طهران تقلل من شأن الحظر الأوروبي على نفطها

خلافا للتوقعات الإيرانية.. تطبيق العقوبات لم يسبب توترا في الأسواق

صورة أرشيفية للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدى زيارته مصفاة النفط في مدينة عبادان (أ.ف.ب)
TT

لا يعتبر قرار سريان الحظر الأوروبي على استيراد النفط الإيراني أمرا جديدا، فالقرار الذي سرى مفعوله أمس ضد طهران كانت دول الاتحاد الأوروبي اتخذته مطلع العام الحالي بسبب البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، ومع ذلك فقد دعت الجمهورية الإسلامية الدول المصدرة للنفط إلى اجتماع عاجل لمناقشة أسعار النفط، كما تسابق المسؤولون الإيرانيون في إطلاق التصريحات للرد على تلك العقوبات مؤكدين استعداد طهران لمواجهتها ومقللين من شأنها وآثارها على الاقتصاد الإيراني.

ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية أمس عن وزير النفط الإيراني رستم قاسمي قوله إن «تطبيق أعدائنا عقوبات اعتبارا من اليوم (أمس) لا يطرح أي مشكلة، فلم ولن يكون لها أي تأثير»، لأن «الحكومة اتخذت القرارات اللازمة وهي مستعدة تماما لمواجهتها»، وأضاف الوزير أن «النفط الإيراني ما زال يباع في الأسواق الدولية وتوقف قسم من الصادرات إلى أوروبا فقط»، مؤكدا أن إيران وجدت «عملاء جددا»، من دون تحديد هويتهم.

وفرض الاتحاد الأوروبي اعتبارا من الأول من يوليو (تموز)، أمس، حظرا كاملا على شراء ونقل النفط الإيراني الذي لم تعد تكفله شركات التأمين الأوروبية التي تغطي 90 في المائة من النشاط البحري النفطي العالمي.

وفي موازاة ذلك، حصلت الولايات المتحدة من عملاء كبار لإيران، خصوصا الآسيويين، على تخفيض وارداتهم من النفط الإيراني الخام لتفادي عقوبات تجارية ومالية قررتها واشنطن ضد الشركات التي تتعامل مع إيران.

وفي غضون ذلك، قال الموقع الإلكتروني لوزارة النفط الإيرانية (شانا)، إن وزير النفط حث الأمين العام لمنظمة «أوبك» على الدعوة لاجتماع استثنائي لبحث هبوط أسعار النفط.

ونقل «شانا» عن قاسمي قوله «في الاجتماع رقم 161 لـ(أوبك) تم الاتفاق على أن نزول النفط عن 100 دولار يعني أن الأسعار في أزمة، ولذا نحث الأمين العام لـ(أوبك) على التحضير لعقد اجتماع طارئ».

وحذر قاسمي من أن عدم التزام دول «أوبك» بسقف الإنتاج المتفق عليه البالغ 30 مليون برميل يوميا من شأنه أن يخل بتوازن سوق النفط، وقال «لو لم تلتزم دول (أوبك) بسقف الإنتاج المتفق عليه فسيترتب على ذلك اضطراب في أسواق النفط».

وخلافا للتوقعات الإيرانية، فإن تطبيق هذا الحظر لم يسبب توترا في الأسواق النفطية حيث انخفضت الأسعار على العكس أكثر من 20 في المائة منذ مارس (آذار).

وقدرت وكالة الطاقة الدولية أن تكون العقوبات الأوروبية التي أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي قد تسببت منذ بداية السنة في انخفاض صادرات النفط الخام الإيراني بنسبة 30 في المائة لتصل في مايو (أيار) إلى 1.5 مليون برميل في اليوم مقابل أكثر من 2.1 مليون برميل في اليوم أواخر 2011.

ورجحت الوكالة أن يكون هذا الانخفاض أدى إلى وصول قدرة التخزين في إيران إلى أقصاها وأرغم ثاني منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على تخفيض إنتاجه.

ووفقا لتقديرات الاتحاد الأوروبي، تمثل صادرات الخام نحو 80 في المائة من عائدات التصدير الإيرانية وتعادل نصف الدخل الحكومي. وتراجعت قيمة الريال الإيراني بصورة حادة ووصل معدل التضخم إلى 20 في المائة، وفقد عشرات الآلاف من الإيرانيين وظائفهم وتراجع حجم التبادل التجاري بين إيران وأوروبا إلى النصف في غضون عام، وذلك وفقا لبيانات مركز الإحصاءات الأوروبي «يوروستات» من مارس. ويرفض المسؤولون الإيرانيون هذه التقديرات ويؤكدون في المقابل أن الصادرات مستقرة بنحو 2.1 مليون برميل يوميا، وأن إنتاج إيران ارتفع إلى 3.75 مليون برميل في اليوم.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن وزير الاقتصاد شمس الدين حسيني، قوله إن «إعلان دخول العقوبات حيز التطبيق يهدف فقط إلى خلق أجواء متوترة نفسيا لأنها ليست جديدة».

بينما قال محافظ البنك المركزي الإيراني محمود بهماني، إن إيران تمكنت من ادخار 150 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي لحماية نفسها.

ونقلت وكالة «مهر للأنباء» عن بهماني قوله «نطبق برامج لمواجهة العقوبات وسنواجه هذه السياسات الخبيثة».

كما قلل رئيس شركة النفط الوطنية أحمد قالباني أيضا من تأثير الحظر الغربي، مؤكدا أن إيران تصدر حاليا نحو مليوني برميل يوميا. وأكد أن الاتحاد الأوروبي ما زال يشتري «ما بين 200 إلى 300 ألف برميل يوميا» من النفط الخام الإيراني رغم الحظر، مقابل 600 ألف برميل نهاية 2011.

وفضلا عن الحظر الأوروبي، أعلنت الهند وكوريا الجنوبية واليابان، وهي ثلاث دول من أبرز عملاء إيران في آسيا، نيتها خفض وارداتها بما بين 10 إلى 20 في المائة بعد أن كانت تفوق 800 ألف برميل يوميا في 2011.

وأعلنت كوريا الجنوبية هذا الأسبوع «تعليق» وارداتها مؤقتا لأنها لم تتوصل إلى حل مشكلة تأمين ناقلات النفط، فأثارت بذلك غضب طهران.

من جانبها، أعلنت الصين، وهي أكبر عملاء إيران، أنها لن تخضع للضغوط الأميركية، لكن لا يبدو أنها استفادت من الحسومات الكبيرة التي وافقت عليها طهران خلال الأسابيع الأخيرة حسب الأوساط المتخصصة، لشراء مزيد من النفط الإيراني مقارنة بـ2011.