وفاة متعاقد أمني تسلط الضوء على ما فقده الأميركيون من امتيازات في العراق

تمسك بغداد بتشريح الجثة يؤخر نقلها للولايات المتحدة لأسبوعين

المتعاقد الأمني المتوفى مايكل كوبلاند
TT

تقدم قضية المتعاقد الأمني الأميركي مايكل ديفيد كوبلاند، الذي عثر عليه ميتا في العراق أخيرا، مجرد لمحة بسيطة عن الواقع الجديد لعمل المواطنين الأميركيين في العراق، والذين اعتادوا، على مدار سنوات كثيرة، الحصول على نفوذ وامتيازات واسعة اختفت تماما عقب انسحاب القوات الأميركية من العراق.

فبعد مناقشات بيروقراطية استمرت لأسبوعين حول أحقية الحكومة العراقية بتشريح الجثة، تم نقل جثة كوبلاند جوا إلى الولايات المتحدة أمس. وحسب وكالة «أسوشييتد برس»، يقول المسؤولون إن كوبلاند، 37 عاما، كان من بين عدد قليل من المواطنين الأميركيين الذين يعملون لصالح الحكومة الأميركية والذين لقوا حتفهم في العراق منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أي عقب انتهاء الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، وهو ما وضع نهاية لتلك الحصانات التي تمتع بها أفراد الجيش الأميركي من الخضوع للقوانين المحلية في العراق.

وانتقل كوبلاند إلى العراق الشهر الماضي بعد حصوله على وظيفة في مشروع طيران تقوم بتنفيذه شركة «داين كورب إنترناشيونال»، بموجب عقد مع وزارة الخارجية الأميركية، بينما يؤكد أحد أفراد عائلته أنه قد تم العثور على جثمانه ملقى في سريره في يوم 9 يونيو (حزيران)، ولا يشتبه أن يكون الحادث مدبرا.

وينص القانون العراقي، كما في مختلف بلدان العالم، على قيام السلطات المحلية بإصدار شهادة وفاة قبل التصريح بنقل الجثمان إلى خارج البلاد، بحيث ينبغي ذكر سبب الوفاة في هذه الشهادة. وفي حالة كوبلاند، الجندي السابق في قوات البحرية الأميركية، لا توجد هناك أي علامات واضحة تشير إلى وفاته نتيجة الإصابة بصدمة نفسية أو مرض معين.

لا تمتلك سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد طبيبا شرعيا بين طاقمها للقيام بتشريح الجثة، لذا أصرت وزارة الصحة العراقية على إجراء تشريح لجثة كوبلاند قبل السماح للأميركيين بإعادة جثته إلى موطنه الأصلي. وأكد منجد صلاح الدين، مدير إدارة الطب الشرعي بوزارة الصحة العراقية، في الأسبوع الماضي أنه يجب إجراء تشريح للجثة بموجب القانون العراقي، حيث إن سبب الوفاة يعتبر «غامضا».

وأضاف صلاح الدين «لا يوجد هناك حل وسط في هذا الأمر بأي حال من الأحوال». ورفضت عائلة كوبلاند بشدة السماح بتشريح جثته، مؤكدة أن عملية التشريح ينبغي أن يتم إجراؤها في الولايات المتحدة.

وأدى انسحاب الجيش الأميركي من العراق إلى انتهاء الحصانات القانونية والمزايا الأخرى التي كان الأميركيون يتمتعون بها في العراق، مما وضع الأميركيين المتبقين في العراق في وضع جديد وغير مريح في كثير من الأحوال من الالتزام بالقوانين والأعراف العراقية التي كانوا يتجاوزونها في الماضي بفضل نفوذ الجيش الأميركي.

وحقق المسؤولون الأميركيون في وزارة الخارجية والكونغرس نجاحا محدودا في البداية في حمل العراقيين على التراجع عن موقفهم بشأن إجراء تشريح على جثة كوبلاند في العراق، حيث تدافع الحكومة العراقية بشراسة عن سيادتها، بينما تبدي حساسية متزايدة في السنوات الماضية تجاه الاعتقاد السائد بأنها تقوم بتنفيذ كافة مطالب الولايات المتحدة الأميركية. ورغم ذلك، توصل المسؤولون الأميركيون والعراقيون في اليومين الماضيين إلى تسوية تقوم بموجبها السلطات العراقية بفحص الجثة والتأكد من أن سبب وفاة كوبلاند يرجع لعوامل طبيعية، وبعد ذلك تم نقل جثمان كوبلاند جوا.