محمود عثمان لـ «الشرق الأوسط»: طالباني انحاز للمالكي ويرى أن الحوار هو الحل

النائب الكردي المستقل البارز في البرلمان العراقي: الجميع انتقائيون في الالتزام بالدستور

د. محمود عثمان
TT

استبعد النائب الكردي المستقل البارز في البرلمان العراقي الدكتور محمود عثمان أن تتم «عملية سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء العراقي، نوري المالكي، بسهولة»، مستطردا: «ولن تتم عملية تداول سلس للسلطة الآن في العراق، ذلك لأن العملية دخلت في إطار العداءات، وهناك صعوبة كبيرة لتحقيق ذلك».

وعزا عثمان في حديث لـ«الشرق الأوسط» خلال زيارته الأخيرة إلى لندن، أسباب تعقيدات الوضع السياسي في العراق إلى أنه «ليس هناك التزام بالدستور، ولو التزموا بالدستور لكانت العملية تمت بأسهل ما يكون، فالبرلمان هو من صوت لرئيس الحكومة ومن حقه أن يغيره بأكثرية الأصوات، خصوصا أن البديل سيكون من نفس الكتلة البرلمانية التي منها المالكي، هذه هي الديمقراطية وهذا هو الدستور، لكن عدم الالتزام بالدستور أدى إلى هذه النتائج ووصل الأمر إلى أن يصرح المالكي قائلا: (لو أنني ديكتاتور لكنت قتلت من وقع على سحب الثقة). هذا كلام غير معقول، بل وصف من وقعوا على سحب الثقة منه بـ(المتآمرين). لماذا؟ هم من جاءوا بك إلى رئاسة الوزراء والآن لا يريدونك ولا يؤيدونك وهذه مسألة طبيعية، هذه الممارسات شوهت صورة العراق والديمقراطية والدستور».

وحذر السياسي الكردي من أن «هذا يقود إلى عهد جديد من الفردية والانفراد بالسلطة، وهذا التفرد أصلا موجود في الوقت الحاضر، وبخاصة في الجانب الأمني، اليوم في العراق يوجد نحو مليون مسلح يقودهم المالكي، ومن يتحكم في القوات المسلحة يكون هو الأقوى فالعراق لا يزال يحكم بقوة السلاح، صحيح أن هناك برلمانا ورئاسة جمهورية ورئاسة وزراء، لكن من يتحكم في القوات المسلحة هو من يحكم وهذا هو واقع الحال». وقال عثمان إن «على المالكي أن يعي بأن هذه الأطراف المطالبة بسحب الثقة، الأكراد والشيعة والسنة من العرب والتركمان، بأنها تشكل التكوين العراقي، ولهذا يجب أن يراجع نفسه، وليس من المعقول أن كل هؤلاء على خطأ وهو على صواب، وإذا فرضنا أن سحب الثقة لن ينجح وبقي المالكي فإنه لن يكون رئيس وزراء ناجحا، وبخاصة في ظل أجواء عدم تأييده من هذه الكتل المشاركة بالحكومة».

وحول موقف رئيس جمهورية العراق، جلال طالباني، من موضوع سحب الثقة من المالكي، أوضح عثمان أن «الرئيس طالباني ليس مع سحب الثقة، وكان رأيه ولا يزال هو عقد مؤتمر وطني للحوار بين الأطراف، وهو غير مقتنع بموضوع سحب الثقة، ويعتقد أن هناك مجالا للحوار وإجراء الإصلاحات»، مشيرا إلى أن الرئيس «طالباني ومنذ البداية كان يؤيد المالكي، ومع أن هذا رأيه فإنه منحاز لرئيس الحكومة، وفي موضوع سحب الثقة هو غير محايد ومنحاز للمالكي، وموقفه أثر على الموقف العام وجاء في صالح المالكي مع أنه (طالباني) يقول لنترك فرصة لإجراء إصلاحات وللحوار، وإذا لم يتحقق ذلك فسوف أطلب سحب الثقة».

وأشار عثمان إلى أن «المسيطر على الأمور في العراق هي مجموعة كتل (ماكو دولة) (لا توجد دولة)، أو مؤسسات حقيقية قانونية، كلهم انتقائيون بالالتزام بالدستور يقولون نلتزم بالدستور وهذا غير صحيح، كل واحد يلتزم بالفقرة الدستورية التي تعجبه أو تفيده والتي لا تفيده لا يلتزم بها، عندهم خلافات دستورية لكن لم يذهب أي منهم إلى المحكمة الاتحادية ليرى من هو الصحيح ومن هو الخطأ»، منبها إلى أن «قادة الكتل هم الذين يديرون العراق، البرلمان والوزارات ورئاسة الجمهورية تدار من قبل قادة الكتل السياسية، وهذه الكتل غير متفقة مع بعضها، لهذا نعاني من مشكلات وصراعات على السلطة وصراعات طائفية، وكل هذا يدفع ثمنه الشعب، والمواطن يعاني من كل هذه المشكلات، والأمور لا تحل بالشكل المطلوب».

وأضاف عثمان: «نعم نحن نعاني منذ عامين من أزمة حقيقية، منذ الانتخابات الأخيرة وحتى اليوم، وجزء مهم من هذه الأزمة هو الصراع على السلطة، حيث كان لائتلاف العراقية الحق في تشكيل الحكومة كونها فازت في الانتخابات ولم يتم تكليفها، وفي ذات الوقت الإخوة الشيعة متمسكون بالسلطة ويريدون التمسك بها لأنهم يقولون إنهم ومنذ مئات السنين لم يحكموا ومضطهدون، أما الأكراد فلهم مشكلات منذ تأسيس الدولة العراقية، حيث تعرضوا للاضطهاد والقتل الجماعي، ومن حقهم أن يطلبوا الضمانات لحقوقهم، بعض حقوق الشعب الكردي موجودة في الدستور، لكن الآخرين يستكثرون عليه هذه الحقوق، وهكذا نجد أن كل طرف عنده مشكلة معينة، وليس هناك حوار جدي بين كل الأطراف لحل هذه المشكلات، لهذا هناك دائما استقطاب في المواقف وتصير حدية، لهذا وضع العراق غير طبيعي»، وقال: «أنا دعوت منذ البداية ومن خلال جريدتكم (الشرق الأوسط) إلى تكليف (العراقية) تشكيل الحكومة أو تشكيل حكومة أغلبية سياسية، وأن يشكل الآخرون معارضة في البرلمان.. إن عدم وجود معارضة برلمانية عطل الدور الرقابي لمجلس النواب».

وأفاد عثمان بأن «صورة النظام الذي يحكم في العراق غير متشكلة، فمن جهة يتداخل الدين بالسياسة وهناك أحزاب وعشائر وطوائف وهو نظام غير ديمقراطي، هناك محاولات لإيجاد نظام مدني ديمقراطي، لكنه حتى الآن لم يتحقق، هناك انتقادات لرئيس الوزراء بالتفرد بالسلطة، وتحولت هذه الانتقادات إلى اتهامات، ومن جهة هو رئيس وزراء وغالبية الوزراء ليسوا من حزبه أو قائمته فكيف له أن يتفرد بقرارات مجلس الوزراء، وبإمكان الوزراء الاعتراض على قرارات المجلس ومنعه من إصدارها، وإذا كانت هذه الكتل غير موافقة على قرارات مجلس الوزراء فلتنسحب من الحكومة، لكن الذي حدث أنهم دخلوا في الحكومة كلهم وهم غير متفقين لا على برنامج حكومي ولا على النظام الداخلي لمجلس الوزراء، وحتى اليوم ليس هناك نظام داخلي للمجلس، وبالتالي فهم ليسوا شركاء في صنع القرار»، موضحا أن «تفرد المالكي يأتي كونه القائد العام للقوات المسلحة وما يسمى القيادة العامة للقوات المسلحة بمثابة مكتبه وتحت إمرته وتحت يديه، في بقية الدول هناك قيادة عامة للقوات المسلحة أو مجلس للدفاع أو للأمن الوطني، لكن في العراق يوجد مكتب تابع للمالكي ومن فيه ينفذ أوامره ويعملون ما يأمر به هو، من هنا تأتي الانتقادات والاتهامات، فالملف الأمني هو الذي ينفرد به ولا يستشير الآخرين حوله، وحتى الآن ليس هناك وزراء للدفاع والداخلية والأمن الوطني، وهو لا يريد مشاركة بقية الأطراف لعدم وجود ثقة حقيقية بينهم».