المالكي يدعو إلى انتخابات مبكرة لإنهاء الأزمة.. وخصومه يردون: ليست حلا

TT

دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى انتخابات مبكرة بهدف إنهاء الأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ أشهر. من جهتهم، رد خصوم المالكي على دعوته بالتشكيك في جدواها، وأنها لن تحل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.

وذكر بيان صدر عن المكتب الإعلامي للمالكي نشر على موقع رئاسة الوزراء، أنه «حين يرفض الطرف الآخر الجلوس إلى مائدة المفاوضات ويصر على سياسة إثارة الأزمات المتلاحقة (..) فإن السيد رئيس الوزراء وجد نفسه مضطرا للدعوة لإجراء انتخابات مبكرة». وتقول الفقرة الأولى من المادة 64 من الدستور العراقي «يحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه (325)، بناء على طلب من ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء»، مما يعني أن تصويت البرلمان ضروري في الحالتين. وتنص الفقرة الثانية على أن «رئيس الجمهورية يدعو عند حل مجلس النواب إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها ستون يوما من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلا، ويواصل تصريف الأمور اليومية».

وتعليقا على دعوة رئيس الوزراء، قال النائب حيدر الملا، أحد المتحدثين الرئيسيين باسم قائمة «العراقية» في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا ما قدم رئيس الوزراء طلبا لحل مجلس النواب (..) وصوت عليه المجلس بالقبول فإن (العراقية) ستحترم هذا الخيار الدستوري». وأضاف أن «(العراقية) مع أي خيار دستوري نص عليه الدستور العراقي، ولكنها أيضا تطالب السيد رئيس الوزراء بأن يفهم الديمقراطية في اتجاهين، عندما تكون في صالحه وعندما لا تخدمه». وتابع «عندنا مشكلة في السلطة التنفيذية وفي رئيس الحكومة تحديدا، وبالنتيجة هناك آلية دستورية من أجل تغيير رئيس الحكومة، والكتل السياسية عازمة على سلوك الآلية الدستورية من أجل استبداله أو سحب الثقة منه».

من جهته، قال ضياء الأسدي الأمين العام لكتلة الأحرار (40 نائبا) المنتمية إلى التيار الصدري، إن «سماحة السيد مقتدى الذي استبق هذا التصريح قبل أسبوع حينما سئل عنه، قال إنه ليس مع هذا الإجراء». وأوضح في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «هذا الأمر يتطلب وقتا وتوافقا من الصعب الحصول عليه في هذه المرحلة»، مشيرا إلى أن «التوافق الذي توفر للحكومة الحالية لا يمكن الحصول عليه في ظل هذه الظروف». وتابع «لذلك نحن نقول إنه ليس ملائما حل البرلمان؛ لأنه لن يكون في مصلحة الشعب».

أما عضو البرلمان عن التحالف الكردستاني شوان محمد طه فقد اعتبر في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الدعوة ليست أكثر من هروب من الأزمة»، مشددا على أن «الانتخابات المبكرة ليست حلا، كما أن أي انتخابات الآن في العراق لن تغير الخريطة السياسية». وأشار إلى أن «التناقض في مثل هذه الدعوات بين حوار أو إصلاح أو انتخابات مبكرة أمر مربك للشركاء، وأن هذا يدفعنا إلى القول إن هناك ربما نية للانفراد الكامل بالسلطة، وإن من شأن ذلك أن يهدد العملية الديمقراطية في العراق برمتها».

بدوره، أوضح النائب في البرلمان عن دولة القانون شاكر الدراجي لـ«الشرق الأوسط»، أن الدعوة لانتخابات مبكرة «جاءت لتوضح أهمية أن يكون هناك حوار حقيقي وفي حال فشلت آليات الحوار فلا يمكن بقاء الأوضاع على ما هي عليه، إذ لا بد أن نذهب إلى انتخابات مبكرة أو حكومة أكثرية أو ما شاكل ذلك».

وفي موازاة الدعوة إلى تقديم موعد الانتخابات التي من المفترض أن تجرى في عام 2014، طالب بيان مكتب المالكي الفرقاء السياسيين بالعودة «إلى الحوار القائم على أساس الدستور وإجراء الإصلاحات في جميع مؤسسات الدولة». ورأى المالكي أن البرلمان «بحاجة إلى حركة إصلاحية سريعة وقوية». واتهم رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، القيادي السني النافذ في قائمة العراقية، باختصار البرلمان «بشخصه وقائمته».

في مقابل ذلك، وردا على رفض المالكي حضور جلسة الاستجواب أمام البرلمان من دون إجراء إصلاحات في البرلمان نفسه أولا، شددت هيئة رئاسة مجلس النواب في بيان نشر على موقع البرلمان أمس على «ضرورة احترام الدستور من خلال وجوب حضور الجميع في مجلس النواب للمساءلة أو الاستجواب عند طلب المجلس ذلك». وكان النجيفي أعلن في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، أن طلبا باستجواب نوري المالكي سيقدم خلال يومين أو ثلاثة أيام إلى البرلمان، على أن يليه تصويت محتمل على سحب الثقة منه.

إلى ذلك قرر التحالف الوطني (الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي - 159 نائبا) تشكيل لجنة للإصلاح السياسي بهدف وضع آلية مناسبة لإصلاح العملية السياسية مجددا أهمية الحوار لحل الأزمة التي تمر بها البلاد حاليا. وقال بيان للتحالف صدر أمس عقب اجتماع عقده في مكتب رئيسه إبراهيم الجعفري وبحضور رئيس الوزراء نوري المالكي، إن التحالف «سمى خلال الاجتماع أعضاء اللجنة التي شكلها سابقا من ممثلي مكوناته لوضع آلية مناسبة ومضمونة لتحقيق الإصلاح في مختلف جوانب العملية السياسية»، مؤكدا على ضرورة «المباشرة بعملها بأسرع وقت».

وتابع التحالف، أن «الحوار الوطني المباشر هو السبيل الوحيدة لحل جميع المشاكل العالقة على أساس الدستور»، داعيا جميع الأطراف السياسية إلى «توفير الأجواء الإعلامية الهادئة والبناءة لنجاحه». وأكد على ضرورة «استمرار الأجواء الإيجابية التي سادت جلسات البرلمان في الأسبوع الأول من الفصل التشريعي الثالث، ليقوم مجلس النواب بدوره المهم في بناء الدولة، وقطع الطريق أمام أي محاولة لتعطيل دوره».

وفي هذا السياق، أكد النائب في البرلمان العراقي عن التحالف الوطني فرات الشرع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللجنة تملك صلاحيات واسعة للعمل والتفاوض بحيث نستطيع القول إن هناك انفراجا قريبا وشاملا للأزمة السياسية».