محافظ الشرقية المستقيل: أرفض العمل تحت حكم الإخوان حتى لا أكون كاذبا

عزازي لـ «الشرق الأوسط»: قيادي بالجماعة حاول إثنائي عن قراري

د. عزازي علي عزازي
TT

كشف الدكتور عزازي علي عزازي، محافظ الشرقية المستقيل، عن أن أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين اتصل به لإثنائه عن قرار استقالته من منصب المحافظ؛ مؤكدا أنه رفض. وقال: «حاولت أن أتلون مع النظام الجديد وفشلت».

وأكد عزازي أول محافظ يستقيل من منصبه عقب تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة البلاد، أنه قدم استقالته من منصبه لرفضه مشروع النهضة لجماعة الإخوان المسلمين والذي أعلن عنه الدكتور مرسي في برنامجه.

وقال عزازي، القيادي بحزب الكرامة الناصري، في حوار مع «الشرق الأوسط»: «أرفض العمل تحت حكم الإخوان.. لأن أهداف مشروعهم خدمة الجماعة وليس خدمة المواطن».

وتولي عزازي منصب محافظ الشرقية (والتي تبعد عن القاهرة نحو 83 كلم) في أغسطس (آب) عام 2011، وعمل في عدد من الصحف المصرية، وكان مستشارا لتحرير عدد من المطبوعات في مصر والدول العربية.

وانتقد محافظ الشرقية السابق وهو ناقد أدبي، الاتهامات التي وجهت إليه عقب تقديم استقالته، بأنه هرب من المعركة السياسية، بقوله: «لم أهرب.. لأننا لسنا في معركة، ونظريا مصر تشهد وضعا مستقرا بعد إعلان اسم الرئيس المنتخب».. وفيما يلي أهم ما جاء في الحوار:

* لماذا تقدمت باستقالتك من منصبك كمحافظ؟

- تمنيت أن تكون لدي القدرة على التلون والاستمرار مع أي نظام يحكم البلاد؛ لكن ليست لدي هذه القدرة مع النظام الجديد، كما أنني أرفض أن أعمل مع جماعة الإخوان في مشروعها حول النهضة لاختلافي معه، وكوني في موقع تنفيذي كـ«محافظ» فهذا يحتم علي تنفيذ سياسات الجماعة التي ستكون سياسات الدكتور مرسي والتي أرفضها، لهذا قدمت استقالتي وقُبلت من المجلس العسكري الحاكم والدكتور كمال الجنزوري رئيس حكومة تيسير الأعمال.

* ولكن حزب الكرامة الناصري الذي تنتمي إليه تحالف مع الإخوان.. فلماذا أنت ترفض التحالف؟

- كمعارضة في حزب الكرامة الناصري نعمل مع أي فصيل سياسي، حتى لو اختلفنا معه؛ لكن العمل في الموقع التنفيذي كمسؤول في الحكومة يختلف، فموقع المحافظ موقع سياسي من الدرجة الأولى، يقوم بتنفيذ سياسات الدولة والحكومة، والتي ستكون صادرة عن مؤسسة الرئاسة التي يرأسها الإخوان، الآن بعد فوز الدكتور مرسي، شرف الخصومة يقتضي أن لا أكون في موقعي كمحافظ، وعملي المقبل سيكون في الشارع بين الجماهير، لأُقيِّم مشروع النهضة للجماعة وأتابعه وأحاسب أصحابه على مدى التزامهم بالمشروع لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير وهي: «حرية.. وعدالة اجتماعية.. وكرامة إنسانية».

* وهل اختلافك مع مشروع النهضة يأتي اعترضا على ما جاء به من بنود أم لكون الجماعة هي من طرحته؟

- الاثنان معا.. تراث الإخوان التنظيمي والحركي دائما يؤكد عبر تاريخهم الطويل الذي يقترب من 90 عاما، أنهم يعملون دائما لصالح الجماعة ونهضتها، وليس لصالح المواطن ونهضة مصر، وخلافي مع الجماعة في فلسفة التنظيم والرؤية والبعد عن تحقيق العدالة الاجتماعية، وأنا تخرجت من (المدرسة الناصرية) التي ترعى في المقام الأول العدالة الاجتماعية، فلا يمكن أن أعمل في هذا المشروع، لأني لا أريد أن أكون كاذبا.

* وهل تحدث معك أحد قيادات الجماعة لإثنائك عن الاستقالة؟

- نعم.. تحدث إلى أحد قيادات الجماعة لإثنائي عن قراري والعودة لمنصبي مرة أخرى؛ لكني رفضت ذلك، وقلت لهذه القيادة الإخوانية: «قراري في تقديم الاستقالة أمر محسوم ونهائي لا رجعه فيه، لكي لا يتفاوض معي أحد»، وأكدت له أنني ليست لدي مشاكل مع الجماعة، وكنت أول محافظ في مصر يعين إخوانيا في منصب رئيس مدينة، وأن مشكلتي في مشروعهم الرئاسي، الذي أعتبره خطرا على مصر.

* دائما ما كان يوجه البرلمان المنحل انتقادات للحكومة.. كيف كنت تقرأ ذلك من موقعك؟

- الاتهامات التي كانت توجه للحكومة لم تكن صادقة ولم تكن مبنية على أي معلومات، وكانت تهدف لاستفزاز وتخويف المسؤولين من البرلمان الذي يستحوذ عليه الإسلاميون، فضلا عن أن طلبات الإحاطة والأسئلة المتعجلة التي كان يطرحها نواب البرلمان، كان يتم الرد عليها من جميع المسؤولين، وكان النواب في مجلس الشعب يريدون تطبيق المثل الشعبي المصري «اضرب المربوط.. يخاف السايب»، على المسؤولين، فكنا في حالة حرب مع النواب طوال الأشهر الماضية.

* وماذا عن الانتقادات التي وجهت إليك عقب استقالتك والتي وصفها البعض بأنك تهرب من المعركة؟

- وجهت إلي انتقادات عديدة، واتهمني البعض بالهروب من المعركة؛ لكنني أقول إننا الآن لسنا في معركة، ومن ثم لا يوجد هروب، ونظريا مصر تشهد وضعا مستقرا - إلى حد ما - بعد إعلان اسم الرئيس المنتخب، فضلا عن أن هذه ليست معركة أي مصري، إنما هي معركة الإخوان، وعليهم إثبات أنهم جديرون بحكم مصر.

* وهل تعتزم المعارضة الالتفاف حول حمدين صباحي للدفع به رئيسا لمصر عقب انتهاء ولاية مرسي؟

- نعم بالفعل.. وهو أحد أسباب استقالتي من منصبي، نحن يوميا لدينا لقاءات تتعلق بهذا الأمر، وعلى الرغم من عدم قبول الطعون التي قدمت في المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت يومي 26 - 27 مايو (أيار) الماضي؛ إلا أننا نواصل اللقاءات في ذلك الاتجاه. وحل المرشح الرئاسي حمدين صباحي ثالثا في أول انتخابات تشهدها مصر بعد ثورة 25 يناير والإطاحة بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

* وما الآلية التي من خلالها سيتم الدفع بصباحي؟

- يتم ذلك من خلال عمل تنظيمي ومؤسسي كبير، ونحن بصدد طرح برنامج سياسي نعمل عليه بكافة قوتنا الآن، وهذا البرنامج يحمل اتفاق القوى الوطنية والثورية.

* كونك أحد قيادات المعارضة الذين تولوا مناصب بعد الثورة.. كيف تقيم هذه التجربة؟

- لست ابن جهاز الدولة، فأنا ابن الحركة الوطنية، والتجربة كانت مهمة جدا للتعرف على الاختلاف بين الجانب النظري والتطبيقي في الدولة، وتجربتي أتاحت لي اكتشاف حجم الفجوة بين النظريات والشعارات والتطبيق.

* هل ترى أن المعارضة المصرية قادرة على الدفع بكوادر لتولي مناصب تنفيذية في الدولة؟

- رغم هيمنة الحزب الوطني المنحل على مناصب الدولة طوال حكم مبارك؛ فإن المعارضة المصرية قدمت حكومات ظل كانت قائمة، ولدينا الآن كوادر في المعارضة تصلح لتولي العديد من المناصب القيادية بالفعل، حتى لا يجد المواطن نفسه مرة أخرى أمام خيار يا شفيق (الفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة) يا مرسي (الرئيس محمد مرسي المنتحب)، على الرغم من كونه يرفض الاثنين.. لكنه لا يعرف ماذا يفعل، فمصر قادرة على حماية تنوعها وعمقها الحضاري وثوابتها الوطنية.

* وهل المشاكل التي واجهتك في عملك كمحافظ كانت متعلقة أكثر بقرارات الدولة أم بوضع الشارع؟

- أكثر المشاكل كانت تتعلق بوضع الشارع المصري، فكانت هناك احتجاجات مدفوعة الأجر ومخططا لها لإفساد الوضع في البلاد من قبل الأثرياء، فعلى سبيل المثال أزمة أنابيب الغاز كانت مفتعلة، وكان لدى العديد من الأسر فائض من الأنابيب؛ ولكنها كانت تقطع الطرق احتجاجا، وتنظم مظاهرات لتصعيد الوضع.

* وما الذي كنت تركز عليه في عملك من أهداف الثورة؟

- كنت ومعي الجهاز التنفيذي في المحافظة أمناء من موقعنا على ثلاثة أشياء «الحرية»، حيث شاركنا في المظاهرات والاحتجاجات السياسية ودعمنا العديد من الحركات والوقفات، دون أن يتم القبض على أحد من المتظاهرين أو الاعتداء عليهم، والأمر الثاني تمثل في «العدالة الاجتماعية»، حيث انحزنا إلى الفقراء، وذلك لأن الغالبية العظمي من الشعب المصري في المحافظات تحت خط الفقر، وأجرينا خلال شهر واحد 5000 عملية جراحية مجانية بالشرقية، كما تم تخفيض إيجار السكن للشباب من 70 إلى 16 جنيها، حتى نحل أزمة الإسكان، والثالث يتعلق بكرامة الإنسان، فكان أي عامل في المحافظة يشعر بكرامته كإنسان، حتى أنني اتخذت بعض القرارات ضد بعض المسؤولين ممن حاولوا جرح كرامة المواطن.