دبلوماسيون: أنان يقترح حكومة انتقالية في سوريا.. وخلاف حول الأولويات

كلينتون قبل اجتماعها بنظيرها الروسي: توافق بين أطراف اجتماع جنيف.. ولافروف ينفي.. وفابيوس يلتقي سيدا

TT

بينما أعلن المتحدث باسم الموفد الدولي كوفي أنان، أمس، أن لجنة تحضيرية ستلتئم اليوم في جنيف، استعدادا للاجتماع المقرر غدا (السبت) لمجموعة العمل حول سوريا، أشار دبلوماسيون في نيويورك إلى أن أنان طرح مقترحا حول «تشكيل حكومة انتقالية في سوريا، تضم أنصار الرئيس بشار الأسد وأعضاء من المعارضة، لإيجاد حل سلمي للنزاع»، وهو الأمر الذي أثار جدلا بين القوى الدولية حول أولويات حل الأزمة، وما إذا كان تشكيل مثل تلك الحكومة يجب أن يكون سابقا على مناقشة تنحي الأسد، أم أن تنحي الأسد هو لب المشكلة السورية.

وأوضح أحمد فوزي، المتحدث باسم أنان في بيان، أن «اللجنة ستلتئم على مستوى كبار الموظفين في الدول المشاركة في اجتماع السبت»، وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا وبريطانيا)، إضافة إلى تركيا والعراق وقطر والكويت. ودعيت هذه الدول الثلاث الأخيرة للمشاركة في الاجتماع لدورها الحالي داخل الجامعة العربية. كما سيشارك في الاجتماع الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام للجامعة العربية، إضافة إلى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون.

وقد أعلن أنان الاجتماع الأول لهذه المجموعة الأربعاء الماضي بعد مباحثات صعبة بين المشاركين. وحدد أهداف اجتماع السبت، موضحا أن «أهداف مجموعة العمل حول سوريا هي تحديد المراحل والتدابير لتأمين التطبيق الكامل لخطة النقاط الست وقراري مجلس الأمن 2042 و2043، بما في ذلك الوقف الفوري للعنف بكل أشكاله».

وأضاف أنان، الذي يسعى إلى تطبيق خطته المؤلفة من ست نقاط والتي تم اعتمادها في مجلس الأمن في أبريل (نيسان) الماضي، «على مجموعة العمل الاتفاق أيضا على توجهات ومبادئ لانتقال سياسي يقوم به السوريون تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، والاتفاق على جعل هذه الأهداف حقيقة على الأرض». وحول أهداف المؤتمر، أشار دبلوماسيون بالأمم المتحدة إلى أن أنان «اقترح تشكيل حكومة انتقالية في سوريا تضم أنصار الأسد وأعضاء من المعارضة (التي تتبنى الحل السلمي) لإيجاد حل سلمي للنزاع ضمن جدول زمني محدد»، وأشاروا إلى أن «القوى العظمى (روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) تدعم هذه الفكرة».

وقال أحد الدبلوماسيين، إنه «بحسب الصورة التي رسمها أنان، من الممكن أن تضم هذه الحكومة الائتلافية الجديدة وزراء من الحكومة السورية الحالية ووزراء من مجموعات المعارضة، وليس مسؤولين قد يضر وجودهم بالعملية الانتقالية ويجهض مصداقية هذه الحكومة أو الجهود التي تبذل من أجل المصالحة».

ولا تشير لغة خطة أنان إلى استبعاد الأسد بشكل صريح، لكنها تؤكد استبعاد من يتسبب وجودهم في السلطة في تقويض مصداقية عملية الانتقال أو يضر باحتمالات المصالحة الاستقرار. ويقول الدبلوماسيون، إن الاجتماع سيركز على كيفية إقناع الأسد بالتنحي وتشكيل حكومة انتقالية تمهد الطريق لإجراء انتخابات.

ورغم التدهور السريع للأوضاع في سوريا، والذي دفع القوى الدولية للاجتماع العاجل في جينيف، فإن مراقبين يشككون في نجاح تلك القوى في التوصل إلى صيغة مشتركة لحل النزاع. وقد برز الجدل السياسي قبل اجتماع السبت، حيث تصر الولايات المتحدة على أنه لا يمكن حل الصراع، بينما لا يزال الأسد في السلطة، في حين يشير الجانب الروسي إلى أن واشنطن ليس لديها خطة ذات مصداقية للتعامل مع التداعيات التي ستعقب انهيار النظام.

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للصحافيين، خلال زيارتها للاتفيا الخميس، إنه من الواضح أن جميع المشاركين في الاجتماع (بما في ذلك روسيا) متفقون حول الخطة الانتقالية التي قدمها أنان. وأكدت أنها تتوقع أن يسفر الاجتماع عن إتاحة فرصة لإحراز تقدم حقيقي في هذه الخطة.

وتابعت كلينتون: «سأناقش هذه القضايا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في سان بطرسبرغ، ونتطلع إلى المشاركة في الاجتماع، ونريد له إتاحة الفرصة لإحراز تقدم حقيقي في دعم وتنفيذ خطة أنان، وخارطة طريق للانتقال، المنصوص عليه في الخطة».

وتعقد كلينتون اليوم محادثات مع نظيرها الروسي في سان بطرسبرغ، في حين لم تكشف الخارجية الأميركية عن تفاصيل بشأن المفاوضات بين الوزيرين، وما إذا كانت روسيا قد خففت معارضتها لاتخاذ مزيد من الإجراءات ضد نظام الأسد. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند: «لدينا اختبار إذا كان هذا الاجتماع سيدفع إلى الأمام ونتمكن من تحقيق تقدم ملموس أم لا».

وأوضحت نولاند أن اجتماع لافروف وكلينتون سيحدد الكثير، ومنه قدرة أنان على دفع الدول لاتخاذ مواقف مشتركة والعمل لتحقيق وحدة حول الخطة الانتقالية. وأكدت: «سنواصل توضيح موقفنا لروسيا، وهو أننا نعتقد أن تسليح نظام الأسد فكرة سيئة».

وأشارت نولاند إلى أن «أحد الجوانب المختلف عليها هو كيفية الانتقال من نظام الأسد الدموي إلى مرحلة ما بعد نظام الأسد، ونحن بحاجة لمنح المزيد من الثقة للسوريين أن حياتهم ستكون أفضل بعد الأسد، وبحاجة لخلق مزيد من الوحدة داخل المجتمع الدولي حول الكيفية التي يمكن بها تحقيق ذلك».

من جهته، قال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، للصحافيين أمس، إن «موافقة موسكو على حضور الاجتماع يوم السبت لا يعني تقديمها لضمانات أنها سوف تقبل خطة أنان، وإنما يعني أنها وافقت على أن تكون خطة أنان هي أساس للمناقشات»، وهو ما أكد عليه سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، في ختام مباحثاته مع نظيره التونسي رفيق عبد السلام في موسكو، من أن بلاده «لم تناقش مع أي كائن كان المسائل المتعلقة باحتمالات رحيل الأسد عن منصبه»، في حين أشار إلى عدم وجود أي مشاريع متفق عليها بين الأطراف المشاركة في المؤتمر، مشيرا إلى أن العمل يتواصل حول وضع وثيقته النهائية.

وقال لافروف: «لقد بات واضحا للجميع أنه من الضروري إقرار مرحلة انتقالية من أجل تجاوز الأزمة، ووضع قواعد تروق للجميع في سوريا. أما عن مضمون هذه المرحلة الانتقالية وآلياتها، فهو ما يجب أن يقرره الشعب السوري في سياق الحوار الوطني بين الحكومة وكافة أطياف المعارضة».

كما أكد عدم جواز محاولات من وصفهم باللاعبين الخارجيين لفرض تعليماتهم على السوريين، وطالب بـ«ضرورة التزام هذه الأطراف بالوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف التي يجب الضغط عليها وبنفس القدر من أجل وقف العنف، وانسحاب الوحدات المسلحة التابعة لها من المراكز السكنية بشكل متزامن وتحت إشراف المراقبين الدوليين»، داعيا المعارضة السورية إلى «التخلي عن مواقفها غير المهادنة والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة».

وفي حين أكد لافروف مشاركة بلاده في مؤتمر جنيف وبغض النظر عن تشكيلة المشاركين فيه، قال: «من الخطأ استبعاد إيران عن المشاركة»، كما وصف عدم قبول الولايات المتحدة بمشاركة إيران بأنه تعبير عن سياسة المعايير المزدوجة، معيدا إلى الأذهان أن واشنطن سبق أن أقامت اتصالات مع طهران، عندما حاولت المساهمة في تهدئة الوضع في العراق، على حد قوله، مؤكدا أن الحديث يدور عن وقف إراقة الدماء في سوريا، وهو ما كان ينبغي معه عدم استثناء أي من اللاعبين المؤثرين.

وفي سياق ذي صلة، كشفت صحيفة «فيدومستي» الروسية عن توقف روسيا عن تنفيذ اتفاقية توريد منظومة «إس - 300» الصاروخية المضادة للجو التي تقدر قيمتها بـ105 ملايين دولار إلى سوريا. ونقلت الصحيفة عن مصادر مسؤولة في مجمع الصناعات الحربية الروسية تصريحاتها حول وقف شحن المنظومة بناء على توجيهات صدرت من المراجع العليا، على حد تعبير هذه المصادر.

وأضافت «فيدومستي»، نقلا عن أحد مديري المؤسسة قوله: «يبدو أن الكرملين قرر عدم تزويد سوريا بواحدة من أقوى منظومات الدفاع الجوي المعروضة للتصدير من قبل روسيا، وذلك لتهدئة الغرب وإسرائيل». وأشارت الصحيفة إلى «أن روسيا قد نفذت ولا تزال تنفذ اتفاقيات تزويد سوريا بمنظومة الدفاع الجوي المتوسطة المدى (بوك)، ومنظومة (بانتسير - س) القصيرة المدى للصواريخ والمدافع، وتطوير منظومة (إس - 125) المضادة للجو بناء على نموذج (بيتشورا - 2 إم)، الأمر الذي يجعل الدفاع الجوي السوري قوة لا بد من حسابها لدى تخطيط الغرب لعملية قصف هذا البلد من الجو».

إلى ذلك، أعلنت الخارجية الفرنسية أمس، أن وزير الخارجية لوران فابيوس سيلتقي اليوم للمرة الأولى رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا في باريس.

وقال برنار فاليرو، المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، إن فابيوس «سيبحث معه (سيدا) جهود فرنسا لإنهاء العنف والقمع وتفعيل خطة أنان»، مضيفا أن فابيوس «سيعيد تأكيد دعم فرنسا لجهود المعارضة السورية لكي تتوحد حول رؤية مشتركة للانتقال السياسي، تتماشى مع تطلعات الشعب السوري».