تونس: المعارضة تقدم لائحة لوم ضد الحكومة وتستعد لسحب الثقة منها

بعد تسليم البغدادي إلى السلطات الليبية

TT

ما زالت عملية تسليم البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في نظام القذافي، إلى السلطات الليبية تلقي بظلالها على المشهد السياسي التونسي، فقد أعدت الكتل البرلمانية المعارضة لائحة لوم لسحب الثقة من حكومة حمادي الجبالي. وينتظر أن تكون جلسة يوم غد الجمعة، المخصصة لموضوع البغدادي، ساخنة من قبل الأقلية المعارضة التي تمسكت بمبدأ تجاوز رئيس الحكومة لصلاحياته بإقراره تسليم البغدادي إلى ليبيا من دون استشارة بقية شركائه في إدارة البلاد. وبنت المعارضة هجوماتها على طلب رئيس الجمهورية الذي استنجد بالمجلس التأسيسي لإيقاف زحف مؤسسة رئاسة الحكومة، في حين سعى معظم أعضاء الائتلاف الثلاثي الحاكم إلى التقليل من أهمية موضوع ملف البغدادي، ونادوا بإعطاء الأولوية للمشاغل الاجتماعية والاقتصادية التي تتخبط فيها معظم المناطق التونسية المحرومة.

وواصلت المعارضة حدة انتقاداتها تجاه الحكومة، وقاطعت سبع كتل برلمانية الجلسة، وتمسك 76 نائبا من أعضاء المجلس التأسيسي بإصدار لائحة اللوم، من بينهم مجموعة من ستة نواب من حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الذي يرأسه مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي. وتستعد المعارضة لسحب الثقة من حكومة حمادي الجبالي.

وحول هذا الجدل القائم بين طرفي المشهد السياسي التونسي، قال عصام الشابي، نائب المجلس التأسيسي عن الحزب الديمقراطي التقدمي، إن «المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية أقر بوجود خلاف وتجاوزات من قبل رئيس الحكومة، وطلب من المجلس الفصل في هذه المسألة، وما علينا كنواب إلا مواصلة الضغط على الحكومة لمعرفة حقيقة ما جرى ولماذا لم يتم التنسيق بين الرئاسات الثلاث قبل تسليم البغدادي».

وأضاف الشابي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ندعم مقترح سحب الثقة من حكومة حمادي الجبالي بسبب الإخلالات الكثيرة الموجودة وسوء التسيير الملحوظ على عديد الواجهات». وقال إن قرابة 75 نائبا بالمجلس قد وقعوا على لائحة اللوم، وهذا العدد يمثل ثلث نواب المجلس التأسيسي (العدد الإجمالي 217 نائبا)، وهذا الأمر يجبر رئيس الحكومة على الوقوف أمام أعضاء المجلس في جلسة عامة، وإنه من الضروري موافقة خمسين في المائة من أعضاء المجلس التأسيسي زائد واحد لسحب الثقة من حكومة حمادي الجبالي.

وفي مقابل حماس المعارضة وانقضاضها على فرصة سياسية قبل أقل من سنة من إجراء ثاني انتخابات رئاسية وبرلمانية، قللت الكتلة البرلمانية الممثلة لحركة النهضة بمعية أعضاء الائتلاف الحاكم من أهمية ملف تسليم البغدادي المحمودي، واعتبرت الأمر حدثا عابرا لا يتطلب الكثير من الاهتمام، ووصل الأمر إلى حد اتهام المعارضة بالدفاع «عن شخص ديكتاتوري أمر باغتصاب النساء إبان الثورة الليبية ولديه سوابق جنائية في عهد القذافي»، كما جاء على لسان الحبيب خذر النائب بالمجلس التأسيسي عن حركة النهضة. وفي هذا الإطار قال خذر لـ«الشرق الأوسط» إن «مقاطعة المعارضة لجلسة مساء الثلاثاء تعد خرقا لنظام المجلس وتصرفا غير مسؤول من قبل الأقلية المعارضة». وقال إن المجلس التأسيسي مستعد لمناقشة ملف البغدادي لكنه لا يرى فائدة من ذلك ما دام طرفا الخلاف، ممثلين في رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، غائبين عن الجلسة». واعتبر أن الحكومة مستعدة لمناقشة قرار التسليم، ولم ير أي داع لسحب الثقة من حكومة حمادي الجبالي.

وكانت بعض المعلومات غير المؤكدة تحدثت عن عملية نجدة قامت بها حركة النهضة الإسلامية إلى المجلس الانتقالي الليبي قبل موعد إجراء ليبيا لأول انتخابات حرة يوم 7 يوليو (تموز) القادم. وقالت إن غايات انتخابية تقف وراء تسليم البغدادي لنجدة مصطفى عبد الجليل من مأزق سياسي تردت فيه ليبيا، فبعد نحو السنة من سقوط نظام القذافي بدأ الناخب الليبي يتحسس فشل المجلس الانتقالي في إعادة بناء البلاد وافتقادها للأمن والاستقرار، بالإضافة إلى التشتت السياسي والأمني. واعتبرت المعلومات تسليم البغدادي عملية انتشال للإسلاميين في ليبيا من «الغرق» مما يعيد الاعتبار للسلطات الليبية ويسجل نقطة نجاح في سجلها الخالي من النجاحات.