الأطراف المعنية بالأزمة على طاولة واحدة ويرعى مباحثات أخوية وحوارا وطنيا بناء بينها للخروج من هذه الأزمة، صحيح أننا في البداية لم نكن طرفا في الأزمة وحاولنا أن ننأى بأنفسنا عنها، وأن نكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة، لكن التطورات اللاحقة دفعتنا إلى أن نكون جزءا من المشكلة».

وحول التهديدات التي صدرت عن بعض المقربين من حكومة المالكي بإجراء تغييرات في إدارة المناطق المتنازع عليها قال نائب رئيس حكومة الإقليم: «هذا أمر غير مقبول مطلقا، لقد ساهمنا كشعب كردي وكقيادات سياسية عراقية في إعادة بناء العراق الديمقراطي، ووضعنا دستورا يعالج جميع مشكلات العراقيين وفيه حقوق كردية مثبتة لا أحد يستطيع أن يصادرها منا، وأقول بكل صراحة إن أحدا من قادة العراق لا يستطيع أن يتنكر أو يصادر الحقوق المشروعة للشعب الكردي، حتى صدام بكل قوته لم يفلح في ذلك، ومن يحذُ حذوه فلن يكون مصيره أفضل من مصير صدام وحكمه الديكتاتوري».

وبسؤاله عن مشكلة العقود النفطية التي تحتل العنوان الرئيسي لخلافات أربيل وبغداد قال أحمد: «قلنا لأكثر من مرة بأن تلك العقود تستند إلى الدستور العراقي الذي يعطينا الحق في تطوير مواردنا النفطية، وفيما يتعلق بتوقيع عقودنا مع الشركات العالمية أود أن أشير إلى أنه ليست هناك شركة واحدة بالعالم تأتي وتوقع معنا عقودا بمليارات الدولارات من دون أن تكون مطلعة على الدستور العراقي والحدود التي تسمح للأقاليم بتطوير منشآتها النفطية ومصادرها الطبيعية».

وأشار أحمد في ختام حديثه إلى «أن حكومة الإقليم ستعمل في المرحلة المقبلة من أجل تطوير جميع القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية، وخاصة مجالات الزراعة والصناعة والسياحة، وذلك بهدف تنويع الدخل المحلي، فسنستمر بإطلاق القروض الزراعية والصناعية والقروض الميسرة للشباب، وسنركز على مشاريع البنية التحتية، مثل الطرق والإعمار، فإذا قارنا الوضع الحالي بما كانت عليه كردستان قبل عشر سنوات فسنجد أن هناك فرقا كبيرا في مستوى مشاريع الإعمار، وسنستمر بهذا الجانب بعد أن تجاوزنا العديد من الأزمات المعيشية، فقطاع الكهرباء الذي عانى أزمة طويلة قد تحسن، ولم يعد هناك سوى بعض المشاكل الصغيرة، والوقود كانت تعاني أيضا من أزمة انتهت حاليا، ومشاريع المياه أيضا هناك مشكلات محدودة سنعمل على معالجتها».