السجن لمسؤولين مصريين سابقين في قضية بيع الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة

بينهم وزير البترول السابق ورجل الأعمال حسين سالم

TT

أصدرت محكمة جنايات القاهرة بمصر أمس أحكاما رادعة في قضية تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر البيع العالمي. وقضت المحكمة بمعاقبة وزير البترول الأسبق سامح فهمي ورجل الأعمال (الهارب) حسين سالم بالسجن المشدد لمدة 15 عاما، إثر إدانتهما بإهدار المال العام والإضرار العمد به والتربح للنفس وللغير.

وتضمن الحكم إدانة 5 متهمين آخرين من قيادات قطاع البترول المصري، حيث عاقبت المحكمة محمود لطيف عامر وحسن محمد عقل وإسماعيل حامد كرارة وهم جميعا نواب سابقون لرئيس الهيئة المصرية العامة للبترول في قطاعات تصنيع وإنتاج الغاز والتخطيط بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات، وتضمن الحكم أيضا معاقبة محمد إبراهيم يوسف رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للغاز سابقا بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، ومعاقبة إبراهيم صالح محمود رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول سابقا بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات.

وقدرت المحكمة غرامة مالية كبيرة قدرها ملياران و3 ملايين و519 ألف دولار أميركي يدفعها المتهمون جميعا فيما بينهم، كما ألزمتهم برد مبالغ مالية قدرها 499 مليونا و862 ألف دولار أميركي.

وعقب صدور الحكم أصيب ذوو المتهمين بحالة من الوجوم والصدمة، بينما بدا المتهمون داخل قفص الاتهام في حالة من الذهول وعدم التصديق، بعدما كانوا يعولون على صدور حكم بالبراءة في ضوء البراءة المماثلة التي سبق وأن حصل عليها الرئيس السابق حسني مبارك ورجل الأعمال حسين سالم عن ذات الاتهامات المتعلقة بتصدير الغاز أمام الجنايات.

وانخرط عدد من أهالي المتهمين في حالة من البكاء الشديد، وقام بعضهم بالاشتباك مع المصورين الصحافيين الذين كانوا يحاولون تصويرهم أو الاقتراب من قفص الاتهام لتصوير المتهمين داخله.

وكانت نيابة أمن الدولة العليا قد طالبت في قرار الاتهام بتوقيع أقصى عقوبة مقررة قانونا بحق المتهمين في ضوء ما هو منسوب إليهم من اتهامات تتعلق بالإضرار بالمال العام والتربح والإضرار بالمركز الاقتصادي للبلاد وإهدار ثرواتها الطبيعية.

ونسبت النيابة إلى الوزير السابق فهمي أنه بصفته مكلفا من الحكومة المصرية بالتفاوض مع حكومة أجنبية في شأن من شؤون الدولة، تعمد إجراء تلك المفاوضات ضد مصلحتها، وذلك بعد أن كُلف من جانب مجلس الوزراء المصري بالتفاوض مع حكومة دولة إسرائيل بشأن تصدير الغاز الطبيعي المصري إليها، فأجرى التفاوض مع وزير البنى التحتية الإسرائيلي (بنيامين بن أليعازر) على نحو يضر بمصلحة البلاد.

وأوضح ممثل النيابة أن الوزير فهمي وقع مع ممثل الجانب الإسرائيلي مذكرة تفاهم تقضي بقبول الحكومة المصرية تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل، وفقا لبنود التعاقد الذي تم إبرامه بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي وشركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز وكهرباء إسرائيل. وتضمنت المذكرة، تصدير الغاز لمدة 15 عاما قابلة للتجديد لمدة 5 سنوات أخرى بموافقة منفردة من الأطراف الأخرى للعقد، وبأسعار متدنية للغاية لم يجاوز حدها الأدنى تكلفة الإنتاج ولا يتناسب حدها الأقصى مع الأسعار السائدة عالميا، علاوة على ثبات أسعار البيع على الرغم من طول أمد التعاقد وفرض شروط جزائية على الجانب المصري وحده لضمان تنفيذ التزاماته دون ضمان حقوقه.

وأشار ممثل النيابة إلى أن جميع المتهمين (عدا رجل الأعمال المتهم حسين سالم) حصلوا لغيرهم دون حق على منفعة من عمل من أعمال وظائفهم، بأن وافق الوزير فهمي على التفاوض والتعاقد المشار إليه مع شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز (التي يمثلها رجل الأعمال الهارب) على بيع وتصدير الغاز الطبيعي المصري إلى دولة إسرائيل بالأمر المباشر، ودون اتباع الإجراءات القانونية الصحيحة وبسعر متدن للغاية.

وأشار إلى أن المتهمين من قيادات قطاع البترول حددوا الأسعار المتدنية لتصدير الغاز إلى إسرائيل، وأبرموا العقود المتضمنة الشروط المجحفة بحقوق الجانب المصري، والتي تضمنت ثباتا لذلك السعر المتدني طوال فترة التعاقد البالغة 15 عاما قابلة للتمديد 5 سنوات أخرى وبشروط جزائية على الجانب المصري وحده، ودون مراعاة لأي ضمانات لحقوقه، وكان ذلك بقصد منح رجل الأعمال المتهم حسين سالم منفعة دون حق، تمثلت في إتمام التعاقد بالشروط التي تحقق مصالحه، والفارق بين السعر المتفق عليه والسعر السائد وقت التفاوض والبالغة قيمته (ملياران وثلاثة ملايين وثلاثمائة وتسعة عشر ألفا وستمائة وخمسة وسبعون دولارا)، وفق مقدار مساهمته في رأسمال الشركة سالفة البيان، وذلك على النحو المبين بالتحقيق.

وأكد ممثل النيابة أن المتهمين بصفتهم الوظيفية السابقة أضروا عمدا بأموال ومصالح جهة عملهم إضرارا جسيما مما أضر بالمال العام بمبلغ 715 مليون دولار أميركي، وهو قيمة الفارق بين سعر كميات الغاز الطبيعي التي تم بيعها فعلا بموجب هذا التعاقد والأسعار العالمية السائدة في ذلك الوقت.

ومنذ الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك بعد ثورة 25 يناير، توالت أعمال تفجير خط الأنابيب الذي يصدر من خلاله الغاز إلى إسرائيل وبلغت عددها 15 عملية، وكان آخرها في أبريل (نيسان) الماضي، إلى أن أعلنت مصر عن توقف تصدير الغاز إلى إسرائيل بعد إخفاق الجانب الإسرائيلي في الوفاء بالتزاماته في التعاقد.