وزير الخارجية المغربي: أوروبا تعاني أزمة.. والاتحاد المغاربي يتجه نحو الديمقراطية

رئيس برلمان مالطا من «أصيلة»: «الاتحاد من أجل المتوسط» لا يستحق الفشل

فرانكو فراتيني وزير خارجية إيطاليا السابق (وسط) يدير ندوة أصيلة الأولى مساء أول من أمس، وإلى جانبه العمراني الوزير في الخارجية المغربية (يسار) والمساري وزير الإعلام المغربي الأسبق وميهوبي وزير الإعلام الجزائري الأسبق (يمين) ووادرغو رئيس وزراء بوركينا فاسو الأسبق (تصوير: أسامة محمد)
TT

أجمع باحثون ودبلوماسيون وخبراء في قضايا ضفتي البحر الأبيض المتوسط في «أصيلة»، على أن مستقبل الشراكة الأورو - متوسطية يبقى رهينا باعتماد مقاربة إدماجية تجاه بلدان الضفة الجنوبية تجعلهم شركاء في تحديد الأولويات وبلورة المشاريع الميدانية. وحاولوا، مساء أول من أمس، خلال مشاركتهم في ندوة «منتدى أصيلة» الأولى «مياه المتوسط المتحركة: أزمة الشمال وحراك الجنوب»، الإجابة عن أسئلة من قبيل: «ماذا سيكون مصير مشروع الاتحاد من أجل المتوسط بعد التحولات في المنطقة العربية؟ وما قابلية الأنظمة في الضفتين الجنوبية والشمالية للانسجام مع السياسات المالية والاجتماعية التي تعتمدها بعض دول الضفة الشمالية أو دول الاتحاد الأوروبي عموما؟».

ودعا المشاركون في الندوة، في يومها الثاني، إلى ضرورة مناقشة جميع الأوضاع والمستجدات في منطقة البحر الأبيض المتوسط بصراحة وشفافية. كما دعوا إلى القطع مع منطق المساعدة العمودية والتأسيس لشراكة متوازنة قائمة على الندية والحوار والمصلحة المشتركة.

وطرح متدخلون إمكانية إقامة شراكة متوسطية جديدة تأخذ بعين الاعتبار التحولات التي تعرفها المنطقة، والتطورات المحتملة على ضوء التشريعات السياسية والاقتصادية الجديدة التي تعتمدها بلدان الضفتين. وفي سياق ذلك، قال يوسف العمراني، وزير الخارجية المغربي، إن التحولات الإقليمية عززت الحاجة إلى تبني أولويات جديدة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبلدان الجوار خصوصا في الجنوب.

وذكر العمراني إن الوضعية الراهنة تقتضي القول: «إن الاتحاد الأوروبي يعاني أزمة، والمغرب العربي يتجه نحو الديمقراطية». وتطرق إلى علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي قائلا: «إن وضعية المغرب متميزة في سبيل التشارك مع الاتحاد الأوروبي»، وعبر عن رغبة المغرب في الدخول في علاقات جديدة مع أوروبا، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى تحمل مسؤولية الجوار، وألح على ضرورة إلى التشارك الأورو - متوسطي.

وتحدث العمراني عن الاتحاد المغاربي، وقال: «إن اتحاد المغرب العربي مر من الركود، ونحن نسعى لتفعيل هذه المنظمة حتى تكون أكثر نجاعة». وزاد قائلا إن الاتحاد المغاربي «لا يمكنه إلا أن يكون مشروعا ديمقراطيا، ثم علينا أن نستخلص الخسائر إذا لم يتحقق اتحاد المغرب العربي». ودعا العمراني إلى توطيد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وأكد أن اتحاد المغرب العربي يجب أن يكون اتحادا للتقارب والتكامل اقتصاديا ومكافحة الإرهاب، مشددا على أن تسود المنطقة حالة من «الرفاهية المشتركة».

إلى ذلك، قال العمراني لـ«الشرق الأوسط»: «إن التعاون أصبح من الأولويات بالنسبة لكل الشركاء، فقط يبقى علينا نحن كدول جنوب أن نبني اتحادا مغاربيا قويا، قوامه الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة والتعاون الحقيقي، من خلال مشاريع تخدم مصالح الشعوب والشباب في المغرب العربي». وأضاف: «نحن الآن في حاجة إلى وسائل تمويلية جديدة للتعاون الأورو - متوسطي، وهناك آليات يجب تفعيلها، ليس فقط على مستوى الأورو – متوسطي، بل كذلك على مستوى المغرب العربي».

ودعا العمراني أيضا إلى تفعيل آليات اتحاد المغرب العربي، وتفعيل التواصل بين الدول الخمس، كما طالب بتعزيز أسس التواصل بين دول اتحاد المغرب العربي خاصة شبكة النقل، لأن مستقبل المنطقة يكمن في الاندماج والتضامن الحقيقي بين جميع دول المغرب العربي، على حد قوله.

ومضى يقول: «يجب أن نفكر مع شركائنا الأوروبيين في مسألة الجوار مع الدول الأوروبية الجديدة التي مازلنا نريدها أكثر تضامنا وأكثر تفتحا لتسمح لدول الجنوب مثل المغرب الولوج إلى الأسواق الأوروبية، وتشجيع الهجرة القانونية»، قبل أن يضيف: «نحن في نقاشات مع الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد».

ومن جهته، قال عز الدين ميهوبي، وزير الإعلام الجزائري الأسبق: «إن الخروج من جدلية التاريخ تحتم أن يتصالح الغرب مع نفسه، ويرى في دول جنوب المتوسط شركاء»، مشددا على ضرورة أن يراجع الغرب جميع سياساته». وأضاف: «إن إسبانيا والبرتغال تقعان في تماس مع ما حدث في اليونان، لذلك طالبت أوروبا الانتقال من سياسة وضع اليد إلى السياسة المشتركة، والتعامل مع ما يحدث في منطقة المغرب العربي وفهم ما يجري». وأوضح ميهوبي أنه إذا لم يتم التعامل في إطار الند للند، والاحترام المتبادل، فلا داعي للحديث عن التواصل والحوار.

وبدوره، اعتبر فتح الله السجلماسي، الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط أن الظرفية الحالية متمثلة في الأزمة الاقتصادية الأوروبية والحراك الجنوبي توفر فرصا محفزة لتطوير الشراكة الأورو - متوسطية خصوصا في إطار الاتحاد من أجل المتوسط. وقال إن الاتحاد يعمل على بلورة مقاربة تستند على إنجاز مشاريع ملموسة وتثمين التعبئة الملحوظة لدى بعض الفاعلين المؤسساتيين بالمنطقة من أجل دعم مسار الاتحاد.

بيد أنه لفت الانتباه إلى جملة من التحديات التي تواجهه في هذا الإطار ومن بينها إشكالية بلورة رؤية سياسية واضحة للاتحاد وضرورة النظر إلى الفضاء المتوسطي في سياق موقع مركزي يربط أوروبا بالعمق الأفريقي.

من جهته، تطرق يوسف ودارغو، رئيس وزراء ووزير خارجية بوركينا فاسو الأسبق والمستشار الخاص لرئيس البنك الأفريقي للتنمية، إلى الأوضاع في العالم العربي، وقال إن «الربيع العربي كان بفضل الشباب وليس بفعل التيارات السياسية، وهو أمر يتصل بحق الشعوب في تقرير مصيرها». وأضاف: «فوجئت عندما لاحظت أن الطرف الأوروبي لم يتعجل في دعم مطالب هذه المجتمعات، وقال إن عدم تأسيس حكومات مؤقتة جعل إدارة الحكم تتم على المدى القصير، وهو ما لم يؤد إلى حل المشكلات. ودعا حكومات المنطقة إلى الاستعانة بالشريك الأوروبي.

ودعا محمد الأزهري المدني، أمين عام تجمع دول الساحل والصحراء السابق (سين صاد)، إلى إعادة تأسيس الاتحاد الأوروبي، وقال: «إن الذين كانوا وراء تأسيس الاتحاد الأوروبي ذهبوا مع الريح، ويجب إعادة تأسيسه من جديد». وأضاف المدني: «على أوروبا أن تعرف أن هذه الشعوب (جنوب المتوسط) قادرة على اتخاذ القرار، والمصالح المشتركة تقتضي التعامل، ونحن لسنا فقراء، ولدينا ثروات».

أما محمد العربي المساري وزير الاتصال (الإعلام) المغربي الأسبق، فتأمل في آفاق العلاقات الأورو - متوسطية، على ضوء وصول تيارات إسلامية إلى رأس السلطة في بعض البلدان مع ما يتبع ذلك من احتمال بروز أجندات ورؤى جديدة لدى بعض شركاء الاتحاد الأوروبي. في حين ركز تدخل الكاتب الصحافي الموريتاني، عبد الله ولد أباه، على شرح كلمة «أوروبا». وقال: «عندما نبحث عن أوروبا نجدها مجرد فكرة»، مشيرا إلى أن أوروبا الآن مشغولة بالأزمة وليس بالثورة، ونحن «نريد أوروبا الكونية وليس أوروبا المنعزلة».