كاميرون يلوح بالاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي

قال إن ترك «الاتحاد» لن يكون في صالح البلاد.. والبقاء فيه له مساوئ عميقة

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يتحدث خلال مؤتمر صحافي في اليوم الثاني من قمة الاتحاد الاوروبي في بروكسل (أ. ب)
TT

كشف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن أنه يفكر في إجراء استفتاء حول علاقة بلاده بالاتحاد الأوروبي في الوقت المناسب، مشيرا إلى أن هذا الاستفتاء لن يكون تصويتا سهلا على البقاء في الاتحاد أو الخروج منه. وكتب في تعليق نشرته صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية: «ترك (الاتحاد) لن يكون في صالح بلادنا، كما أن البقاء فيه ستكون له (مساوئ عميقة)».

وقال كاميرون: «إن كل المحاولات الأخرى لتغيير علاقة بريطانيا بأوروبا ستقابل بصيحات أبداها الشعب البريطاني بالفعل». ويخضع كاميرون لضغوط متزايدة من حزبه حزب المحافظين المتشكك تجاه أوروبا إلى حد كبير لإجراء استفتاء حول العلاقة مع الاتحاد الأوروبي. وكان نحو مائة برلماني من حزب المحافظين قد كتبوا إليه لمطالبته بأن يكون إجراء استفتاء حول علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي خلال البرلمان المقبل التزاما قانونيا. كما يطالبون بإعادة التفاوض بشأن شروط العلاقة، بما في ذلك استعادة السلطات والإعفاء من بعض القواعد، فيما يريد كثيرون الانسحاب من التكتل.

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن زعيم المحافظين «يفتح الباب» أمام احتمال إجراء استفتاء، وإنه يسعى إلى طمأنة البرلمانيين المتشككين تجاه أوروبا.

وأوضح كاميرون أن السوق الواحدة بين دول الاتحاد الأوروبي «تأتي في القلب من قضية الاستمرار في الاتحاد الأوروبي»، مضيفا: «ونظرا لأن بريطانيا دولة تجارية فإنها بحاجة إلى الوصول بلا قيود إلى الأسواق الأوروبية وإلى أن يكون لها رأي في كيفية صياغة قواعد هذه السوق». ولكنه أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي انطوى على «تكاليف كثيرة للغاية، وبيروقراطية مفرطة للغاية، وقدر كبير للغاية من التدخل في أمور تخص الدول الأعضاء أو المجتمع المدني أو الأفراد». وقال إنه يتعين على بلاده قبل إجراء أي استفتاء على علاقتها بالاتحاد الأوروبي أن تبدي «صبرا تكتيكيا واستراتيجيا» خلال أزمة اليورو الحالية، وأن تحدد أيضا بالضبط ما تريده من أوروبا، مشيرا إلى ضرورة أن يكون أمام الشعب «اختيار حقيقي».

إلى ذلك، ستقع على عاتق قبرص التي تولت أمس لستة أشهر الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، مسؤولية إنقاذ منطقة اليورو من الفوضى المالية، في حين طلبت الجزيرة من بروكسل وصندوق النقد الدولي خطة مساعدة لدعم مصارفها.

ويتوقع أن يصل مسؤولون في المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع إلى قبرص لتقييم وضع النظام المصرفي والمال العام على الجزيرة المتوسطية.

والهدف هو تحديد الحاجات المالية لقبرص، العضو في منطقة اليورو منذ يناير (كانون الثاني) 2008، والإصلاحات الواجب تطبيقها. والوضع معقد لأن على قبرص تنظيم النقاشات حول موازنة الاتحاد الأوروبي للسنوات السبع المقبلة، ومعالجة وضعها الاقتصادي المضطرب في آن، بحسب المحللة المالية فيونا مولن.

وقالت مولن: «سيكون من المحرج لأي بلد تولي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي والطلب في الوقت نفسه المال من شركائه».

وتابعت أن الشروط للحصول على مساعدة أوروبية ستكون صعبة جدا، لأن الحكومة ماطلت قبل اتخاذ تدابير لتصحيح حساباتها. وعلى قبرص «توفير» 200 مليون يورو عبر رفع جديد للضرائب والاقتصاد للتحقق من أن عجز الموازنة يرتفع من 6.3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي في 2011 إلى أقل من 3 في المائة هذه السنة. وأكدت الحكومة أنها لن تمس بضريبة الـ10 في المائة المفروضة على الشركات، التي تعد نسبة منخفضة جدا داخل الاتحاد الأوروبي وتسمح بجذب عدد كبير من الشركات الأجنبية. وسيحاول المسؤولون الأوروبيون خفض النفقات العامة وإصلاح مؤشر نظام الأجور ومراقبة البنوك التعاونية بشكل أفضل بحسب مولن.

وفي موازاة ذلك يسعى الرئيس القبرصي ديمتريس خريستوفياس إلى الحصول على قرض من روسيا أو الصين لتخفيف القيود المفروضة من الاتحاد الأوروبي. وللعام 2012 حصلت نيقوسيا من موسكو على قرض بقيمة 2.5 مليار يورو. وتأثرت قبرص، خامس دولة في منطقة اليورو التي طلبت مساعدة من الاتحاد الأوروبي، بشكل كبير بالأزمة اليونانية. وتملك مصارف قبرصية عدة كميات كبيرة من السندات السيادية اليونانية التي تراجعت قيمتها كثيرا.

وقبرص التي خفضت وكالات التصنيف الثلاث الرئيسية درجة تصنيفها، باتت عاجزة عن تمويل نفسها في الأسواق الدولية للديون. ويقدر محللون حاجات قبرص، ثالث أصغر اقتصاد في منطقة اليورو، بنحو 10 مليارات يورو. وستحتاج الحكومة إلى 2.3 مليار يورو على الأقل لإعادة رسملة أكبر مصرفين على الجزيرة «مارفن بوبولار بنك» و«بنك أوف سايبرس».

وقال خبير الاقتصاد كوستاس ابوستوليدس إن إجراءات التقشف التي تتوقعها وكالات التصنيف الدولية ستدفع بقبرص إلى وضع سلبي. وأضاف أن «بلدا يشهد انكماشا لا يجري اقتطاعات في الموازنة».

لكن على قبرص ألا تخجل من اللجوء إلى آلية الدعم الأوروبي الهادف إلى «المساعدة على مواجهة الأزمة التي تعصف بالدول الأعضاء». وفي رأيه تقدمت قبرص بطلب للحصول على قرض من الخارج سيعزز موقعها في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.

وحاول وزير المال فاسوس شيارلي تبديد مخاوف القبارصة الذين تأثروا بزيادة الضرائب وبنسبة بطالة مرتفعة غير معهودة على الجزيرة تقدر بـ10 في المائة. وفي حين سجل الاقتصاد انكماشا بنسبة 1.6 في المائة خلال الفصل الأول من السنة من المحتمل أن يضطر سكان الجزيرة إلى الخضوع لخطة تقشف مماثلة لتلك المطبقة في اليونان.