مرسي يبدأ ولايته في عباءة «الرئيس الشعبي»

حراسة أقل.. وتحركات من دون إخلاء للشوارع

الرئيس المصري محمد مرسي (وسط) خلال تسلمه السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقاعدة عسكرية خارج القاهرة أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

قرار رسمي بإلغاء المواكب وعدم إغلاق الطرق.. الوقوف في إشارة مرور بجوار سيارات المواطنين.. بدء خطاب رئاسي مهم بالاعتذار لطلاب ألغيت امتحاناتهم بسببه.. ظهور فريد في مكان مفتوح يصعب تأمينه كميدان التحرير.. عدم ارتدائه واقيا مضادا للرصاص، جملة من تصرفات غير مسبوقة لم يعهدها المصريون على شاغلي منصب رئيس الجمهورية، وضعت الساكن الجديد لقصر الاتحادية في حي مصر الجديدة في عباءة «الرئيس الشعبي».

وعلى الرغم من مرور سبعة أيام فقط منذ إعلانه رئيسا للبلاد، فإنها كانت كفيلة في خلق صورة جديدة غير نمطية لرئيس البلاد الجديد الذي يخالط شعبه من دون حراسة زائدة ومن دون تكلف، والقادر على الاعتذار لمواطنين عاديين على أذى سببه لهم، بعيدا عن الصورة الذهنية لـ«الرئيس الفرعون» المحفورة في عقول المصريين.

وعبر العقود الثلاثة الماضية، اعتاد المصريون الوقوف بالساعات، في الطرق الجانبية، انتظارا لمرور الموكب الرئاسي للرئيس المصري السابق حسني مبارك المكون من عشرات السيارات، حيث كان حرسه يغلقون الطرق الرئيسية ويحجبون رؤيته أثناء مروره، لكن مئات المواطنين الآن يحتفظون على تليفوناتهم المحمولة بصور للموكب الرئاسي للرئيس مرسي أثناء مرورهم بجواره دون أي فاصل، وأخرى للموكب الرئاسي جوار حافلات للنقل العام وعربات «الكارو» المخصصة لبيع الخضراوات، وهي مشاهد وضعته، وفق خبراء، في عباءة الرئيس الشعبي باقتدار، مؤكدين أن بساطة مرسي ستمكنه من إنهاء حالة الاستقطاب السياسي الحاد حول منصب الرئيس، ولم شمل المصريين حوله كرئيس لكل المصريين.

ونقلت صحف محلية أمس عن مساعد وزير الداخلية للإدارة العامة للمرور، أن تعليمات وصلتهم من الرئيس مرسي بإلغاء المواكب حتى لا تتأثر الحركة المرورية ولا يشعر المواطن بالضيق.

وقال حسين أحمد حسين (24 عاما)، مسوق إلكتروني: «الرئيس محمد مرسي دشن مرحلة جديدة يعتبر فيها رئيس الجمهورية مواطنا موظفا بمنصب رئيس، مواطنا مثلنا تماما». وتابع حسين، الذي قال إنه سبق وتعطلت أعماله بسبب المواكب الرئاسية لمبارك: «متفائل جدا بمرسي رغم عدم تصويتي له»، لكنه استدرك: «لا يزال أمامه الكثير».

وكان مئات الطلاب قد تم منعهم من الدخول صباح السبت لأداء امتحاناتهم صباح السبت في جامعة القاهرة، حيث ألقى مرسي خطابه بسبب الإجراءات الأمنية، لكن مرسي بدأ خطابه بالاعتذار لهم. ويقول عمر أسامة (23 عاما)، طالب بجامعة القاهرة، إن اعتذار مرسي للطلاب أعطاه انطباعا باحترامه للمواطنين والشباب بشكل خاص. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أشعر بأنه رئيس بسيط.. يشعر بنا ويضعنا في اعتباره». وأضاف أسامة، الذي لم يصوت لمرسي في جولة الإعادة: «خلال أيام بسيطة أثبت لنا أنه رئيس مختلف تماما عن سابقيه.. يمكنني الآن تأييده باقتناع تام». وظهر مرسي في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي، حيث ألقى خطابا جماهيريا حماسيا أشعل ثورة من التوقعات الجيدة حوله، كما اكتسب شعبية جارفة حين أشار إلى أنه لا يرتدي واقيا مضادا للرصاص، وأنه في حمى الله والشعب. وأدى مرسي اليمين الدستورية أمام المتظاهرين بالتحرير أولا قبل أدائه في المحكمة الدستورية العليا وفقا للإعلان الدستوري المكمل.

وأوضح أحمد أسامة (28 عاما)، مهندس كهرباء «رفض الرئيس مرسي للحراسة الزائدة واندفاعه الحماسي على منصة التحرير زاد من إعجابي به وعند الكثير من أصدقائي». وأضاف: «أعتقد أنه تفادى بذكاء مشكلة القسم أمام المحكمة الدستورية بأدائه أمامنا في التحرير».

وقال مصدر في قوات الحرس الجمهوري لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس مرسي يرفض محاولات حرسه الخاص بارتداء واق مضاد للرصاص. وأضاف المصدر، وهو ضابط برتبة عقيد: «الإجراءات الأمنية التي يتم اتخاذها أقل الإجراءات الأمنية الممكنة التي يمكن بها تأمين الرئيس». وقال المصدر: «مرسي يؤكد لنا أننا لا يمكن أن نحميه من القدر».

وكشفت تقارير صحافية عن أن مرسي يقوم بأداء صلاة الفجر في المسجد، كما قالت إنه وبخ القادة المكلفين بحراسته بسبب تركهم للجنود في القيظ بانتظاره ساعات قبل وصوله.

وأوضح الدكتور إسلام حجازي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تصرفات الرئيس مرسي عادية وطبيعية للغاية، ويقوم بها الرؤساء في مختلف دول العالم. وقال حجازي لـ«الشرق الأوسط»: «الأمر يبدو مميزا لأنها تحدث في بلد اعتاد على رؤية الرئيس الفرعون»، مشيرا إلى تأثير ذلك على رجل الشارع العادي بشكل كبير. لكن حجازي استدرك قائلا «لا يجب المبالغة في الاحتفاء لأن الأفعال لم تأت بعد».