أنان يؤكد انعقاد قمة مجموعة الاتصال.. ويستثني دعوة إيران

تأكيدات على مشاركة كلينتون ولافروف.. وغموض حول موقف فرنسا وألمانيا.. وترحيب صيني

وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مع نظيرها الفنلندي في هلسنكي أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلن مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية لسوريا، كوفي أنان، عن عقد اجتماع وزاري رفيع المستوي بشأن سوريا في جنيف السبت القادم، مشيرا إلى أن الدعوة تشمل الأطراف المعنية، مستثنيا دعوة إيران، وهو الإعلان الذي قوبل بتأكيدات على مشاركة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ونظيرها الروسي سيرغي لافروف، رغم المحاولات الروسية السابقة لضرورة المشاركة الإيرانية.

ورغم اقتناع أنان بضرورة مشاركة إيران في الاجتماع، وإصرار روسيا على ذلك، فإن التشكيل النهائي للمشاركين في الاجتماع مال إلى وجهة الإدارة الأميركية، التي أوضحت جليا معارضتها الشديدة لمشاركة إيران في الاجتماع. وقال أنان في بيان صحافي أمس «لقد وجهت الدعوة إلى وزراء خارجية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة) وتركيا، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية وممثل الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية، ووزير خارجية العراق بصفته رئيس قمة الجامعة العربية، ووزير خارجية الكويت بصفته رئيسا لمجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية، ورئيس وزراء قطر بصفته رئيس لجنة متابعة القضية السورية في جامعة الدول العربية».

وأوضح أنان أن هدف الاجتماع هو تحديد الخطوات والتدابير اللازمة لضمان التنفيذ الكامل للخطة المكونة من ست نقاط، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن رقمي 2042 و2043، بما في ذلك الوقف الفوري لأعمال العنف بجميع أشكاله. وقال «ينبغي لمجموعة الاتصال أن توافق على مبادئ توجيهية ومبادئ لتحقيق الانتقال السياسي الذي يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، والاتفاق على الإجراءات التي تحقق هذه الأهداف على أرض الواقع». وأبدى أمله في أن يثمر عن إجماع بين جميع المشاركين على اتخاذ إجراءات ملموسة لوضع حد لدوامة العنف وإحلال السلام والاستقرار للشعب السوري.

من جانبها، أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن الولايات المتحدة تقف على أهبة الاستعداد لدعم جهود أنان للتوصل إلى حل دبلوماسي للوضع في سوريا ووضع حد لسفك الدماء، والاستعداد للانتقال إلى الديمقراطية وإلى سوريا ما بعد الأسد، مبدية أملها في أن يكون الاجتماع نقطة تحول في الأزمة السورية.

وقالت كلينتون خلال زيارتها للعاصمة الفنلندية أمس الأربعاء «لقد كنت في تشاور وثيق مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة كوفي أنان حول عقد اجتماع يركز على خريطة طريق لعملية الانتقال السياسي في سوريا»، وأوضحت أنها تحدثت مع أنان ثلاث مرات خلال 24 ساعة الماضية. وأكدت كلينتون أن «أنان وضع خريطة طريق ملموسة لتحقيق الانتقال السياسي وقام بتوزيعها للتعليق عليها، وعندما تحدثت إلى أمس نقلت له دعمنا للخطة التي طرحها، وأعتقد أنها تجسد المبادئ اللازمة لأي عملية انتقال سياسية في سوريا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة سلمية وديمقراطية وتعبر عن إرادة الشعب السوري».

من جهة أخرى، علق جاي كارني، المتحدث الصحافي باسم البيت الأبيض، على الاجتماع قائلا «نتطلع أن يؤدي إلى تحقيق انتقال سلمي للسلطة، وكلما تم الانتقال السلمي للسلطة بسرعة كان ذلك أفضل». وأوضح أن مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان أرسل مسودة لأفكاره لمساندة الانتقال السلمي للسلطة في سوريا للتشاور حولها، ورفض التعليق على توقعاته عما سيخرج به الاجتماع. وأوضح أن الولايات المتحدة تعمل مع الشركاء والحلفاء في المجتمع الدولي لزيادة ومواصلة الضغوط على الأسد وتشجيع زيادة الانشقاقات من مسؤولي النظام ومن الجيش.

يأتي ذلك، في الوقت الذي كشف فيه سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسية، عن أنه يبحث مع أنان خطة وقائمة المشاركين في المؤتمر، مؤكدا عزمه على المشاركة في هذا المؤتمر؛ حتى في حال غياب إيران عن اجتماعاته.

وحرص لافروف قبيل لقائه المرتقب مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون في سان بطرسبرغ يوم 30 يونيو (حزيران) على تأكيد ضرورة دعوة البلدان جيران سوريا، وفي مقدمتها إيران وتركيا والعراق ولبنان، إضافة إلى المملكة العربية والسعودية وقطر والمنظمات الدولية الأربع (الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي). وقال إن إيران تملك تأثيرا على الحكومة السورية، ومن ثم فإن مشاركتها ستكون ذات جدوى كبيرة، وإن «غياب إيران سيعني أن دائرة الحضور ستكون غير مكتملة، لأنه لن يشارك في المؤتمر جميع من يحظون بنفوذ حقيقي على كل الأطراف السورية».

من جهة أخرى، عمدت باريس إلى تحديد «سقف مرتفع» لما تريده من هذا الاجتماع والأهداف التي تسعى إليها، لكن من غير أن يعرف تماما ما إذا كان وزير الخارجية لوران فابيوس سيشارك شخصيا فيه أم أن فرنسا ستمثل على مستوى أدنى. وتريد باريس «عمليا» من الاجتماع، وفق ما قالته وزارة الخارجية أمس، أن تتوصل المجموعة إلى «موقف موحد» بشأن «التفاهم حول المبادئ والمراحل الضرورية لعملية الانتقال الديمقراطي في سوريا، فضلا عن الأولوية المتمثلة في وقف القمع وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين»، وهو ما يعني أن باريس تريد، إلى جانب التسليم والموافقة على رحيل نظام الرئيس بشار الأسد، بلورة «جدول زمني» مع الخطوات المصاحبة التي يجب أن تتلازم مع وقف عمليات القتل ومساعدة المدنيين.

ولم تكشف باريس عن الأسباب التي قد تحول دون مشاركة الوزير فابيوس في الاجتماع، رغم تأكيد السلطات الفرنسية وعلى كل المستويات أنها «تدعم» مبادرة أنان وتحركاته لإيجاد مخرج سياسي للأزمة السورية. ولم تستبعد مصادر سياسية أن غموض الموقف الفرنسي هو انتظار لتأكيد أميركي على مستوى المشاركة من خلال وزيرة الخارجية كلينتون. وربطت مصادر دبلوماسية في باريس بين حضور كلينتون في جنيف وما قد يفضي إليه لقاؤها نظيرها الروسي سيرغي لافروف مساء الجمعة في مدينة سان بطرسبرغ.

وما زالت باريس تأمل في أن تفضي الليونة في الموقف الروسي إلى تبني قرار في مجلس الأمن توضع بموجبه خطة أنان تحت الفصل السابع، الأمر الذي أشار إليه الوزير فابيوس، أمس، في كلمة له في معهد العلوم السياسية في باريس بمناسبة منتدى حول «فرنسا والعالم العربي الجديد».. غير أن ما تريده فرنسا يبدو مرهونا بما سيحصل في جنيف.

وعلى صعيد متصل، حدد فابيوس هدفين لـ«مؤتمر أصدقاء الشعب السوري» الذي سيعقد في العاصمة الفرنسية يوم 6 يوليو (تموز)، وهما دعم المعارضة السورية وتحضير الانتقال السياسي. وأشار الوزير الفرنسي إلى أن بلاده وجهت أكثر من 150 دعوة إلى دول ومنظمات وهيئات معنية بالشأن السوري.

وفي كلمته، تناول فابيوس رؤية باريس لطبيعة العلاقات التي يجب أن تربط بلاده ببلدان الربيع العربي عارضا استعداد بلاده للتعاون مع الأنظمة الجديدة، ومشيرا في الوقت عينه إلى المخاوف التي تساورها، وراسما «الخطوط الحمراء» التي لا يمكن تخطيها.

وفي سياق متصل، نقلت وكالة الأنباء الألمانية أمس أنه من المحتمل ألا تشارك ألمانيا في أول اجتماع لـ«مجموعة العمل» الجديدة بشأن سوريا المقرر عقده السبت المقبل في جنيف، بينما أعلنت الخارجية أمس أن وزير الخارجية غيدو فسترفيلي يرحب بالتفاهم حول هذه الجولة. وجاء في بيان للخارجية الألمانية أن فسترفيلي يدعم «كل مبادرة وكل صيغة يمكنها تقريب نهاية العنف». وأضافت أن ألمانيا «ستبذل كل جهودها لدعم العمل على حل سياسي» للأزمة السورية.

إلى ذلك، أعلن ممثل الصين لدى الأمم المتحدة في جنيف أن بلاده تنظر «بعين الرضا» إلى الدعوة إلى اجتماع دولي حول سوريا يوم السبت، وصرح مندوب الصين شيا جينجي «في ما يخص المؤتمر الذي سيعقد في الثلاثين من يونيو، فإن الصين تنظر إليه بعين الرضا»، معربا عن «الأمل في أن يؤدي هذا المؤتمر إلى توافق دولي».