العاصمة الأميركية تغرق في الظلام

عواصف رعدية قوية تحرم ملايين المنازل من الكهرباء

سيارة مايك وولف تحت شجرة سقطت أمام منزله بعد عاصفة شديدة في فولز تشيرش بولاية فيرجينيا (أ.ف.ب)
TT

أمضى مئات الآلاف من سكان منطقة واشنطن، الذين يواجهون احتمال العيش من دون كهرباء لعدة أيام، يوم السبت في سحب الأشجار المتساقطة من الأفنية والشوارع، والتنزه في حمامات السباحة ودور السينما، باحثين بلا جدوى عن محطات بنزين أو منافذ لشحن هواتفهم الجوالة.

ضربت سلسلة من العواصف الصيفية العاتية المنطقة شديدة الحرارة عشية الجمعة، تاركة 1.3 مليون منزل وشركة من دون كهرباء، ومتسببة في سقوط خمس ضحايا على الأقل. سقطت أشجار على سطح منزل امرأتين مسنتين، ولقي سائقان مصرعهما وهما داخل سيارتيهما جراء سقوط أشجار، وتعرض رجل لصعق كهربي بخط طاقة كهربائية منهار. وقد فقد رجل انقلب قاربه في خليج تشيسابيك ويعتقد أنه قد غرق.

ومع توقع هبوب المزيد من العواصف الرعدية عشية السبت وطقس أشد حرارة أمس، أعلنت حالة الطوارئ في ولاية ميريلاند وفيرجينيا ومقاطعة كولومبيا. وهرعت سيارات الطوارئ وفرق الإنقاذ لإزالة الأنقاض من مئات الطرق وتأمين خطوط الكهرباء المنهارة وإعادة الكهرباء إلى المستشفيات ودور الرعاية الصحية وغيرها من المرافق الحيوية الأخرى.

وفي ظل معاناة المنطقة من يوم ثان ارتفعت فيه درجات الحرارة عن 100 درجة، قالت شركات الطاقة إن الأمر قد يحتاج إلى أسبوع قبل أن تعود الكهرباء إلى جميع المنازل مجددا. وقد افتتح مسؤولو ولايات ومسؤولون محليون حمامات سباحة ومكتبات عامة ومراكز ترفيهية خاصة، كما نصحوا الناس أيضا بالمحافظة على المياه ومساعدة جيرانهم الذين ربما يكونون معرضين بشكل خاص للحرارة. وكان المتوقع أن تصل درجات الحرارة يوم الأحد إلى أكثر من 90 درجة.

في فيرجينيا، صرح حاكم الولاية، روبرت ماكدونل (الجمهوري) للحرس الوطني بالمساعدة في إزالة الأشجار وضبط المرور. وقال: «هذا موقف خطير جدا بالنسبة لفيرجينيا».

ووصف حاكم ولاية ميريلاند، مارتين أومالي (الديمقراطي) الطقس المشؤوم بأنه «حدث تاريخي». وأضاف: «اعتن بنفسك، وإذا كان بمنزلك كهرباء وتكييف هواء، فاعتن بأحد جيرانك».

قال مسؤولو طوارئ بالحكومة الفيدرالية إن العواصف قد ألحقت دمارا بولايات أوهايو وكنتاكي وبنسلفانيا وويست فيرجينيا، وأعلنت «أسوشييتد برس» عن 13 حالة وفاة جراء العاصفة عبر شرقي الولايات المتحدة. وصرح البيت الأبيض بأن الرئيس أوباما قد تحدث مع أومالي وماكدونل وحاكمي أوهايو وويست فيرجينيا لتلقي معلومات جديدة.

وبسبب الدمار الذي ألحقته العاصفة بمحطات تنقية المياه المحلية، فقد وضعت لجنة الصرف الصحي للضواحي قواعد إلزامية خاصة باستخدام المياه يوم السبت تلزم بها جميع المنازل والشركات في مقاطعتي مونتغومري وبرنس جورج. وقد طلبت من السكان التخلي عن ري الحشائش وغسل السيارات والملابس، حتى تنظيف المراحيض كلما أمكن.

نصح مرفق مياه فولز تشيرش المستهلكين في أجزاء من تيسونز كورنر وفيينا ودان لورينغ وميريفيلد باستخدام مياه الصنابير المغلية في الشرب أو الطهي كإجراء وقائي.

هبت الرياح غير المتوقعة سريعة الحركة من شمال غربي فيرجينيا وميريلاند عشية يوم الجمعة، واكتسحت جهة الجنوب الشرقي متجهة نحو خليج تشيسابيك. اكتسحت الرياح العاتية عشرات الأحياء بالمنطقة، مما تسبب في سقوط أمطار وبرق ومض بشكل مخيف.

بعدها، وبشكل مفاجئ، مرت الرياح القوية وعاد الظلام مجددا. تحسس السكان طريقهم مستخدمين كشافات كهربائية عندما أدركوا انقطاع الكهرباء، أو خرجوا إلى الساحات والطرق التي تتبعثر فيها أفرع الأشجار. بالنسبة للكثير من المنازل، كان الضرر أسوأ بكثير. وبالنسبة لخمسة أفراد محليين على الأقل، كان الضرر مميتا.

في سيلفر سبرينغ، لقيت سيدة عمرها 71 عاما، لم تتمكن الشرطة من التعرف على هويتها، مصرعها عند اختراق شجرة سقف منزلها لتسقط عليها وهي نائمة في فراشها، حسبما أفادت شرطة مقاطعة مونتغومري.

وفي سبرينغ فيلد، ذكرت الشرطة أن سيدة مسنة لقيت مصرعها في فراشها عند سقوط شجرة على سقف منزلها. وقد ذكر أحد الجيران يوم السبت أنه قد هرع إلى الخارج لتقديم المساعدة، لكن ذلك الجزء من منزلها انهار على الفور. ولم تتمكن الشرطة من اكتشاف هوية السيدة التي كان عمرها 90 عاما. وعلى مقربة، لقي رجل حتفه عندما سقطت شجرة على سيارته في طريق أولد كيني ميل.

وفي المقاطعة، قال مسؤولو بيبكو إن رجلا مجهول الهوية قد لقي مصرعه في شمال غربي المنطقة بعد أن لمس سلكا كهربائيا. وفي مقاطعة آن أرونديل، لقي شاب عمره 25 عاما من إدج ووتر مصرعه بعد سقوط شجرة على سيارته.

وفي شاطئ تشيسابيك، انقلب قارب صغير في خليج تشيسابيك في وقت متأخر من يوم الجمعة، وسقط خمسة أشخاص في البحر. وتمكنت فرق الإنقاذ من العثور على أربعة منهم ما زالوا على قيد الحياة، لكن لم يتم العثور على خامسهم، ويدعى أنجيل أيالا كيروس (28 عاما) من الإسكندرية، وواصلت فرق البحث والإنقاذ عملها يوم السبت، لكن شرطة الولاية أشارت إلى احتمال أن يكون قد غرق.

كانت هناك عمليات إنقاذ خارقة أيضا؛ فقد انفجرت مقطورة في مواجهة خط السكة الحديدية على جسر خليج تشيسابيك عشية الجمعة، على الرغم من أنه قد تم إغلاق الجسر لمدة أربع ساعات.

استشعر ماريو غراندي (43 عاما) هبوب العواصف وسارع بصعود السلم، حيث كان طفلاه نائمين في منزله في غاريت بارك، وقد أمسك بابنته البالغة من العمر 10 سنوات، ثم ذهب لإحضار ابنه سام البالغ من العمر 8 أعوام، لكنه لم يكن يرغب في مغادرة فراشه.

قال غراندي: «رقدت بجواره لمدة دقيقة محاولا الحديث إليه. في تلك اللحظة، اخترق جزء من شجرة قطره نحو 10 بوصات السقف وسقط على فراشه وثقب وسادته ودماه المحشوة واستقر بجانبي». وأشار إلى أن الصبي لم يصب بأذى، وهبط أفراد الأسرة السلم بسرعة وجلسوا القرفصاء حتى انتهت العاصفة».

قطعت البث التلفزيوني والإذاعي مساء الجمعة تحذيرات تتعلق بالسلامة العامة عن الأمطار الغزيرة والرياح العاتية، غير أن كثيرين كانوا خارج منازلهم عند هبوب العواصف.

كانت تريشيا بيرمان تصطحب كلابها في نزهة في سبرينغ فيلد عندما هبت عاصفة بشكل مفاجئ. تسترجع ما حدث وهي تهز ذراعيها بغضب قائلة: «فجأة عصفت الرياح العاتية».

سجلت خدمات الأرصاد الجوية أن سرعة العواصف بلغت 80 ميلا في الساعة بالقرب من فريدريكسبيرغ و76 ميلا في الساعة في سيت بيلزانت.

ألحقت العواصف ضررا هائلا بالنقل؛ فقد تعطلت خدمة قطارات «متروريل» في عدد من الطرق حتى صباح السبت. وظلت خدمة «أمتراك» معلقة بين واشنطن وفيلادلفيا حتى ظهيرة السبت، وكان هناك طريق واحد فقط مفتوح بين واشنطن العاصمة وبالتيمور في المساء.

وفي صبيحة يوم السبت المشمس، خرج السكان لمعاينة مرائب السيارات والباحات المنبعجة، ولسحب أفرع الشجر من الطرق. وعندما أدركوا أن الثلاجات وأجهزة شحن الهواتف ومكيفات الهواء لن تعود إلى العمل مجددا عما قريب، بدءوا في البحث عن بدائل.

تشير تقديرات مسؤولي شركات الطاقة إلى أن 1.3 مليون منزل وشركة كانت من دون كهرباء في صباح السبت، ومن المتوقع أن تستمر كثير من حالات انقطاع التيار الكهربي عدة أيام. وعشية السبت، أشارت شركة «بالتيمور للغاز والكهرباء» إلى أن هناك نحو 379.000 مستهلك من دون كهرباء، ومن جانبها، أشارت شركة «دومينيون فيرجينيا باور» إلى وجود نحو 349.000 شخص من دون كهرباء، بينما أشارت «بيبكو» إلى وجود أكثر من 387.000 مستهلك من دون كهرباء.

في أحد أحياء شمال غربي واشنطن، أزال إيفور بريتشارد (60 عاما) أفرع الأشجار. وقال إن زوجته، التي تعمل محامية، قامت بحفظ وجباتهم المجمدة في ثلاجة مكتبها.

أشارت بعض دور السينما إلى أنها قد استقبلت جمهورا يفوق عدده المتوقع في الحفلات النهارية يوم السبت. بدأ أصحاب سوق «واغشال» في الشمال الغربي، الذين لا يملكون كهرباء لتشغيل الثلاجات والمجمدات، في طهي الأطعمة وبيعها بشكل فوري

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»