حماس تعلن اغتيال أحد قياداتها العسكرية في دمشق.. وتتهم إسرائيل وتتوعدها

وسط روايات متضاربة حول كيفية اغتياله.. باراك يرفض نفي أو تأكيد التورط.. وجثمان غناجة ينقل إلى عمان

كمال غناجة
TT

اغتيل في العاصمة السورية دمشق، الليلة قبل الماضية، كامل غناجة، المعروف باسم نزار أبو مجاهد، وهو أحد كبار القيادات العسكرية لحركة حماس في الخارج. واتهمت حماس جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) بالوقوف وراء عملية اغتيال غناجة الذي تصفه إسرائيل بخليفة محمود المبحوح، مسؤول حماس العسكري في الخارج، الذي اغتاله الموساد في دولة الإمارات العربية المتحدة في 20 يناير (كانون الثاني) 2010.

ورفض وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، نفي أو تأكيد هذا الاتهام، مكتفيا بالقول في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية، وفقا للمعلومات، فإنه لا يعلم بأمر العملية وإن إسرائيل لم تنفذها.

وأضاف أن «هناك جهات كثيرة في العالم تطارد غناجة، كونه كان مساعدا كبيرا للمبحوح، وكونه الشخص الذي تولى مهماته بعد اغتياله».

وسينقل جثمان غناجة إلى عمان وسيدفن في ضاحية طبربور، شمال العاصمة، حيث يقيم أهله، بحضور رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، الذي يزور الأردن.

ونعت حماس اغتيال غناجة، مشيرة إلى أنها تجري تحقيقا لمعرفة الجهة التي تقف وراء عملية القتل. وقالت في بيان لها، الليلة قبل الماضية، نقله المركز الفلسطيني للإعلام: «لقد قضى الأخ الشهيد أبو مجاهد عمره عاملا في سبيل الله في صفوف حركة حماس، وفي خدمة قضيته وشعبه». وختمت حماس بالقول: «إننا إذ نزف الأخ الشهيد إلى جنان الخلد، فإننا نؤكد أن دماءه الطاهرة لن تذهب هدرا».

وتناقضت الروايات حول كيفية الاغتيال والطرف المسؤول عن الاغتيال. فقال مصدر فلسطيني في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن غناجة كان مسؤولا كبيرا في الجهاز العسكري لحماس، وإن عملية اغتياله تمت في شقته الواقعة في ضاحية القدسيا، شمال غربي دمشق، التي يعيش فيها تجمع فلسطيني، في نحو الساعة الثامنة من مساء أول من أمس.

وحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن غناجة، وحسب التحقيقات الأولية، مات خنقا، جراء إلقاء قنبلة دخانية سامة في شقته.. غير أن مصادر أخرى أفادت بأن مجموعة من الأشخاص دخلت منزله، وقتلته بقطع الرأس.

من جانبه، قال عزت الرشق إن مجهولين أقدموا على اغتيال أحد كوادر الحركة دمشق. وأضاف أن غناجة تعرض لعملية قتل، وصفها بـ«الجبانة» في دمشق، موضحا على صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أن غناجة من كوادر حماس، وأن حركته تجري تحقيقا لمعرفة الجهة التي تقف وراء «الجريمة النكراء». حسب قوله.

أما المعارضة السورية، فقد اتهمت النظام السوري باغتياله، وقالت إن الحكومة السورية قامت بتعذيبه قبل قتله، وإن عملية القتل جاءت كرسالة إلى حماس بأن يفكروا جيدا قبل إدارة ظهرهم لنظام بشار الأسد.

يُذكر أن كبار قيادات حماس، وعلى وجه الخاص أعضاء مكتبها السياسي، رفضوا الإعلان عن موقف واضح من الأحداث في سوريا والتزموا مبدأ الحيادية. وغادروا بالكامل دمشق، مطلع العام الجديد، مبررين هذه الخطوة بأن الأوضاع في سوريا لا تسمح لهم بالقيام بواجباتهم ومهامهم بنفس الحرية السابقة. ويوجد معظم قيادات حماس حاليا في العاصمة القطرية الدوحة، التي أصبحت مقر رئيس المكتب السياسي، خالد مشعل، وعدد آخر من أعضاء المكتب السياسي. واستقر المطاف بموسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي، بالعاصمة المصرية، القاهرة.

وقال المجلس الأعلى للثورة في سوريا، في بيان وصل نسخة منه إلى وكالة «معا» الفلسطينية المستقلة: «تم العثور على جثة غناجة عصر الأربعاء في بيته وعليها آثار تعذيب واضحة. وحسب (مجلس قيادة الثورة)، فقد تم العثور على آثار السجائر التي استعملها القتلة في منزل غناجة، وآثار تعذيب على جسده، ومنها آثار حرق على اليدين، مما يعني أن القتلة أخذوا وقتهم في التعذيب».

وحسب المعارضة السورية، فإنه «لم يتم التعرض لممتلكات المغدور بالسرقة، إذ إن نقوده وحاسبه الشخصي وكذلك سلاحه، كلها بقيت في مكانها»، ويقولون: «إن عملية التصفية هذه متماشية مع الضغوط التي تعرضت لها حركة حماس، لا سيما بعد أن أعلنت موقفها الرافض لممارسات النظام، الأمر الذي دفع النظام للتضييق على الحركة بداية من خلال المعاملات الرسمية والإجراءات على المعابر الحدودية والمطارات».

ولم يستبعد نائب الرئيس الأسبق في جهاز المخابرات الإسرائيلية العامة «الشاباك»، يتسرائيل حسون، عضو الكنيست عن حزب «كديما»، أن يكون النظام السوري قد اغتال غناجة انتقاما من حماس. حسب حسون، فإن النظام «غضب من حماس، لأنها أدارت له ظهرها، وتشيد بالمعارضة ضده».

غير أن المصدر الفلسطيني في دمشق استبعد أن يكون لأطراف أخرى غير إسرائيل مصلحة في تصفية غناجة وأن يكون للأحداث في سوريا صلة بها، على الرغم من تأكيده وجود عمليات تصفيات ضد ضباط في جيش التحرير الفلسطيني، وصل عددها إلى 8 عمليات كان آخرها قبل نحو ثلاثة أيام باغتيال عقيد ركن أحمد حسن، وكذلك عميد طبيب جراح أنور السقا. هذه (حسب المصدر) قد يكون لها علاقة بأحداث سوريا، وذلك بغرض جر الفلسطينيين إلى التورط في هذه الأحداث على الرغم من الإجماع الوطني على البقاء خارجها وتبني الحيادية فيها، مشيرا إلى أن عدد الفلسطينيين الذين راحوا ضحايا هذه الأحداث حتى الآن يصل إلى نحو الـ200. وقال المصدر أيضا إن هناك استهدافا لمقار الفصائل الفلسطينية بإطلاق النار عليها بين الحين والآخر، وكذلك سرقة سيارات تابعة له.. والفصائل (حسب قوله) تتخذ مزيدا من الحذر والحيطة.