«مجاهدو الجزائر» يطالبون برد الجميل

بعد 50 سنة من الاستقلال

TT

يوجه المحاربون القدامى في حرب استقلال الجزائر من الاستعمار الفرنسي، انتقادات شديدة إلى الحكام الحاليين ويتهمونهم بعدم رد الجميل لما قاموا به وخنق الحريات التي قاتلوا من أجلها.

وقال «المجاهد» (التسمية الرسمية للمقاتلين القدامى) عبد المجيد عزي: «لقد انتزعنا الاستقلال وما زلنا ننتظر الحرية». وينتمي عبد المجيد عزي إلى ما كان يعرف بالولاية التاريخية الثالثة في منطقة القبائل الجبلية التي كانت أحد المعاقل المهمة لجيش التحرير الوطني الجزائري. وأضاف عزي: «كنا نظن أن الجزائر ستصبح بلدا ديمقراطيا حيث يعبر المواطنون عن آرائهم بحرية، (كما) تم تهميش الرجال الذين حملوا السلاح ضد فرنسا والشعب الذي تحمل عبء الحرب». وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية فإنه لم يشغل الكثير من الوجوه البارزة في حرب الاستقلال مناصب سياسية مهمة بعد 1962، بسبب الصراعات حول السلطة بين قيادة الأركان العامة وقيادة جيش التحرير الجزائري المتمركزة على الحدود الشرقية مع تونس، والغربية مع المغرب، وكذلك الحكومة الجزائرية المؤقتة التي قادت المفاوضات مع فرنسا.

وتابع عزي: «حدث انقلاب عسكري (غداة الاستقلال) نزع الشرعية من الحكومة المؤقتة ومذ ذاك يسيطر الفريق نفسه (قيادة الأركان) على السلطة في البلاد بعد أن خطف استقلال الجزائر». وتذهب «المجاهدة» لويزات ايغيل احريز في الاتجاه نفسه، مؤكدة أنه بعد نصف قرن من الاستقلال، «البلد يعيش سوء التسيير والفساد». وأوضحت ايغيل احريز التي تجاوزت الـ70 من العمر واشتهرت في سنة 2000 بإعادة فتح ملف التعذيب خلال حرب الجزائر (1954 - 1962) أن الحديث عن تأثير المجاهدين في مراكز القرار «مبالغ فيه»، وقالت: «لا أعتقد أن للمجاهدين نفوذا كبيرا، فلا يتم استشارتهم إلا نادرا عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات مهمة تخص مستقبل البلاد». وكانت المجاهدة المعروفة، خصوصا في العالم العربي، جميلة بوحيرد، أثارت ضجة في أبريل (نيسان) عندما تحدثت عن عجزها عن دفع تكاليف علاجها كما هي الحال بالنسبة للكثير من المحاربين القدامى الذين يتقاضون «راتبا ضئيلا» لا يكفيهم للعيش. وكانت بوحيرد من أبطال حرب الجزائر، بعثت برسالة إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في 2009 اشتكت فيها من معاناة «مجاهدين مشهود لهم لم يستفيدوا من أي امتيازات»، وأن «المبلغ الذي يتقاضونه لا يمكن أن يصل إلى الرواتب الكبيرة التي يحصل عليها النواب وأعضاء مجلس الأمة، وكذلك أنتم وحاشيتكم التي تحيط بكم».

ويتقاضى المحاربون القدامى نحو 45 ألف دينار (450 يورو) شهريا، كما يستفيدون من امتيازات أخرى كالأسبقية في العمل والسكن والرخص لاستيراد السيارات مرة كل 5 سنوات من دون دفع الحقوق الجمركية. وبحسب المنظمة الوطنية للمجاهدين فإنها تضم في صفوفها 100 ألف عضو لا يزالون على قيد الحياة. وتعد المنظمة المقربة من السلطة من أهم أفراد «الأسرة الثورية»، وهي التسمية التي تطلق على الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية التي تعتبر نفسها وريثة «ثورة أول نوفمبر (تشرين الثاني) 1954». وكان المسؤول السابق في وزارة العدل، بن يوسف ملوك، أثار عام 1992 قضية «المجاهدين المزيفين» الذين زوروا الوثائق للحصول على امتيازات. ويتراوح عددهم بحسب الصحف ما بين 10 آلاف و20 ألفا.