مواجهات دامية بين الطوارق والإسلاميين في شمال مالي

«مجموعة غرب أفريقيا» تطلب من الجزائر المشاركة في الخيار العسكري

سكان من شمال مالي مقيمون في باماكو يتظاهرون للمطالبة بتحرير منطقتهم ن المجموعات المسلحة، في العاصمة المالية أمس. ويحمل أحد المتظاهرين لافتة كتب ليها «البشار حمدي.. عمره 6 سنوات وجرح في الحي الرابع بغاو» (أ.ب)
TT

اندلعت مواجهات مسلحة بين متمردين طوارق وإسلاميين في غاو بشمال مالي الذي تسيطر عليه منذ ثلاثة أشهر مجموعات مسلحة متناحرة، ووقع ضحيتها سكان المنطقة الذين نفد صبرهم من القوانين المفروضة عليهم. وشهدت بعض أحياء مدينة غاو أمس معارك بالأسلحة الثقيلة بين عناصر من «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» وعناصر إسلامية، راح ضحيتها 20 قتيلا على الأقل.

وقالت شاهدة عيان تدعى حبساتو سيس، من منطقة غاو، لوكالة «رويترز» أمس، إنها شاهدت خمس جثث في المنزل الذي تحتمي به، في حين قال سكان آخرون إنهم رأوا 11 جثة و4 جثث في موقعين آخرين بالمدينة. كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن صاحب محطة بنزين مجاورة لمقر حاكم المنطقة قوله إن مواجهات جرت «قرب مقر حاكم المدينة (تسيطر عليها الحركة الوطنية لتحرير أزواد)، وإن مقاتلي الطرفين يتبادلون القصف بالأسلحة الثقيلة». وأفاد شهود بأن تبادل إطلاق الرصاص تواصل نهار أمس، وأن «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» و«حركة التوحيد والجهاد» تلقيتا تعزيزات.

وتجري هذه المواجهات بين المقاتلين الطوارق والإسلاميين غداة مظاهرات عنيفة في غاو قام بها سكان غاضبون من اغتيال عضو المجلس البلدي إدريس عمرو المدرس والعضو في حزب الرئيس الانتقالي ديونكوندا تراوري. وأطلق مسلحون النار على مئات المتظاهرين فقتلوا شخصا على الأقل وأصابوا عشرة آخرين. واتهم شهود «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» بإطلاق النار على الحشود، لكن الحركة نفت ذلك قطعا وتحدثت عن «تضليل» من طرف حركة التوحيد والجهاد.

وجاءت هذه التطورات فيما يسعى وزير خارجية بوركينا فاسو إلى إقناع المسؤولين الجزائريين بالمشاركة في قوة عسكرية قررت «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» (الإيكواس) إيفادها إلى شمال مالي للدخول في مواجهة مع التنظيمات المسلحة التي تسيطر على المنطقة. وتبدي الجزائر تحفظا شديدا على حسم الموقف عسكريا، خوفا من نزوح الآلاف من الطوارق إلى ترابها.

وصرح الوزير البوركيني جبريل باسول للصحافة، عند وصوله إلى الجزائر أمس، بأن «دور الجزائر في تسوية الأزمة التي تزعزع مالي منذ عدة أشهر مهم جدا.. وسأعمل مع نظيري الجزائري (مراد مدلسي) حول مختلف جوانب هذا الملف»، مشيرا إلى أنه يأمل «في أن تستفيد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من مشاركة الجزائر في البحث عن حل حاسم ودائم للوضعية هناك». وأوضح جبريل باسول أن الوضع الحالي لمالي «يزعزع مؤسسات باماكو، ويزيد قدرات شمال هذا البلد ضعفا، وكذا منطقة الساحل الصحراوي». وأضاف «لقد جئت إلى الجزائر لتقييم الملف المالي، وكما تعلمون تم تكليف الرئيس البوركيني السيد بليز كامباوري، من طرف نظرائه في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، للقيام بوساطة في الأزمة المالية». وقالت مصادر حكومية تتابع الوضع المتفجر في مالي، لـ«الشرق الأوسط»، إن وزير خارجية بوركينا فاسو «جاء إلى الجزائر طلبا لانضمامها إلى القوة العسكرية المرتقب إرسالها إلى شمال مالي، لوضع حد لسيطرة الإسلاميين المسلحين على المنطقة». وأوضح أن الجزائريين متحفظون على الخيار العسكري لحل الأزمة، وإنهم يفضلون التفاوض والحوار بين فرقاء الأزمة في مالي (السلطة الانتقالية في باماكو وممثلي سكان الشمال).

وأعلن قادة عسكريون في دول مجموعة «الإيكواس» في أبيدجان الأسبوع الماضي، أنهم سيرسلون قوة عسكرية قوامها ثلاثة آلاف رجل إلى شمال مالي لمحاربة انفصاليي حركة الأزواد التي أقامت دولة مستقلة، وجماعة أنصار الدين وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا التي تحتجز سبعة دبلوماسيين جزائريين منذ قرابة ثلاثة أشهر.

وصرح الجنرال سومايلا باكايوكو، قائد جيش ساحل العاج، بأن «عدد العناصر الذي قدرناه لهذه العملية هو 3270 رجلا»، وأن وفدا عسكريا سيتوجه إلى مالي قريبا «للعمل مع الجيش المالي من أجل تحديد الطرق العملية» الخاصة بالحملة العسكرية. يشار إلى أن الوضع في مالي ازداد تفاقما، منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس أمادو توماني توري في 22 مارس (آذار) الماضي.